هيكلة الأقسام والمصالح بالأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين .. شطحات في الفراغ وقفازات حرير ـ جهة الشرق أنموذجا ـ

د. محمد حماس
يذكر أهل وجدة العامرة، وشعب التدريس بالتحديد، أنه مع مستهل غشت الماضي، 2016، دوت هزة عصفت بعدد لابأس به من المسؤولين المكلفين بتدبير قطاع التربية الوطنية بجهة الشرق، حيث فوجئت حينه الشغيلة التعليمية قبل من شملهم الإعفاء بهذا الفعل الذي أقدمت عليه الوزارة الوصية اعتبارا لعدد من الحيثيات، أولاها عنصر المفاجأة دون سابق ترتيب، إذ كانت أقرب إلى لدغة أفعى تختبئ في الرمال تباغث العابرين وسط الفيف، ثانيها في أي سياق جاء هذا الفعل؟ ثم كيف تسنى الأمر في أوج الإعداد للدخول المدرسي المقبل مما يستلزمه من تدبير الحركات والخصاص وكل الملفات المترتبة عن هذه العملية؟ لماذا الإعفاء دون توضيح؟ وهل توصل المعنيون بعملية الإعفاء بمكتوب مفيد؟ ولماذا لم يقدم من تم إعفاؤهم على أية ردة فعل بما أنه تم تكليفهم تبعا لقرار لجنة انتقاء؟ شخصيا رأيت في الأمر إهانة وتحقيرا وتبخيسا للمسؤول عامة بقطاع التربية، لأنه وكما قلت دوما إن قطاع التربية يختلف عن باقي القطاعات، فهو يستقطب الكم الهائل من الموظفين، والأهم من هذا فهو قطاع يتعلق بمصير بلد، إذ لا يمكن تصور بلد تقوده عقول الحمير؟
وعليه، ولربط الدال بالمدلول، كما أوردنا في الحلقة الأولى من هذه السلسلة، عن أية « رؤية استراتيجية » يتحدث هؤلاء القوم؟ تم إعفاء أو إنهاء التكليف أو الاستغناء عن خدمات هؤلاء المسؤولين … لا تهم التسميات الإدارية الجافة، المهم عندي أين هو حق الرأي العام في الاطلاع على الحقيقة والملابسات، لأن ملف التعليم شأن وطني ونحن من ندفع ضرائبه وأبناؤنا هم من تقع عليهم العملية التعليمية .. يا عباد الله إنهم أبناؤنا، نحملهم بكرة وعشية لباب المؤسسة التعليمية … إذن نحن أولى بأن نهتم بحال التعليم، نحن الأسرة التي تمثل المؤسسة الأولى للتنشئة الاجتماعية .. من كل هذه الأسئلة نستمد مشروعية الملاحظة والقلق .. هكذا استمر الانتظار 8 أشهر طوال للإعلان عن « المسؤولين » الجدد – لا ننسى أن مديريتا فجيج والناظور لا تزالان رهن التكليف – إعلان وفق هيكلة « جديدة » أقل ما يقال عنها أن عدد الأقسام والمصالح فيه تخمة حد الإسهال، فأكاديمية الشرق وحدها بها 50 بين قسم ومصلحة دون فضاءات تحويهم وموظفين لتنزيل الهيكل، ناهيك عن عدد منهم تم تكليفهم حديثي العهد بالقطاع ولم تمسس أيديهم طبشورة أو ترتدي وزرة أو تعانق سبورة أو تواصلت مع التلاميذ أو عرفت معاناة الفرعيات ومشاكل الاكتظاظ أو ديداكتيك أو بيداغوجيا أو حركة انتقالية أو … وتوخيا للموضوعية في الطرح نرى أنه لابد من التعامل مع الوثيقة الإطار التي تصف العنصر البشري المستهدف لتنزيل مشاريع « رؤية استراتيجية »، فــ « من موجبات هذه الريادة، أن تمتلك روح التغيير، وإرادة التجديد في الأساليب، ومنهجية الفعل والتدبير على أصعدة المدرسة ومكوناتها كافة، مركزيا وجهويا ومحليا، وأن تستند إلى كفاءات بشرية بمؤهلات عالية في مجال التدبير والتواصل وحسن التفعيل والأجرأة والمتابعة وتقديم الحساب بانتظام عن تطبيق الإصلاح وإنجازاته، وتقييم نتائجه. كفاءات مدعومة بأجهزة وهياكل قادرة على إرساء الدينامية المرغوبة في إطار اللاتمركز واللامركزية والاستقلالية المؤسساتية، ضمن توجهات الجهوية المتقدمة »(باب توافر الريادة والقدرات التدبيرية الناجعة، ص21). بالنظر للنص بين أيدينا، نجد به معجما غنيا يحدد طبيعة المسؤول لتنزيل « رؤية »، لكن الغريب أنها مقاييس غير متوفرة في البشر أو على الأقل في من لا ينتمون لجيش الطبشورة، فمن يعرف مكونات المدرسة؟ من هم المخولون للتفعيل والأجرأة والمتابعة و.. ؟ أعتقد أن الأمر لا يعدو « تَعْمَارْ الصّْوَارَجْ » لا غير، لأنه عند الاسترسال في قراءة نص باب الريادة سوف نجد هذا المسؤول مطالبا بمواصفات جمة منها القدرة على « تقوية التنسيق واستدامته على مستوى المسؤولين … والفاعلين داخل المؤسسات التعليمية والتكوينية … » والتشاور مع الفاعلين والشركاء « والمعرفة الدقيقة بالمحيط وبالرهانات المجتمعية …. » .. صحيح نحن مع التعبئة لتجديد المدرسة المغربية وإخراجها من وضعية الهزال ومعجم الاستهلاك المبتذل، لكن لا أعتقد أن نزعة التجريب التي اتسم بها من أوكل إليهم تدبير القطاع ستضع حدا لنزيف جرح المدرسة العمومية لأنه غائر ويتطلب إشراك من هم مؤهلون لذلك وليس من حملتهم ريح الاحتجاجات أمام البرلمان و »الهدنة » الاجتماعية والتوظيف المباشر واستفادتهم من تعيينات بمراكز القرار وترتيبهم في سلالم عليا في حين لازالت فئة عريضة من شعب الطبشورة يعانون في زنازين السلاليم الدنيا وغيرهم ينعم بالقاعات المكيفة وسيارات المصلحة .. لا مجال للمزايدة بالشواهد العليا لأن هناك ما هو أقوى من الشهادة، إنها الخبرة والتجربة والتكوين الذاتي في مجال تدبير المسؤولية داخل القطاع، ولكم في البرنامج الاستعجالي خير دليل ..؟؟؟؟ الأشاوس الذين أتحدث عنهم هم المنسيون البعيدون الغائبون عن أي « رؤية » أو بالأصح، عمى « رؤية » .. إنهم الفئة العريضة الصامتة التي يقتطع من أجرها ويعبث بتقاعدها وتعاضديتها .. ألا يتساءل كل جبار عنيد لماذا أفواج من هيئة التدريس تغادر القطاع قبل حد السن؟
أقسم أن الأمر يشعرني بدوار لا حد له كلما نظرت لعدد من هيئة التدريس أو هيئة الإدارة التربوية لم ينالوا « حظهم » من « الهيكلة » الجديدة، إذ لا يمكن استساغة أن مديرا تربويا يدبر مؤسسة تعليمية سيعجز عن تدبير مصلحة مقارنة مع المهام اليومية التي يقوم بها، ويعلم الجميع أن جل أطر الإدارة التربوية يحملون شهادات عليا في مختلف التخصصات .. الشيء الذي يفسح باب التأويل على مصراعيه، فهل يتعلق الأمر كما أسلفت بإقصاء ممنهج لسلاطين الطبشورة من مواقع المسؤولية توخيا من انصلاح قطاع التربية على أيديهم؟ هناك من يظن نفسه، عن جهالة وسوء تقدير، أنه ذئب وسط النعاج، وأن الپيپل غافلون عن شطحاته نزواته .. صدق من قال: « مْنِينْ تَزْيَانْ الضّْلِيلَة يْـﯕَيْلُوا فِيهَا لَكْلَابْ » …
ما علينا، جاءت « رؤية استراتيجية » لتحل مشاكل القطاع وكان أمر « الهيكلة » مفعولا (يَا احْلِيلِّي) .. لكن لماذا « شَاطْ الْخِيرْ » .. فبعد تخمة المصالح وكثرة اللجان و »اللَّعَّابْ احْمِيدَه والرَّشَّامْ احْمِيدَه وْمُولْ الْقَهْوَة احْمِيدَه » .. بقيت « كراسي » شاغرة .. 16 في أكاديمية جهة الشرق؟ أعتقد حسب فهمي المتواضع، وكما علمني جدي لفقير ميمون رحمه الله، أن المزاج المريض لا يقدر قيمة الأشياء، لأن مفهوم القيم غائب لديه، وبالتالي يتحول إلى حال من ينطبق عليه المثل القائل: « للِّي كَيَحْسَبْ وَحْدُو يْشِطْلُو »، شأن الميكانيكي الذي يفكك قطعة غيار من سيارة وعندما يعيدها لحالتها الأولى يجد أن بعض « الْبُولُونَاتْ شَاطُو لِيهْ » … والسلام على أهل الطبشورة .. فأنا منكم وإليكم .. أحبكم أيها الأشاوس ..(يتبع)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د. محمد حماس




Aucun commentaire