Home»International»مركز المؤشر للدراسات والأبحاث الرؤية الاصلاحية لمركز المؤشر للدراسات والأبحاث فى مجال إصلاح القوانين الانتخابية.

مركز المؤشر للدراسات والأبحاث الرؤية الاصلاحية لمركز المؤشر للدراسات والأبحاث فى مجال إصلاح القوانين الانتخابية.

0
Shares
PinterestGoogle+

ملخص
إيمانا بدوره كمركز للدراسات والأبحاث في المساهمة في النقاشات الوطنية الكبرى، ووعيا بمسؤوليته العلمية والفكرية في بلورة تصورات إصلاحية تستجيب للرهانات الدستورية والسياسية والاجتماعية، ارتأى مركز المؤشر للدراسات والأبحاث أن يرفع إلى وزارة الداخلية، تفاعلا مع النقاش المفتوح حول مراجعة القوانين الانتخابية، رؤيته الإصلاحية الشاملة في هذا المجال. تقوم هذه الرؤية على مقاربة تحليلية نقدية تستند إلى تشخيص موضوعي للاختلالات، وتقترح إصلاحات عملية وواقعية، تراعي الخصوصية المغربية، وتستأنس في الوقت ذاته بالمعايير الدولية الفضلى.
لقد انطلق المركز من قناعة راسخة بأن دستور 2011 وما تضمنه من ربط المسؤولية بالمحاسبة قد رفع سقف الممارسة الديمقراطية في المغرب، غير أن التجربة أبانت عن محدودية بعض المقتضيات القانونية والتنظيمية في مواكبة هذا الطموح، وهو ما يستوجب إصلاحا عميقا وشاملا يتجاوز المعالجات التقنية إلى بلورة إطار قانوني يضمن الشفافية، ويجدد الثقة، ويفرز نخباً كفؤة وقادرة على مواكبة الأوراش الكبرى التي انخرط فيها المغرب داخليا وخارجيا.
وانطلاقا من هذا التشخيص، قامت الرؤية الإصلاحية للمركز على جملة من المرتكزات الأساسية، في مقدمتها: الشمولية والترابط بين حلقات المنظومة الانتخابية، إشراك الفاعلين السياسيين والمدنيين والخبراء في صياغة الإصلاح، اعتماد النجاعة والكفاءة كغاية للتقنين، وضمان الشفافية والعدالة في مختلف مراحل العملية الانتخابية. ومن هذا الأساس، يقدم المركز مقترحاته وفق المحاور التالية:
أولا: في ما يتعلق بالتقسيم الانتخابي ونمط الاقتراع
ينبه المركز إلى أن اللوائح الجهوية، كما اعتمدت، أبانت عن محدودية كبيرة، حيث تحولت في كثير من الأحيان إلى شكل من أشكال الريع السياسي، ولم تحقق الغاية من تمكين الشباب من ولوج المؤسسات. وعليه، يقترح المركز الإبقاء على نظام الكوطا بـ90 مقعدا جهويا، لكن بتخصيصها في لائحتين منفصلتين: 60 للنساء و30 للشباب، مع فرض معايير دقيقة لاختيار المرشحين حتى لا تتحول هذه المقاعد إلى هدايا تنظيمية. كما يقترح المركز تعميم الاقتراع باللائحة في انتخابات المجالس الجماعية، بما يعزز التنظيم الحزبي ويضمن إفراز نخب منسجمة، إلى جانب التنصيص على مقتضيات قانونية واضحة تتيح عزل العضو الذي يغير انتماءه السياسي بعد فوزه باسم حزب معين أو يعارض توجهات الحزب الذي منحه التزكية.
ثانيا: التسجيل في اللوائح الانتخابية
يسجل المركز أن اعتماد المبادرة الفردية للتسجيل أدى إلى إقصاءات صامتة لعدد من المواطنين، ولذلك يقترح الانتقال إلى التسجيل التلقائي بقوة القانون، انطلاقا من قواعد البيانات الوطنية لكل حامل للجنسية المغربية بلغ 18 سنة ويتوفر على بطاقة وطنية أو جواز سفر. كما يؤكد المركز على ضرورة التمييز بين حق التصويت وأهلية الترشح، بحيث لا يكون التشطيب من اللوائح الانتخابية عقوبة تأديبية، بل يتم فقط منع الترشح عند الاقتضاء مع الحفاظ على الحق في التصويت للجميع.
ثالثا: شروط الترشح وتجديد النخب
يرى المركز أن أزمة التمثيلية في المغرب مرتبطة أساسا بضعف شروط الترشح واعتماد الأحزاب على الأعيان وأصحاب النفوذ المالي. لذلك يقترح المركز فرض شروط دنيا للمستوى العلمي: شهادة البكالوريا كحد أدنى للترشح للبرلمان ومجالس الجهات، الشهادة الابتدائية للجماعات والعمالات. كما يقترح فرض كوطا داخلية على الأحزاب بأن تخصص 20% على الأقل من وكلاء لوائحها البرلمانية لشباب تقل أعمارهم عن 35 سنة وحاصلين على الأقل على شهادة الماجستير أو ما يعادلها، إلى جانب تعزيز مشاركة النساء والشباب في مواقع قيادية داخل اللوائح. ويؤكد المركز على ضرورة منع كل من صدرت بحقه تقارير سلبية من المجلس الأعلى للحسابات أو أحكام قضائية مرتبطة بسوء تدبير الشأن العام أو شراء الأصوات من الترشح لدورتين متتاليتين، مع إلزام جميع المرشحين بالتصريح العلني بالممتلكات والخضوع لتكوينات إجبارية في القوانين والأخلاقيات، وتوقيع تعهد مكتوب بخدمة الصالح العام.
رابعا: الحملة الانتخابية
ينتقد المركز الممارسات السائدة في الحملات الانتخابية، التي يغلب عليها الطابع التقليدي واستغلال الرموز والمال والنفوذ، ويقترح مجموعة من التدابير لإعادة الاعتبار لوظيفتها الأصلية. من أبرزها: ضبط سقوف الإنفاق والتصريح المفصل بالمداخيل والمصاريف ونشرها للعموم، تنظيم مناظرات إلزامية في الدوائر الكبرى تحت إشراف هيئة مستقلة، تجريم توظيف الرموز الدينية أو القبلية أو العائلية، وتحويل الحملة إلى عرض سياسي مكتوب ببرامج واضحة وأهداف قابلة للتقييم. كما يدعو المركز إلى وضع إطار قانوني لاستخدام الفضاء الرقمي في الحملات، بما يضمن الشفافية ويمنع الأخبار الزائفة وخطاب الكراهية.
خامسا: عملية التصويت
يعتبر المركز أن عملية التصويت هي الحلقة الجوهرية في ضمان شرعية المؤسسات المنتخبة، ويقترح إدماج التصويت الإلكتروني بشكل تدريجي لتوسيع المشاركة وتيسيرها خصوصا للفئات التي يتعذر عليها الحضور بسبب ظروف العمل أو الإقامة. كما يدعو إلى توفير تجهيزات خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة في مكاتب التصويت، وضمان ولوجهم وممارستهم لحقهم في التصويت دون عراقيل، بما يجعل كرامة الناخب في صلب العملية الانتخابية.
سادسا: تمويل الحملات الانتخابية وضبط المال السياسي
يؤكد المركز أن ضبط المال السياسي شرط أساسي لنزاهة العملية الانتخابية، ولذلك يقترح تحميل الأحزاب جزءا كبيرا من المسؤولية عن ممارسات مرشحيها، من خلال عقوبات تأديبية قد تصل إلى الحرمان من الدعم العمومي أو تقليص عدد الترشيحات. كما يقترح ربط كل العمليات المالية بحسابات بنكية خاصة ومنصات رقمية للتتبع الفوري، مع إلزام الأحزاب بالكشف عن المتبرعين ووضع حدود قصوى للتبرعات، واعتماد مساطر استعجالية للبت في الطعون المتعلقة باستعمال المال قبل إعلان النتائج النهائية.
سابعا: الطعون الانتخابية
ينبه المركز إلى أن الطعون الانتخابية لا تحقق دائما أثرها العملي بسبب عدم تنفيذ بعض الأحكام القضائية، ويقترح تشديد العقوبات على الجرائم الانتخابية مثل شراء الأصوات واستغلال النفوذ، مع منع المدانين من الترشح لولايتين على الأقل. كما يقترح إحداث آلية لتتبع تنفيذ الأحكام وإصدار تقارير دورية منشورة للعموم.
ثامنا: الإشراف على العملية الانتخابية
يعتبر المركز أن تعزيز ثقة المواطنين في العملية الانتخابية يتطلب إصلاح منظومة الإشراف، ولذلك يقترح الحفاظ على الدور المحوري لوزارة الداخلية بحكم خبرتها اللوجستيكية، مع تقليص تدخلها المباشر لصالح هيئة وطنية مستقلة لمراقبة الانتخابات، تشرف على العمليات الحساسة، وتؤطر المناظرات، وتراقب التمويل الرقمي، وتتلقى التظلمات. وهذا التوازن بين الدور المركزي للوزارة والانفتاح على هيئة مستقلة سيعيد الثقة ويقطع مع الصور النمطية المرتبطة بتدخل أعوان السلطة المحلية في توجيه السلوك السياسي.
إن هذه الرؤية الإصلاحية، كما صاغها مركز المؤشر للدراسات والأبحاث، تمثل تصورا متكاملا ومترابطا، لا يقتصر على تعديل بعض التفاصيل التقنية، بل يستهدف إعادة بناء الثقة بين المواطن والمؤسسات المنتخبة، وضمان إفراز نخب كفؤة ونزيهة، وتحويل الانتخابات إلى رافعة للديمقراطية والتنمية في آن واحد. وهي رؤية يرفعها المركز إلى وزارة الداخلية، إيمانا منه بأهمية اللحظة الإصلاحية الراهنة، واقتناعا بأن الإصلاح الحقيقي للقوانين الانتخابية سيكون لبنة أساسية في مسار ترسيخ دولة القانون والمؤسسات.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *