Home»Débats»معيقات وصول المرأة الى مواقع القرار : -معيقات سوسيوثقافية -عقلية ذكوريّة تبخس الكفاءات النسائية ومحاربة المرأة للمرأة

معيقات وصول المرأة الى مواقع القرار : -معيقات سوسيوثقافية -عقلية ذكوريّة تبخس الكفاءات النسائية ومحاربة المرأة للمرأة

0
Shares
PinterestGoogle+

سليمة فراجي

معيقات وصول المرأة الى مواقع القرار :
-معيقات سوسيوثقافية
-عقلية ذكوريّة تبخس الكفاءات النسائية ومحاربة المرأة للمرأة
-سن نصوص قانونية يشوبها الغموض التشريعي البناء لتفسر لصالح الطرف القوي ويسهل التحايل عليها
عرف المغرب تراكما تصاعديا ومبادرات رائدة في مجال النهوض بحقوق المرأة و مشاركتها في تدبير الشأن العام من جهة ، وكذا اشراكها في المؤسسة التشريعية ومختلف مواقع القرا ر من جهة أخرى ، علما ان المغرب وبفضل السياسة الملكية وبغض النظر عن التزامه الوارد في تصدير دستور2011 المتمثل في ملاءمة تشريعاته الوطنية مع الاتفاقيات الدولية ،وبغض النظر عن كون رياح العولمة والحداثة هبت واثرت في القواعد المعيارية لمختلف المجتمعات فانه منذ فجر استقلال المغرب ،صرح المغفور له محمد الخامس ان المجتمع الذي لا تكون فيه المرأة عنصرا فعالا يكون كالجسم المشلول .
« Le pays où la femme n’est pas un agent actif ressemble à un corps paralysé dont on ne peut rien attendre de constructif  »
واعتبارا من كون رقي المجتمعات يقاس بمدى احترامها لحقوق الانسان وانتصارها للعدالة الاجتماعية والعدالة المجالية ، مع اعتبار الاطار العالمي الذي اصبح يلزم المغرب باتفاقيات دولية ، فان المغرب عرف تحولات كبرى على مستوى ماكرو سوسيولوجي وتحولات على مستوى ميكروسوسيولوجي وكذا تحولات على المستوى الديموغرافي ، تحولات جعلت الواقع المجتمعي يحول الاسرة المغربية من هرمية قائمة على اساس سلطوي الى بنيان يوزع الحقوق والواجبات على كل فرد ، ايمانا بكون
‎المساواة الإنسانية والكرامة الوطنية ، هي الشرط اللازم للمواطنة الحديثة، وهي المدخل الضروري أيضا لبناء الهوية الوطنية، المنفتحة على أفق إنساني،
‎وقد أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس على أن بناء مغرب التقدم والكرامة، ” لن يتم إلا بمشاركة جميع المغاربة، رجالا ونساء، في عملية التنمية.”
وشدد في الخطاب السامي الذي وجهه إلى الأمة بمناسبة الذكرى الـ 23 لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين، “على ضرورة المشاركة الكاملة للمرأة المغربية، في كل المجالات
علما ان التمكين الاقتصادي يعتبر من اهم انعكاسات الاصلاحات التشريعية والمؤسساتية التي تحمي حقوق المرأة, وقد دعا عاهل البلاد الى تفعيل المؤسسات الدستورية، المعنية بحقوق الأسرة والمرأة، وتحيين الآليات والتشريعات الوطنية، للنهوض باوضاعها .
لذلك فان الحتمية المجتمعية أملتها تحولات كبرى وتطور للتصورات ،وانتصار لتمكين جميع افراد المجتمع من آليات التموقع كعضو فعال ومنتج داخل المجتمع ، علما ان الدول المصنعة تشغل يدا عاملة وعقولا مفكرة ومدبرة مكونة من الرجال والنساء وان مواقع القرار سواء تعلق الامر بالسلط التشريعية او التنفيذية او القضائية اصبحت موزعة بين الرجال والنساء
وبما ان المغرب في طريقه الى التموقع كدولة تنتصر لثورة صناعية فإن ذلك لا يتسنى الا من خلال ادماج المرأة في قطار التنمية عن طريق التأطير و التكوين والتوعية والمواكبة و التقدير وثقافة الاعتراف بالكفاءات العلمية والتمكين الاقتصادي، وانخراط الاحزاب في تزكية النساء لخوض المعارك الانتخابية بدل اعتبارهن مجرد أداة لتأثيث المشهد الحزبي او مجرد خزان انتخابي .
و اذا كانت المعيقات السوسيوثقافية لا زالت تعتبر حاجزا حقيقيا كما قال الفيلسوفالألماني كانط E.kant ان كل فرد في المجتمع يصبو الى التحرر ، لكن يصبو في نفس الوقت الى الإبقاء على أغلاله وتلك هي المعضلة الانسانية ، فإن الطريق لا يزال شاقا وطويلالبناء دولة ديموقراطية تضمن تعزيز موقع النساء في مراكز القرار السياسي ،وقد أظهرت عمليات التشخيص ان مكامن الخلل تتلخص احيانا في الرفض اللاشعوري لتمكين المرأة سياسيا من طرف عقلية ذكورية تقزم و تبخس الكفاءات النسائية واحيانا يتجلى الخلل في المرأة نفسها في مواجهة المرأة ناتج عن معيقات تاريخية ، وعقلية ذكورية لا زالت ترفض في اللاشعور تبوأ المرأة مراكز المسؤولية ،وتستعملها كورقة تستعمل اثناء الحملات الانتخابية ، اي خزانا انتخابيا يضمن عدد الاصوات ، وسن نصوص قانونية يشوبها الغموض التشريعي البناء لتفسر لصالح الطرف القوي ويسهل التحايل عليها
وبذلك يعتبر رهان التمثلية السياسية للنساء بالمغرب احد التحديات الكبرى التي ارتبطت بتغيير عميق للعقليات ،والذي تطلب رفع هيمنة و سيطرة العقلية الذكورية تجاه النساء وشكل تحديا خاصا في إطار مقاربة للنوع الاجتماعي تساعد على توظيف كل الوسائل لمناهضة اللامساواة والتمييز.
لذلك فان دخول المراة المغربية للمؤسسة التشريعية كان عصيبا، بولادة قيصرية هدفها انهاء الصراع المرير للمرأة المغربية ضد العقلية الذكورية داخل مجتمع كان و لحد سنة 2004 سنة المصادقة على مدونة الاسرة ينتصر لمبدأ الطاعة مقابل الانفاق ،
واعتبارا من مختلف التحولات والرهانات فان المراة المغربية رفعت التحدي ،و ترشحت للانتخابات التشريعية سنة 1977 حيث ترشحت 8 مرشحات من اصل 908، لم تستطع اية واحدة منهن الفوز بالمقعد الانتخابي رغم ان المراة كانت تشكل انذاك 48،53 من الجسم الانتخابي،
ويعتبر اول دخول للمرأة المغربية للمؤسسة التشريعية سنة 1993 ابان الانتخابات التشريعية المباشرة ليونيو 1993 والتي أجريت في اطار دستور 1992 وقد اعتبرت طفرة نوعية بالرغم من كونه اقتصر على نائبتين اثنتين هما السيدة بديعة الصقلي عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ولطيفة سميرس عن حزب الاستقلال.
وقد نوقشت مسألة اشراك المرأة في المؤسسة البرلمانية في ضوء تعديل دستور 1992 وجاء في الخطاب الملكي ليوم 8 شتنبر 1992 بعد ان استقبل العاهل المغربي رئيس واعضاء الغرفة الدستورية الذين قدموا للملك النتائج النهائية للاستفتاء حول مشروع الدستور انه سينكب بصفة خاصة على ملف يتمثل في كونه يريد ان ينصف الشطر الثاني من الشعب و هو المراة المغربية
وبذلك منحت الوثيقة الدستورية لسنة 1992 اهمية قصوى نظرا لتطورالمجتمع المغربي, والملاحظ ان الارادة الملكية هي التي كانت وراء فتح النقاش والاجتهاد في موضوع إشراك المرأة في المؤسسة التشريعية والذي ساير وواكب التحولات والمؤثرات الدولية التي عرفها المغرب في التسعينات اذ صادق على اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة في يونيو 1993
وفي ظل دستور 1992 و1996 انتقل عدد النساء من نائبتين في انتخابات 1997 الى 35 نائبة برلمانية في انتخابات2002 نتيجة تخصيص كوطا نسائية تتمثل في 30 مقعدا في اللائحة الوطنية ، ليتراجع العدد الى 34 في انتخابات 2007.، اما الاستحقاقات التشريعية لسنة 2011 فقد خصصت اللائحة الوطنية 60 مقعدا للنساء وفازت سبعة نساء بمقاعد في اطار اللوائح المحلية اي ما مجمعة 67 امرأة ليتراجع عدد النائبات عبر اللوائح المحلية الى ست نائبات فقط ابان انتخابات شتنبر 2021
وقد اثارت مسألة الكوطا النسائية في ظل دستور 1996 جدلا واسعا حول دستوريتها اذ اعتبر البعض ان تخصيص الكوطا النسائية مخالفة لمقتضيات الفصل 8 من الدستور انذاك الذي ينص على المساواة ما بين الرجل والمراة في الوقت الذي ذهب فيه البعض الاخر الى اعتبار ان هذا التمييز ايجابي الهدف منه هو ضمان اشراك المراة في تدبير الشان العام السياسي
وفي هذا الاطار واذا كان الشيء بالشيء يذكر فان المجلس الدستوري ,المحكمة الدستورية حاليا رفض في ظل دستور 2011 وبالضبط سنة 2015 التنصيص على تخصيص « كوطا » لتمثيل النساء داخل المحكمة الدستورية ، معتبرا إياه مخالفا للدستور، رغم أن الفصل 19 من الدستور يدعو الدولة إلى السعي نحو تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء.  » معللا ما قضى به ان المشرع مدعو إلى سن القواعد وتحديد السبل التي من شأنها تعزيز ولوج النساء إلى المهام العمومية، انتخابية كانت أو غير انتخابية، بما في ذلك العضوية بالمحكمة الدستورية، وذلك إعمالا، بصفة خاصة، لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 19 من الدستور التي تدعو الدولة إلى السعي إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء ».غير أن ما ينص عليه الدستور في تصديره من حظر ومكافحة كل أشكال التمييز بسبب الجنس، وفي الفقرة الأولى من فصله 19 من كون الرجل والمرأة يتمتعان، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، لا يسمح للمشرع بتخصيص نسبة مضمونة مسبقا لأحد الجنسين في الوظائف العمومية.
في الوقت الذي نص فيه الدستور على تمثيلية المرأة في المجلس الاعلى للسلطة القضائية
وللاشارة فان القانون التنظيمي 11.27 سبق له احداث دائرة وطنية مكنت ستين امرأة من ولوج البرلمان سنة 2011, وفي اطار الاستحقاقات التشريعية الاخيرة لسنة 2021 ، فان القانون التنظيمي الحالي 21-04المغير والمتمم للقانون التنظيمي 11/27 نص على احداث دوائر انتخابية جهوية حددت مقاعد كل جهة على سبيل الحصر و لا يؤهل للترشح للعضوية في مجلس النواب برسمها كل شخص سبق انتخابه عضوا في المجلس المذكور برسم دائرة انتخابية جهوية ،
،
و اذا كانت اللائحة الوطنية سابقا واللوائح الجهوية بمقتضى القانون التنظيمي الجديد مهدت للترشح على مستوى الدوائر المحلية ، فهل تمكن المستفيدون من الدائرة الوطنية من خوض معارك الدوائر المحلية ?
اذا كانت الاحزاب لا تنتصر لتزكية النساء في اللوائح المحلية؟ وكان المقصود اذن ،ودون استعارة فصاحة الخطباء ان الامر يتلخص في تأثيث مرحلي غير مضبوط باستراتيجية ،او محكوم بنظرية اقصائية مفادها تكوين نساء وشباب وعدم الاستفادة من تراكمات تجاربهم وكفاءتهم ،اذ ان منح التزكية لامرأة قد يشكل مخاطرة كبيرة ، لانها حسب منطقهم ، لا تحسن خوض المعارك الانتخابية وتعجز عن بذل المال في اغلب الحالات ، وتحرم الحزب من مقعد مضمون متى تمت تزكية ذي مال من يتقن فن خوض المعارك ، وبالتالي فان مرحلة التكوين والإنفاق واكتساب التجارب خلال الولاية التي قضتها نائبات اللائحة الوطنية ومرشحات اللوائح الجهوية تصبح حبرا على ورق وهدرا للمال العام وضربا لمبدأ الحكامة الجيدة ولكافة التراكمات والتجارب التي جعلت من المرأة نتاج اللائحة الوطنية والجهوية عنصرا مؤهلا لخدمة الشأن العام ؟ ما الفائدة اذن اذا اثثت مرحليا مشهدا وغادرته دون تمكنها من الاستمرار والعطاء ؟
وفي هذا الاطار وبين من يصف اللائحة الوطنية انها مجرد ريع ومن يعتبرها إجراء مرحليا ، هل تمكنت المرأة المستفيدة من اللائحة الوطنية للوصول إلى قبة البرلمان ، من الترشح وخوض غمار الانتخابات والفوز بمقعد عبر اللوائح المحلية ؟ اطلاقا ، على اعتبار ان الاحتكام الى الارقام يفيد عدم نجاعة الكوطا في تمكين المرأة من خوض معارك الانتخابات المحلية
فقد بلغ مجموع النساء حاليا بالبرلمان 95 امرأة من مجموع 395 عضوا. أي بنسبة بلغت 24 % لأول مرة في تاريخ الانتخابات بالمغرب.
فازت النساء بتسعين مقعدا كلها في الدوائر الجهوية المخصصة 60 منها للنساء حصرا والثلاثين الأخرى يمكن أن يترشح فيها الذكور.. على أن تكون المرتبة الأولى والثانية في كل لائحة جهوية يقدمها كل حزب مخصص للنساء حصرا.
وفازت النساء بست مقاعد في دوائر محلية
أربعة منهن تنتمي للأصالة والمعاصرة (مقعدان بمراكش ومقعد واحد بوجدة وآخر بفاس) وواحدة لحزب التقدم والاشتراكية (بني ملال).
وإذا كانت التمثيلية النسائية تبين عن تقدم مضطرد في عدد ونسبة النساء بالمؤسسة التشريعية. فإن الفضل في ذلك يبقى للكوطا.
والملاحظ في هذه المحطة الانتخابية عرف عدد النساء الفائزات في الدوائر المحلية تراجعا إذ فازت ست نساء فقط على عكس الانتخابات السابقة حيث فازت سبع نساء في دوائر محلية.
وتبقى أهم ملاحظة هي أن حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يقود الحكومة حاليا وتصدر نتائج الانتخابات بما مجموعه 102 برلمانيا لم تفز باسمه أي امرأة في دائرة محلية.. وهي ثاني مرة لا تفوز امرأة في دائرة محلية باسم الحزب الذي حصل على المرتبة الأولى في الانتخابات منذ تطبيق اللائحة النسائية سنة 2002.
حصل نفس الأمر مع الاتحاد الاشتراكي حيث حصل على المرتبة الأولى في الانتخابات دون أن تفوز أي امرأة باسمه في دائرة محلية.
مما تجدر الاشارة اليه ان نظام الكوطا ا او تطبيق اللائحة النسائية هو اجراء مرحلي في افق ترشح النساء في الدوائر المحلية بدل الاعتماد على اللائحة الوطنية سابقا واللوائح الجهوية حاليا
لكن هل نجحت المرأة المستفيدة من اللائحة الوطنية سابقا والتي اصبحت لها خبرة ودراية و وتمرس في العمل البرلماني ،
والسؤال المطروح واذا كان المقصود من الكوطا هو الاجراء المرحلي الذي يجعل المستفيدة مؤهلة ومكتسبة لمهارات مختلفة في المجال التشريعي ، وكذا اكتساب مكنة التواصل مع الكتلة الناخبة وخوض المعارك الانتخابية المباشرة فان عدم تزكيتها من طرف الاحزاب ليعد ضربا للحكامة و للغرض المقصود من مفهوم الكوطا
سليمة فراجي
محامية برلمانية سابقة

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *