Home»Débats» » خناديق وُجْدية ! على من تقع المسؤولية؟ »

 » خناديق وُجْدية ! على من تقع المسؤولية؟ »

0
Shares
PinterestGoogle+

الدكتور محمد بنيعيش

كلية الآداب والعلوم الإنسانية وجدة
تمر السنين والأعمار وتستمر الحركة والمسير ولكن لا يتحرك الضمير ! لماذا وكيف ومتى وأين ؟لست أدري !
ولكن الذي نعلمه :هو أن قيمة ازدهار أمة ورمز حضارتها ورقيها وحركة تجارتها ومختبر صناعتها تكون بقيمة طرقها وشبكتها وتعبيدها وسهولتها.هكذا قال رواد الفكر والحضارة وراصدو التاريخ وتداول الأيام بين الأمم.فإما أن تكون طريق الحرير أو طريق البغْرير بألف حفرة وحفيرة ،ومع هذا فهو صالح للأكل والاستهلاك والإهلاك.ومن لم يحب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر.
ونحن في بلدنا المغرب الحبيب قد نجمع بين الطريقين بالرغم من المجهودات الجبارة التي تقوم بها الدولة وعلى رأسها ملك البلاد محمد السادس ،الذي أبى إلا أن يدخل هذا الوطن إلى عهد الحداثة والتطور والجمال في المنظر والمخبر شكلا ومضمونا ،وهذا أمر ملحوظ لا يحتاج إلى مزايدة أو انتقاص،منذ بداية العهد الجديد ،مع ما تلاه من طرق سيارة ومعالم إنارة وحدائق ترفيه وبنايات رسمية ترمز إلى الأصالة وترسيخ المعاصرة بالمفهوم الوطني وليس الحزبي الضيق.
فمغرب اليوم ليس هو ما قبل الألفين ،رضي من رضي أو كره من كره، بالرغم من النقائص والمعوقات والتناقضات .ولكن حينما ننظر بمنظار آخر نجد أن الأمر قد يختلف عن الرؤية الأولى الوردية والبلورية الشاطئية ،وخاصة حينما نتعمق في الأحياء الفقيرة والمتوسطة أو التي هي طريق مرور الطبقة الغنية والمترفهة ،حيث الجمال يتحول إلى بؤس والعرس إلى مأتم والحرير إلى بغرير،فتكثر السقطات ويتفلت الزمام فتقع الآفات والانحرافات ،انحرافات الطرقات وانحرافات عنها بنفسها ،أي بحكم الرياضيات:سلبيات +سلبيات= سلبيات.كنتيجة منطقية وعالمية تهدد معايير الحضارات واطراد تقدمها.
ومن حيث الحكم الشرعي فقد دلت النصوص القرآنية والحديثية على هذا المعنى باعتباره من أولى الأولويات لحماية الوطن والمواطن وتحقيق تواصل الحاكم والمحكوم ،كمثل قول الله تعالى: »اهدنا الصراط المستقيم « ، »وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا ،فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ، ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ».كما ورد في الحديث النبوي الشريف: » الإيمان بضع وسبعون شعبة فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان « .
وما بين ثنايا الآيات والحديث دلالة واضحة وراقية لتحديد الأولويات والسلَّم المنطقي والعلمي لبناء الحضارات وتأسيس استقرار الأمم والمجتمعات.بحيث لا يمكن الوصول إلى القمة إلى عن طريق القاعدة ،وهذه القاعدة كما نص عليها الحديث هي إماطة الأذى عن الطريق ،أي ،بالمعنى العام والدقيق، تعبيدها وتحقيق سلامتها لكي يتسنى الوصول إلى معنى التوحيد الخالص وتذوق أسراره ،إذ كيف تعيش هذا المعنى وأنت منهك قلق مستفز وهش ،أو كئيب ومعصوصب ،من داخل رأسك وخارجه؟.
فالطريق قبل الوصول والاستقرار قبل بناء الدار،والتعبيد قبل المعاهد والمعابد…وإلا فات القصد وضاعت الحكمة وبذر المال ومجهودات الرجال.والسائق الماهر قبل الراكب والمركوب:
يصحب شيخا عارف المسالك يقيه في طـــــــــريقه المهــــالـــــــك
فكم من شاحنة محملة بالخيرات قطعت المسافات فانقلبت عند مدخل مدينة أو مشارفها بفعل الحفر والثغرات،وكم من مريض مات في سيارات الإسعاف بسبب ارتجاج الطرقات وسرعة السائقين لاستدراك الأمر وتحصيل الغايات،وكم من سيارة تصادمت مع أخرى عند مفترق الطرقات وتفادي الحفر المهلكات،وكم عربات جديدة تكسرت وتشتت مساميرها عن طريق القفز على الخنادق والسواقي في الممرات المسماة زعما بالحضرية وما هي كذلك …كل هذا نتيجة عدم إماطة الأذى عن الطرقات والتهاون في قوة الرص والإتقان عند تعبيدها أو إعادة تزفيتها ،سرعان ما يتعرى الغش وتعود حليمة إلى عادتها القديمة .
هذا الأمر قد يلاحظه الجميع ويشتكي منه، ولكن لا أحد يحرك ساكنا أو يحض على حماية حياة مسكين قبل إطعامه ،لأن عدم حفظنا لها من المهالك والمعاطب قد تؤدي إلى الحرمان من الطعام والحركة معا.لكن الذي دفعني لأكتب في هذا الأمر ،من باب النصيحة وكمواطن عادي غيور على وطنه ومجتمعه ،هو هذا الكم الهائل من الحفر الغائرة التي عرفتها وتعرفها مدينة وجدة منذ فترة طويلة ،وعند محطات حضرية مركزية بالدرجة الأولى وأمام مؤسسات علمية ودينية كبرى ،قد كان من المفروض احترامها وإبرازها في ثوب لائق بدورها الحسي والمعنوي في تأطير المجتمع والدولة معا.
بحيث هناك حفر خندقية أصبحت معهودة عند المارة ،قد تحسب الحركة المرورية بها بالثانية والدقيقة ،نظرا لكثرة ارتيادها ومن طرف أطر عليا مسؤولة وفاعلة كما يقولون ،وتوجد أمام مؤسسات نموذجية وتربوية حضارية وحضرية كان من المفروض أن تعطي المثال في الانضباط والتقنية والهندسة والرياضيات والطب وتهذيب النفوس بالتربية والعبادات.
وكمثال على هذا التقطت واخترت هذه الصورة لخندق كبير يتوسط مؤسستين كبيرتين وعلميتين ورمزيتين في آن واحد.وهي كلية الطب والصيدلة من جهة وبالمقابل ثانوية سيدي معافى من جهة أخرى .وكلصيق بالخندق يوجد ما يعرف بالضوضان(dodane route (المشوه للمدن والمعرقل للسير بامتياز.بحيث من هذا الضوضان مباشرة تقع في خندق قد تتكسر معه هياكل السيارات وعظام السائق ويرتج مخه وبطنه حتى يصاب بالإسهال الحاد.فهو، أي المار العابر،إما أن يتجه إلى كلية الطب للتطبيب المادي أو ثانوية سيدي معافى للتطبيب الروحي تفاؤلا ،اللي زاروا يتشافى ،كما يردد عامة ساكنة وجدة في زعمهم.

فلو أن سكان الفضاء رصدوا هذه الحفرة ،التي لها نظيراتها قد لا تعد ولا تحصى ،لحكموا بأن هذه المنطقة برُكانية وغير قبالة لأن تكون مأهولة بالسكان.ونفس الشيء نجده عند أرصفة بعض المساجد التي بني بعضها بالملايير زركشة وزخرفة ونقشا ولكن عند الباب تجد خنادق وحفرا لا تستطيع أن تمر بها راجلا فكيف راكبا،وكأننا في غزوة الخندق نتقي بها شر الأعداء، ولا أحد من القيمين ولا المسؤولين الكبار أو الصغار من يحرك ساكنا حول الأمر ،قد بقي الأمر هكذا لعدة شهور وبل تجاوز السنة إلى أن رقع ترقيعا مبرّصا مكوّما،يخلط بين اللون الأسود والرمادي .قلت لأحد التجار المجاورين للمسجد بوادي الذهب لازاري :هذا شيء مؤسف ومسيء لموقع المسجد والمصلين معا فلم لا تتقدمون بشكاية حول الموضوع؟ – قال لي: لا جدوى في ذلك ،فها هنا يسكن أحد النواب ،لست أدري هل برلماني أو جماعي ،كثرت نياباتهم وأنيابهم،قد طرحنا عليه الموضوع فأجابنا بأننا لا يمكن لنا أن نطرح المسألة هكذا خشية أن تضيع منا الميزانية المقبلة أو كلاما كهذا لا أحسن دروبه ودهاليزه.بحيث كلما طرح موضوع إصلاحي فقد يعلق على شماعة الميزانية ،هل العامة أو الخاصة أو خاصة الخاصة !. إذ يمثل هذا المبرر عيبا كبيرا في التسيير الإدراي الذي ليست له القدرة على رصد الميزانيات المجزأة بحسب المصالح والتخصصات،فلو وزعت بهذا الشكل ، في نظري ،فستتحدد المسؤولية من غير غبار على الجهة الوصية عن الموضوع…
فإذا عرجنا من الجامع نحو الجامعة وجدنا دوارها أو مفترق الطرق فيها rond-point) ) كله تلال وهضاب ومنحدرات ومنعرجات ،تمر بها وكأنك في حديقة الألعاب التي يشد فيها الحزام ويكثر الصراخ والصفير.فلا تشعر بالأمان حتى تقطع الدائرة (الكسكسية بسبعة خضاري)،فهل هذا عيب في الهندسة أم في الترصيص والتزفيت أم أن المارة أقدامهم أقدام الفيلة،لست أدري؟.
هذه ملاحظات عابرة أملاها علي ضميري لأنبه من يهمهم الأمر، غيرة على وطني وجماله وحضارته وشفقة على ساكنة وجدة الشرفاء والكرماء الذي يستحقون كامل الاحترام والعناية وجبر الخواطر ،لأنهم أهل أصالة ودين وعرفان جميل : »والله جميل يحب الجمال » وبه التوفيق وبلوغ المرام والكمال.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *