Home»Débats»أريد زوجا حتى لو قتلني

أريد زوجا حتى لو قتلني

3
Shares
PinterestGoogle+

أحمد الجبلي

إذا كانت الصحة تاجا فوق رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى، فإن امتلاك زوج تاج فوق رؤوس النساء لا تراه إلا الشاعرة الإسبانية روساليا دي كاسترو.
روساليا دي كاسترو شاعرة إسبانية ولدت من أبوين مجهولين، وعاشت تعاني من عقدة فقدان الهوية، فضلا عن كونها عاشت بدون زوج، وكل من حولها كان يريدها عشيقة، وهي لا تريد ذلك، إذ كانت تريد زوجا شرعيا يملأ عليها حياتها ويعينها على مشقة الحياة ومتطلباتها.
امتازت أشعارها بطابع الحزن والأسى لأنها ظلت طول حياتها تبحث عن حياة كريمة لكن دون جدوى، من أحزن أشعارها قصيدتها المثيرة  » أنشودة حب » تطلب فيها من القس رجلا أيا كان هذا الرجل تقول فيها:
أيها القديس..
هب لي زوجا
حتى ولو قتلني
حتى لو سحقني
قديسي
هب لي زوجا ودودا
حتى ولو كان في حجم حبة الذرة
هبه لي يا قديسي
حتى ولو كان به ضِلع في كلتا رجليه
ومقطوع اليدين
فإن امرأة بلا رجل
هي جسد بلا روح
عيد بلا حنطة
عصا رديئة
حيث تمضي
هي جذع مبتور
لكن حين يكون ثمة زوج
يا عذراء الكارمن
لا تقبل الدنيا لكي يستريح الإنسان
فإنه من الحسن دائما أن يكون ثمة رجل
كي يكون معينا حتى ولو كان أضلع
أو معوج الساقين..
وبعد هذا يبلغ الإحساس بالضياع ذروته.. فتصرخ الشاعرة:
أيها القديس..
هب لي زوجا حتى ولو قتلني
حتى ولو سحقني
فإنه من الحسن دائما أن يكون ثمة رجل كي يكون معينا
حتى ولو كان أضلع
أو معوج الساقين!!
إن مأساة هذه السيدة الشاعرة ترجمت، في حقيقتها، معاناة آلاف النساء، بل ترجمت صوت الفطرة الذي أوجب أن يكون لكل امرأة زوج يحميها ويصونها ويملأ بيتها بأبناء شرعيين يحققون لها سليقة الأمومة، ويلبي لها ما جعله أبراهام ماسلو في قاعدة هرمه من متطلبات إنسانية فيزيولوجية تحقق لها الاستقرار النفسي فتشعر بطبيعتها وبأنها امرأة كسائر النساء.
إن مأساة الشاعرة « روساليا دي كاسترو » لازالت تتكرر يوميا في عالمنا العربي، فهذه سيدة مصرية تخرج إلى الشارع وتصرخ بأعلى صوتها: « أريد زوجا بدون مهر ولا شقة » وأخرى من الكويت تصيح:  » أريد زوجا حتى ولو كان فاسقا » وثالثة من البحرين: » أريد زوجا حتى ولو كان متزوجا » ورابعة وخامسة وسادسة…
ومن نيجيريا صدحت حناجر ثمانية آلاف امرأة « نريد رجالا » في مسيرة حاشدة تقودها جمعية « زمفارا للأرامل » فتقول إحداهن من داخل المسيرة:  » نحن كنساء لدينا كرامة، ولكن هذه هي الطريقة لنعلم الحكومة بمحنتنا، أليس من المشين أن يكون هذا الحشد من النساء غير متزوجات لاسيما ومعظمهن في سن الإنجاب » وتقول أخرى:  » ستكون هناك عواقب إذا ترك المجتمع النساء لتلبية احتياجاتهن بأنفسهن » وتقول إحدى المتظاهرات والتي عرفت نفسها ب » أسماوي دان زاريا » : « إنهن تحتجن إلى أزواج لتصبح حياتهن كاملة..لأنهن يعشن حياة غير طبيعية ».
ونظرا لاستفحال هذه المعضلة، تدخلت بعض الحكومات على الخط لإيجاد حل، من ذلك ما ذكرته صحيفة « ديلي ميل » البريطانية سنة 2016 حيث ذكرت أن الصين فرضت عقوبات شديدة على من يرفض الزواج مرة أخرى، فمثلا في مدينة « دون جوان » الصينية والتي يبلغ عدد النساء بها ثلاثة أضعاف الرجال مما جعل الدولة تدعو الرجال إلى الزواج من ثلاث نساء لحل هذه الأزمة.
أما في إريتريا والتي تقع فى شرق إفريقيا فقد أجبرت الحكومة هناك الرجال على تعدد الزوجات، والارتباط بزوجتين على الأقل، على أن تتكفل الدولة بكل مصاريف الزواج والسكن، وجاء هذا القرار من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية. كما شددت حكومة إريتريا على أن الرجال الذين يرفضون الزواج بأكثر من امرأة سيتعرضون لعقوبة السجن مدى الحياة، وفى حالة رفضت الزوجة الأولى ذلك فستتعرض هي الأخرى لنفس العقوبة.
ويرجع السبب فى هذا القرار من الحكومة الإيرترية إلي زيادة نسبة العنوسة مع زيادة تعداد الإناث، وهجرة نسبة كبيرة من الشباب الذين يعملون فى الخارج ويتزوجون بأجنبيات، بل وأيضا بسبب الحرب الطويلة مع إثيوبيا.
وأما بعض الدول الغربية، كمعالجة للقضية، فقد لجأت إلى إغراء الأجانب والمهاجرين الذين يفدون عليها كي يتزوجوا من نسائها كإيطاليا وروسيا والبرتغال وأرمينيا وإستونيا ولاتفيا وإسلندا التي خصصت مبلغا قدره 5000 دولار لكل مهاجر يرغب في الزواج من إحدى الإسلنديات كمعالجة حكومية لما تعانيه النساء هناك من عنوسة.
وأما في الدول العربية فقد أريد للمعضلة أن تستمر فحولتها جهات مجهولة إلى نزاع يتخذ بعدا دينيا أحيانا، وأبعادا أخرى تتخذ من الحرية والمساواة غطاء لها، وفي خضم هذه الصراعات ستظل المرأة العربية تصرخ وتصرخ » أريد رجلا » إلى أن يتملكها اليأس فتتحول إما إلى كائن بلا إحساس لأنها دفنت في أحشائها كل الرغبات الفطرية التي فطرها الله عليها، وإما إلى بائعة هوى تحقق رغباتها بطرق غير شرعية، أو أما عازبة لرغبتها في تحقيق فطرة الأمومة حتى تحصل على ابن ولا يهم من يكون أبوه…وهذا بالضبط ما أريد لمجتمعاتنا العربية، أي أن تفقد البوصلة وتسير في اتجاهات أقلها خطورة تحويلها إلى مصحات نفسية تعج بالمرضى الذين فقدوا طعم الإحساس بالوجود، كما فقدوا الثقة في دولهم التي من المفروض أن تنظر إلى مشكلتهم تماما كما تنظر إلى البطالة والفقر والأمية كمشاكل لابد لها من حلول.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

4 Comments

  1. عكاشة أبو حفصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة .
    01/03/2019 at 11:17

    أستاذي الفضل أحمد الجبلي ، السلام عليكم .

    أنا أيضا أصرخ بأعلى صوت أريد زوجة بكر أو ثيب أرملة أو مطلقة تحترم الميثاق الغليض الذي يبرم تحت انظار العدول باعتباره من أقدس العقود المبرمة بالزواج والمصاهرة المباركة من الله تعالى . والسؤال الذي يتبادر الى الذهن ما هو : ما معنى الزواج لغة واصطلاحا ؟ وللتعرف عليها لابد من الإشارة الى ما يلي :
    الزواج لغةً: مصدر زَوَّجَ ، وزوَّج الشيء وزوجه إليه أي ربطه به ، وهو بمعنى الاقتران والارتباط ، ويُطلق على كلّ واحد من الزوجين اسم زوج إذا ارتبطا بعقد نكاح .
    عقد الزواج اصطلاحاً : هو عقدٌ يتَضَمَّن إِبَاحَة وَطْءٍ بِلَفْظ إنكاح أَو تَزْوِيج أَو بترجمته .
    الشرط : هو ما يتوقف عليه وجود الشيء ، ويكون خارجاً عن حقيقته .
    أما أركانه فهي كالتالي : صيغة العقد ، المهر أو الصداق ، العاقدان والشهود و الولي الشرعي .
    وللزواج الصحيح شروط لابد من توفرها شرط الإنعقاد ، شروط الصحة والنفاذ و اللزوم .
    انتقل للتساؤل لماذا حجب الشباب عن الزواج ولم يعد يدفعون دفا كالسابق حيث كانت ترغم الاسرة الشاب الذي بلغ 18 سنة للزواج وغالبا ما يكون زواج تقليدي تتم على إثره أسرة مضمونة الإستمرارية . وحتى من ممر بالطلاق لم يعد يفكر مثلي في تجديد الفراش أو تغيير العتبة خوفا من أن يلدغ من جرحه مرتين خاصة وأن الامر أصبح يخيف أمام ارتفاع متطلبات الحياة والتسهيلات التي أصبحت تمنح لضرب هذا الميثاق الغليض عرض الحائط كالطلاق للشقاق والطلاق الذي لم يعد وسمة عار في جبين الاسرة ولا المطلقة بل اصبح يحتفل به وتقلم له الولائم والطرطات وتقدم على إثره التهاني . أترون أين وصلنا . نهيك عن ما يترتب عليه من تشتيت الأسرة وحرمان الأطفال من الحنان …
    أشكر أستاذي أحمد الجبلي على هذه المواضيع التي أصبحت بمثابة البلسم الذي يحط على الجرح . شكرا والسلام عليكم ورحمة الله .

    —- عكاشة أبو حفصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة .

  2. متتبع .
    01/03/2019 at 12:37

    … لا مجال للحديث عن التعددبالشكل الذي كان معروفا ومن زمان ، لان شروطه لم تعد متوفرة الآن كالإفراد بالسكن لكل زوجة . اما الزوجة فلم تعد مهيئة لتقبل زواج زوجها بثانية وثالثة ورابعة . فمتطلبات الحياة أصبحت صعبة جدا ، وكذلك الدراسة إذا ما رغبت الأسرة في أن يتابع الأبناء الدراسة بالمدارس الخاصة لارتفاع التكلفة . وإذا لم يكن الزواج قادر على التعدد ، فلا يمكنه المغامرة بالتعدد ، وإلا سيكون مصيره السجن إذا لم يكن اهلا لدفع النفقة ومتطلبات الاطفال . لنفرض جدلا ان الزوج يملك سكنا فريدا واراد التعدد عليه توفير سكن مستقل بعيدا عن الزوجة الاولى وله تابعات كالكراء الماء الكهرباء بالاظافة الى المصروف اليومي ومتطلبات أخرى كالتطبيب وما الى ذلك ، مما سيجعله لا يغامر . أما إمتناع الشباب عن الزواج فمرده الى عدم القدرة المالية على ذلك و شباب اليوم لم يعد يفكر في التحصين على شاكلة زوجتك نفسي مع ظهور انواع جديدة من الزواج كالمسيار ، المتعة …

  3. أحمد الجبلي
    01/03/2019 at 14:12

    أخي عكاشة أقد سرني التعرف عليك كثيرا من خلال النقاش على صفحات هذا الموقع الموقر الذي فرش لنا من الأرائك والنمارق ما يجعلنا في راحة واستجمام لنجلس جلوسا هادئا دون ضجيج ولا صراخ لنناقش مواضيع مؤرقة كموضوع الزواج والأسرة والأولاد وغيرها من المواضيع الهامة والمفيدة
    وفيما يخص بعضا مما جاء في مداخلتك الهامة ما يدل على تخوفك من تجديد الفراش حتى لا تلذغ مرتين. وحول هذا أنا أختلف معك جملة وتفصيلا لأنك الآن ذو تجربة تسمح لك باجتناب أخطاء الاختيار الأول وما عليك الآن إلا أن تتريث وتجعل الأمر يطبخ على نار هادئة وعندما يطمئن قلبك بعد الاستخارة والتوكل على الله فمن يتوكل على الله فهو حسبه. ولس الأول ولن تكون الأخير في قائمة الذين جددوا العزم وتوكلوا على الله وأخذوا بكل الأسباب الممكنة وعاشوا خياة جديدة ملؤها السعادة وراحة البال.

  4. عكاشة أبو حفصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة .
    04/03/2019 at 11:03

    أستاذي الفاضل أحمد ، أنا أيضا أشكر لكم هذا التفاعل وهذا الرد . فالقليل من الكتاب من يتفاعل مع ردود المتصفحين مع إعطاء اهمية خاصة إذا كان الأمر يتطلب رد .
    مواضيعكم الاجتماعية شدتني كثيرا . مشكور أستاذي أحمد على هذا الإهتمام الذي يتطرق لكل ما هو معاش .
    تحية خاصة لقلمكم والمزيد المزيد من المواضيع ذات الصلة .
    لا تنسى أستاذي أطفال ما بعد الطلاق الفيئة التي يجب الاهتمام بها إلى حين البلوغ و الوصول الى شط النجاة …
    و السلام عليكم ورحمة الله .

    — أبو حفصـــــــــــــ*ع*ـــــــــــــــــــــــــــة .

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *