لبنى أمحيرالبرلمانية الشابة تتألق في الملتقى الدولي للمرأة المتوسطية
تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بقصر المؤتمرات لمدينة فاس نظم مركز ايزيس و منظمة كونراد ادينوار المؤتمر الدولي المنتدى الدولي للمرأة المتوسطية من 29 الى 31 مايو الذي كان تحت عنوان تصاعد العنف ضد النساء في منطقة الشرق الأوسط و شمال افريقيا قدمت النائبة البرلمانية الشابة لبنى أمحير تدخلا أثار الاعجاب و التضامن لكل الحاضرين حيث استهلت كلمتها بتقديم أسمى آيات الشكر والامتنان لمنظمي المؤتمر أولا لاختيار هذا الموضوع ثانيا لإتاحة الفرصة لي أن أتحدث حول ظاهرة التطرف والعنف والإرهاب في مجتمعاتنا وكيف أثرت هذه الظاهرة المؤلمة على وحدة الأمم والتنمية بشتى ابعادها .
يعد التطرف من الظواهر الخطيرة التي تلفت نظر العديد لاسيما في شمال افريقيا و الشرق الأوسط، ظاهرة تؤتر و تتأثر من ظواهر أخرى ..
التطرف هو المجاوزة هو التصلب هو التشدد..
و مفهوم التطرف يتغير مع الزمان و المكان يوجد التطرف في الديانات جمعاء في الاديولوجيات في شتى انحاء العالم و يظهر عند الجنسين معا.
وأطلق العلماء قديما كلمة التطرف الديني على القول المخالف للشرع وعلى الفعل المخالف للشرع. فهو فهم النصوص الشرعية فهما بعيدا عن مقصود الشارع، فالتطرف في الدين هو الفهم الذي يؤدي إلى إحدى النتيجتين المكروهتين، وهما الإفراط أو التفريط.
و يستخدم مفهوم التطرف في الإشارة الى الخروج عن القواعد و القيم و السلوكات المجتمعية المتعارف عليها قد يؤدي الى العنف في شكل فردي و جماعي منظم بهدف زعزعة استقرار المجتمع و فرض الرأي الاخر بصفة اجبارية.
و هنا قد يتحول التطرف من فكر الى نشاط سياسي غالبا ما يلجأ الى استخدام العنف لتحقيق المبادئ التي يؤمن بها الفكر المتطرف او اللجوء الى ارهاب نفسياو مادي او فكري او جسدي ضد كل من يقف عقبة في طريق تحقيق ذلك الهدف.
و حتى وقت قريب، كان ينظر الي التطرف العنيف والتعصب والإرهاب في الغالب علي انهم مجالات للذكور مع التغاضي عن مشاركة المرأة في ذلك. ومع ذلك، فإن تطرف المرأة ومشاركتها في المنظمات الإرهابية لا يكاد يكون ظاهرة يستهان بها، كما تزايدت الهجمات المتطرفة التي ترتكبها النساء و انظمامهن لصفوف الجماعات الارهابية يثير الكثير من الاهتمام و التخوف.
يمكن التعبير عن التطرف من خلال مجموعة متنوعة من الطرق. وأن المرجعية الأكثر شيوعاً كثيرا ما تشير الي الانتحاريات من الإناث، ولكن هذه ليست الوظيفة الوحيدة التي تخدم بها النساء في المنظمات الإرهابية وأنها قد يسند اليها أدوار أخرى مثل اللوجستيات، التجنيد، والقيادة التنفيذية، ومقاتلات وقادة أيديولوجيين أو سياسين. و دور المرأة في المنظمات الإرهابية حتى نهاية القرن ال 20 اتسم في الغالب بتقديم وظائف الدعم لنظرائهم الذكور، مثل جمع المعلومات الاستخبارية أو مقدمي الرعاية الصحية. على الرغم من أن النساء قد لا تزال تأخذ هذه الوظائف فهناك تحول نحو مشاركة أكثر تطرفا وتوطدا للنساء.
هناك العديد من الأسباب التي قد تجذب النساء إلى التطرف. أولا الانتقام لأحد افراد الأسرة ضد من ينظر إليه على أنه المسؤول يمكن أن يكون عاملا على تحفيز الانتحاريات من النساء. ثانيا، الاغتراب الاجتماعي في المجتمعات حيث يتم تهميش المرأة بسبب التمييز بين الجنسين أو عدم وجود حقوق قد تكون نقطة الانطلاق في جذب النساء للمنظمات الإرهابية الذين يقدمون لهم الشعور بالانتماء أو حتى بالتفوق.
وكثيرا ما يتم استغلال مشاعر المرأة الناتجة عن التهميش والتمييز وعدم المساواة بين الجنسين من قبل الجماعات الإرهابية الذين يدفعهن إلى التطرف كشكل من أشكال التمكين.
ويظهر في الطرف الآخر من المشهد النساء الغير متشددات المشاركات فى النضال من اجل منع التطرف ومكافحة الارهاب . هذا وقد بدأت الحكومات تدرك جيدا الدور الهام والكبير الذي يمكن أن تلعبه المرأة في مواجهة التطرف العنيف، واستثمار هذا في استراتيجيات وبرامج لتمكين المرأة، وكذلك الحد من احتمال وقوعها كفريسة للتجنيد فى المنظمات الإرهابية، وحث النساء أنفسهن للقيام بنشاط لمواجهة التطرف العنيف.
و لمواجهة التطرف العنيف يمكن للحكومات نهج استراتيجيات محورية ترتكز على تمكين المرأة ابتداءا من محاربة الفقر و التهميش وانعدام الفرص الاقتصادية التي تعد من العوامل الاساسية التي تدفع بالنساء إلى التطرف والتطرف العنيف.
وقد استجابت الحكومة المغربية من خلال تحديد سبل واتخاذ بعض التدابير لزيادة وكالة المرأة وتحسين نوعية وسبل معيشتها، مما يقلل من امكانية تورطهن في التطرف والارهاب. وتشمل هذه التدابير إنشاء برامج القروض الصغيرة، وزيادة التحاق البنات بالمدارس الابتدائية وخلق سبل معيشية أفضل من خلال العمل في مصانع الملابس.
في المغرب، حيث يؤدى الفقر ايضا لتفاقم التطرف، فقد نفذت الحكومة عدة تدابير لمكافحة التطرف، والحد من وضع الفوارق بين الجنسين وإدماج المرأة في المجتمع. أولا، في عام 2004، ادخال بعض التعديلات والتنقيحات على (قانون الاسرة) والتي تهدف إلى تعزيز المكانة الاجتماعية والاقتصادية للمرأة. في عام 2005، أطلقت الحكومة برنامجا ناجحا لبدء التصديق على وجود الأئمة من الاناث ويعرف ب « مورشيداتيس »، ويهدف إلى تشجيع الاعتدال الديني والتسامح للحد من التطرف.وحتى الآن هناك أكثر من 500 من العاملين فى البرنامج يتم تعزيز وتوسيع نفوذ عملهن الآن في السجون ومع الشباب والنساء في المجتمعات.
وعلى الرغم من أنه من الصعب جمع إحصاءات ملموسة محددة بشأن آثار هذه المبادرات على احتمالات تطرف المرأة وتجنيد النساء فى الجماعات الإرهابية،فإنه يظهر نجاح جدول اعمال مكافحة الارهاب بالمغرب حيث بدأ فى عام 2004 فى تنفيذ هذه المبادرات ، فقد احتل المركز (17) في مؤشرالارهاب لرؤية الانسانية، الذى يعمل و يعتمد على البيانات الصادرة من مؤشر الارهاب العالمى لمعهد الاقتصاد و السلام. (ملحوظة: يقيس هذا المؤشر الدول بدءا من الدول الأكثر تضررا من الإرهاب من أعلى إلى أسفل)، وبحلول عام 2011، فقد تم تحسين ترتيب ومركز المغرب إلى (39) من بين 158 دولة.
الوسيلة الثانية هي إشراك المرأة في عمليات صنع القرار، لا سيما فيما يتعلق بتطوير السياسات والاستراتيجيات في المبادرات الخاصة بمواجهة التطرف ومكافحة الارهاب. إن إدماج المرأة في مثل هذه القرارات هو اعتراف بدورها الاستراتيجي في مواجهة التطرف لما لها من مكانة محورية رئيسية في الأسر والمجتمعات المحلية.
و رفع صوت النساء فى مجال الامن و مكافحة الارهاب فان الأمهات هي الخط الأمامي للدفاع والوقاية من الإرهاب المتطرف، نظرا لموقعها الاستراتيجي الفريد فإن الأمهات غالبا ما يكن قلب عائلاتهن ونظرا لهذه الحقيقة فإنهن غالبا الاقرب لأطفالهن، وبالتالي لديهن القدرة على تحديد الخصائص أو السلوكيات التي قد تشير إلى السلوك المتطرف.
يجب اذن على الحكومات أن تعترف بزيادة دور المرأة كمشاركة نشطة في الجماعات الإرهابية وقدرتها على التطرف. كما ندعو إلى زيادة التمويل الحكومي للبحث في الدوافع الكامنة وراء تطرف المرأة، وهذا من شأنه أن يكون لديه القدرة على تعزيز تنمية وضع استراتيجيات وقائية فعالة لمعالجة الأسباب الجذرية التي تؤدي إلى تطرف النساء. وجاء في تقرير عام 2006 الذي أعده المقرر الخاص للأمم المتحدة حول « تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب » أن الجماعات الإرهابية ستستمرفي تجنيد الأفراد المهمشين (الذين هم غالبا من النساء) مع وعد بحياة أفضل.
وعلاوة على ذلك، يوضح المقرر الخاص أنه من أجل الحد من جاذبية الجماعات الإرهابية، فمن المهم أن الحكومات والأطراف المعنية تقوم بتعزيز دور المرأة والأطفال، وتلبية احتياجاتهم وحماية وتعزيز حقوق الإنسان من أجل تحسين وضع حياتهم. مع أخذ هذا في الحسبان، وأن حقيقة الأثار المشتركة التي تدفع النساء الي الانضمام إلى المنظمات الإرهابية يمكن أيضا أن تكون مرتبطة بانعدام الحقوق وعدم المساواة ما بين الجنسين فلابد من بدل المزيدمن الجهود لتمكين المرأة من خلال آليات لتعزيز الفرص التعليمية والاقتصادية والمهنية للنساء والفتيات، وهذا ليس فقط كإجراء لمكافحة الإرهاب ولكن في حقهن الذاتي كحق من حقوق الانسان و المواطنة الكاملة.
وعلى وجه الخصوص، يجب أن تركز الاهتمام على المناطق الفقيرة والمناطق الريفية ومناطق النزاع، حيث انه تمثل أرضا خصبة للارهاب ويكون تجنيد المتطرفين المحتملين أقوى.و ينبغى على الحكومات ان تركز أيضا على التعاون مع منظمات المجتمع المدني المحلية، لأنها غالبا ما يكون لديها القدرة اكثرعلى الوصول المباشر إلى الأفراد.
كما ينبغي زيادة التمويل الحكومي لبناء القدرات لموظفي المنظمات غير الحكومية من اجل زيادة فعاليتها في دعم الأفراد الأكثر عرضة للتطرف، وكذلك الحد من تجنيدهم من قبل الجماعات الإرهابية.
وقد شدد مجلس الامن الدولي في قراره رقم 1325 على دور المرأة في بناء السلام والامن، وعلى ضرورة المشاركة المتكافئة والتي تقوم على قدم المساواة للمرأة وكذلك مشاركتها الكاملة في جميع الجهود الرامية إلى صون وتعزيز السلام والأمن.
اخيرا، يمكن القول إن مشاركة المرأة يجب أن تكون متكاملة ولها نشاط في مبادرات مكافحة الارهاب، والتي تشكل جزءا من جدول الاعمال الشامل لحفظ السلام والامن. وبالتالي إشراك المرأة في عمليات صنع القرار المتعلقة بتصميم وتنفيذ وتقييم السياسات والاستراتيجيات الخاصة بمكافحة الارهاب،
كما يجب التأكيد على اهمية تنفيذ القرار رقم 1325 لزيادة دور المرأة في عمليات صنع القرار بشكل فعال.
و تجاهل المنظور الجنسى في اجراءات وتدابير مكافحة الارهاب، من خلال دمج وادخال مقاربة النوع في تصميم السياسات والاستراتيجيات المتعلقة بمكافحة الارهاب و تنفيذها.
الصفراوي محمد
خلال المؤتمر الدولي المنظم من طرف مركز ايزيس و منظمة كونراد ادينوار بفاس يوم 29 ماي 2015.
Aucun commentaire