هل تستطيع امريكا ان تتحرر من الهيمنة الصهيونية ؟

تثبت الوقائع يوما بعد يوم أن الإدارة الأمريكية في البيت الأبيض لا ترى في الشرق الأوسط سوى مصالحها المادية فقط من الناحية الاقتصادية، أما من الناحية السياسية فلا شيء يعلو فوق أمن وليدتها المدللة المسماة » إسرائيل » ، وأنها مهما ارتكبت من فظاعات ومهما اقترفت من مجازر ، فهي الدولة المهددة في وجودها والمحاطة بالأشرار العرب الذين يريدون رميها في البحــر كما يدعي قادة الصهاينة المجرمين منذ إنشاء هذا الكيان المسخ في خاصرة العالم العربي المريض..
يؤكد ذلك الترحيب اللافت الذي استقبل به زعيم الكيان الغاصب في البيت » الأبيض » نهاية الإسبوع المنصرم ، وما تلقاه من وعود وهبات سخية من الرئيس الأمريكي « باراك أوباما » الذي جدد التزامه بالحفاظ على أمن » اسرائيل » ، والزيادة في حجم المساعدات العسكرية والمدنية الأمريكية السنوية لإسرائيل من 3 مليارات دولار إلى 5 مليارات دولار .. بل ذهب الرئيس الأمريكي المغلوب على أمره أيضا إلى اعتبار أن اليهود الصهاينة هم المهددون في أمنهم وسلامتهم من قبل الفلسطينيين الذين يتربصون بهم في كل مكان بسكاكينهم و سيوفهم.. وحينما يقتل الجنود والمستوطنون فلسطينيا أعزلا فإنما هم يدافعون عن أنفسهم ليس إلا ..كما ذهب الرئيس الأمريكي ، المتنكر لأصله الإفريقي المسلم ، إن على الفلسطينيين وقف العنف ضد الإسرائليين « المساكين المسالمين » ، الذين لا يرغبون سوى في العيش بأمن وأمان ..على حد قول سيادة الرئيس المحترم .
يا سلام على المحبة و الحنو الذين أظهرهمـا سيادة الرئيس اتجاه أسياده الصهاينة .. أما قوافل الشهداء و الضحايا الفلسطينيين التي تسجل كل يوم وتساق إلى المدافن، فلا قيمة لها عنده ، فهي مجرد أرقام تنضاف الى قائمة المئات بل الآلاف من الذين قضوا بواسطة الآلة الصهيونية الفاشية التي لا تفعل شيئا سوى أنهـا تدافع عن نفسهــا ..
ألم يان للعرب أن يقتنعوا أشد الاقتناع بعدم جدوى الارتكان الى الموقف الأمريكي ، لأنه هو نفسه مرتهن في يد اللوبي الصهيوني الأمريكي ، ومنظماته العاملة و الفاعلة في كل مكان ،هل من المعقول الاعتماد على شخص يعتبر أمن اسرائيل أولوية قصوى تتقدم أحيانا على امن بلاده هو نفسه ؟؟ .. ألم يدعي أوباما في لقائه برئيس الكيان الغاصب » إن العالم وأمريكا كانا سيكونان أقـل أمنــا بدون وجود إسرائيل في الشرق الأوسط « .. أليس هذا تحريضا واضحا وصريحا على قتل الفلسطينيين ، وتوفيرا للغطاء السياسي والأيديولوجي للقتلة والمجرمين الصهاينة ؟؟ .إن هذه رسالة إلى كل العرب المهرولين إلى البيت الأبيض كلما حلت بهم طارئة و إلى السّاعين إلى التمسح بالولايات الأمريكية المتحدة ، المتمترسين معها ضدا على شعوبهـم ، وهي رسالة صادمة ـ في المقام الأول ـ الى السلطة الفلسطينية وعلى رأسها محمود عباس ، الذي لا يزال يأمل خيرا من اسياده في البيت الآبيض ..
ينبغي أن نفهم نحن العرب حكاما ومحكومين ، أن الذي يَـدّعي تحـرير الآخرين ومساعدتهم وحمايتهم ـ كما تُروّج لذلك أمريكا ـ يجب أن يَـشرع في تحرير نفسه وحمايتها أولا من هيمنة وسيطرة الصهيونية والماسونية العالمية ..بمعنى آخـر : يجب تحرير أمريكا أولا ، وفك أسرهــا من الصهاينة الذين يحكمونها ويتحكمون في كل مناحي الحياة فيـها، قبل الحديث عن أي تحرير آخر ، في أي بلد آخر .
ومثل هذه الدعوات، قد ظهرت في أكثر من مناسبة ، دعوات من أجل تحرير أمريكا من اللوبي الصهيوني تماما مثلما فعل النازيون في ألمانيا من قبل .. لكن هذه المرة ،من دون محارق أو معسكرات احـتجاز، وإنما بفـك الارتباط العضوي بما يسمى بإسرائيل ، وقطع الحبل السري بينها و بين أمريكا ، حبل يغذي هذا الكيان اللقيط من أقوات الأمريكيين ، ومن مستخلصات ضرائبهم و شقائهم وعرق جبينهم .. كيان يقتل بأموال أمريكية وبآلة حرب أمريكية ، ويقتات بأموال دافعي الضرائب الأمريكان ، الذين لا يعلم أكثرهم أين تقع « اسرائيل » ولا فلسطين حتــى .. ينبغي تحرير أمريكا أولا ، بتحرير رؤيتها السياسية من نظّـارات اللوبي الصهيوني، وباستقلال قرارها السيادي بشكل يجعل حكامها يضعون مصلحة أمريكا وشعبها فوق أي مصلحة أخرى ولو كانت إسرائيلية أو يهودية ، لأنه في آخر المطاف ، لا اليهود و لا الصهاينة سينقذون أمريكا من مصيرها المحتوم ، إن هي تمادت في دعمها للظلم و الطغيان في العالم ، وخاصة في فلسطين ، لأن ذلك سيهدد مصداقيتها التي تتآكل وستتآكل يوما بعد يوم ، إلى أن تتهاوى كما تهاوت أمبراطوريات عظيمة كانت قبلها ..حينها سيبحث الصهاينة عن موطن آخر يُـرحِّلون إليه أمـوالهـم ، ويعلنون لــه ولائــهم كما فعلوا من قبل ، وهذا ديدنهـم ؛ رغم أنه لا وَلاءَ ولا عهــد لهم عبر التاريــخ .
محمد المهدي ـ
12/11/2015





1 Comment
بل نسأل نفس السؤال بصيغة أخرى؟
هل يصمد الانظمة المعتدلة فى امريكا تجاه التحديات الخارجية؟
لو صمدوا و حققوا نجاحات و شعر الشارع الامريكى بهذه النجاحات فشل اللوبى الصهيونى