من المفروض بعد الصبيب المالي الهائل الذي صاحب المخطط الاستعجالي أن تكون كل مؤسستنا التربوية متميزة دون استثناء ، ولكن مع الأسف الشديد عمدت الوزارة الوصية وجريا على سياسة ذر الرماد في العيون قرعت طبلها ونفخت مزمارها لما سمي مؤسسات التميز، ولسنا ندري ما المعايير التي اعتمدتها لاختيار مؤسسة التميز في الجهة الشرقية حيث تم اختيار مؤسسة عبد الكريم الخطابي بنيابة الناظور دون غيرها.

وبداية أود أن أصرح بأنني لست ضد اختيار هذه المؤسسة كمؤسسة تميز لأنني وبحمد الله لا أحمل في دمي مقال ذرة من عصبية أو عرقية منتنة كما يفعل البعض ممن يصرحون بها علانية دون حياء أوخجل وأنني أعتز بوطنيتي وبحبي لكامل وطني. وكل ما أطرحه هو مناقشة معايير الاختيار. فقد يكون فضاء مؤسسة عبد الكريم الخطابي هو الفضاء الأمثل قياسا مع غيرها ولكن لا يمكن أن يكون الفضاء هو المعيار الوحيد لاختيارها على غيرها من مؤسسات الجهة الشرقية . ألم يكن عدد التلاميذ المتميزين هو المعيار الرئيسي لاختيار مؤسسة التميز ؟ فكيف يعقل أن يفوق عدد التلاميذ المتميزين في نيابة وجدة أنكاد عدد التلاميذ المتميزين في نيابة الناظور ومع ذلك تكون مؤسسة التميز في مدينة الناظور ولا تكون في مدينة وجدة ؟ وماذا بقي للتلاميذ المتميزين من امتياز وعددهم أكثر من عدد غيرهم في باقي النيابات إذا ما حزموا أمتعتهم بعيدا عن أهلهم وذويهم وتجشموا الصعاب من أجل الدراسة بالرغم من كونهم أغلبية ؟ وهل قانون الأغلبية يصدق في البرلمان وفي المجالس الحضرية والقروية وفي كل شكل من أشكال التصويت إلا في مؤسسة التميز ؟ إنه لعمري اختيار مزاجي لا مبرر له إن لم يكن وراء الاختيار ما وراءه مما خفي من خلفيات طائفية أو عرقية لا مكان لها في المغرب الذي يتساوى أبناؤه في الحقوق والواجبات .

لقد عانى المغرب منذ عقود من استئثار بعد جهاته بالمؤسسات التعليمية ومؤسسات التكوين والمعاهد العليا حيث توجد أكبر نسبة من هذه المؤسسات والمعاهد في مثلت جهة الغرب وتحديدا في العاصمتين الإدارية والاقتصادية ، ولا زال أبناء المغرب من كل الجهات يحزمون أمتعتهم ، ويدرسون بعيدا عن مساكنهم وأهلهم وذويهم في حين يتمتع أقرانهم في الرباط والبيضاء وما جاورهما بالقرب من أهلهم وذويهم وتسقط عنهم نفاقات الأسفار وغيرها مما يثقل كاهل غيرهم ممن يحج إلى المدينتين المفضلتين على غيرهما دون مبرر. ولا زال الساكنة في الجهة الشرقية تتجرع مرارة عبارة المغرب غير النافع التي كرستها العقليات العفنة التي تنظر إلى الواقع من ثقب إبرة كما يقال . فلا بد من التصريح بالمعايير المعتمدة في اختيار مؤسسة التميز في الجهة الشرقية ، فإن كان الأمر يتعلق بتفريط من الجهات المسؤولة في نيابة وجدة أنكاد أو بتهربها من هذه المسؤولية وجب أن يحاسب هؤلاء أمام الرأي العام ، وإن كان القرار مزاجيا وما أكثر القرارات المزاجية في الجهة الشرقية فلا بد أن تضطلع الجهات المعنية من رابطة وجمعيات آباء وأولياء التلاميذ وكل من له صلة بالموضوع بمسؤولياتها ، وتمنع القرارات المزاجية والتدبير المنفرد وترد الحق إلى أصحابه ، وأظن وأعتقد أن كل إنسان موضوعي سيظن معي نفس الظن أن معيار عدد التلاميذ المتميزين هو الفيصل في اختيار مؤسسة التميز التي إنما تسمت بامتياز أغلبية من يرتادها لا بفضائها ولا بموقعها الجغرافي ، ولنا عودة إلى القضية ما لم يهملها من يعنيهم الأمر من تلاميذ متميزين وأوليائهم الذين لا يجدر بهم الالتحاق بمؤسسة اختيرت بناء على غياب معيارعدد المتميزين .