Home»Débats»حكايا استاذ متقاعد : نبش في رحلة وراء الحدود 1

حكايا استاذ متقاعد : نبش في رحلة وراء الحدود 1

0
Shares
PinterestGoogle+

تميزت سنوات السبعينات بانتشار ظاهرة التعارف بين الشباب من مختلف الاجناس، حيث كان يكفي شراء قسيمة بريدية وبعثها لتتقاطر عروض التعارف من الجنسين.
خضت التجربة بدوري فتلقيت دعوة من فتاة فرنسية امتدت المراسلة بيننا عدة سنوات قبل أن التحق بالجامعة.
كانت المراسلة تسعى الى معرفة أشياء عديدة عن شخصي وعن بلدي وما يرتبط به.
أما أنا ، فقد كانت فرصة لي لأغني معرفتي بلغة،، موليير،، من مصدرها، ولا أنكر أنني استفدت واضطررت للبحث أكثر حتى اضيف ما يلزم من الملح لرسائلي، خاصة حينما دخلت ام الفتاة وأختها على الخط، وصرت اتلقى تحفا حقيقية في فن التعبير والخط!
توطدت رابطة التواصل حتى اصبح من غير اللائق قطعها بدون سبب مقنع.
عندما كنت أتابع دراستي بالجامعة، تلقيت دعوة من اسرة الفتاة لزيارة فرنسا، ولما لم أجد مبررا للتهرب من تلبية هذه الدعوة، قررت في النهاية أن ،، أقطع البحر،،!
كان علي أن أتحمل كل المتاعب التي يتطلبها الحصول على جواز السفر يومئذ حتى ليخيل للمرء وكأن ا لراغب في السفر شخص يفر من جنة بكامل نعيمها نحو بلاد الكفر!
أتممت الوثائق اللازمة ربيع سنة ثمان وسبعين وتسعمائة والف على أن اسافر خلال عطلة الصيف.
حجزت تذكرة الذهاب والاياب كما كان يشترط من محطة القطار بوجدة في اتجاه مدينة،، ليون،،كمحطة أولى دون أن اخبر الاسرة الفرنسية تحسبا لكل الطوارىء.
عندما وصلت مدينة البوغاز من حيث كنت ساركب البحر، فوجئت بمواجهة قانون لا يمكن تفعيله الا داخل حدودنا، ذلك أن المسافر يومئذ كان مطالبا بان يصرح بمبلغ مائة درهم فقط تسجل في جواز سفره!
ربما كان قصد الجهات المعنية هو حماية المدخرات من العملة الصعبة، ولكن هل يقبل عاقل أن يسافر بهذا المبلغ المضحك؟
كان المسافرون يمتثلون لرغبة،، المخزن،،ولكنهم يدسون المبلغ الحقيقي في مأمن من عيون الرقابة!
سلكت الطريق ذاته، فلما جاء دوري لختم الجواز، سألني الموظف المكلف عن وجهتي، فلما اخبرته بأنني احمل تذكرة ذهاب واياب الى فرنسا، اعاد الي الجواز بفظاظة وهو يقول: ،، والله لن تطأ قدماك تلك الارض،،!
اعتقدت أول الامر أن الرجل يمزح فابتسمت، لكنه استشاط غضبا واغلق الشباك في وجهي وانصرف!
أذكر ان هذا الرجل الذي أكرم وفادتي بهذا السلوك كان فاقدا لاحدى عينيه، لذلك قلت مع نفسي ربما كان احد شياطين الانس ساقه حظي العاثر لينغص علي فرحة ما احلم به!
احتججت امام شباك فارغ و انا لا أقوى على تجرع هذه الطعنة المجانية مستحضرا كل التداعيات:ضياع التذكرة، تبدد الاحلام، خيبة الامل، تندر الاصدقاء…..
عندما كنت اخاصم نفسي في غياب الخصم،أحسست فجاة بيد تمسكني من كتفي، فلما التفت، كان صاحب اليد ضابطا يزدان صدره بمختلف النياشين فتضاعفت مخاوفي!
صافحني الرجل ثم ربت على كتفي قائلا:
كف عن الغضب، فقد تابعت كل شيء، وستسافر كما كنت تتمنى بعد وقت وجيز، ولن ترى الرجل الذي منعك ،لان فريقا أخر سيحل محل الفوج السابق!
نزلت عند رغبة الرجل، فلما وصل دوري،ختم الموظف الجديد جواز سفري بلطف وتمنى لي سفرا مباركا!
استعدت سكينة النفس التي طردها شيطان الانس،وكان الضابط بانتظاري ليطمئن على حالي.
رافقني الى غاية مدخل السفينة ثم ودعني بمنتهى الادب!
لقد اراد الله أن يمتحنني في لمح البص عبر نموذجين من مخلوقاته التي له فيها شؤون، لذلك ساق الى طريقي من يشعل النار، ثم من يحولها الى برد وسلام!
لازلت الى الان ابحث عن ابسط تفسير لتصرف الموظف الأول، لكنني لم أجده، غير أنني سأعرفه يوم نقف بين يدي قاضي القضاة، لأنني لم اتمكن من تجاوز الوقع السيء الذي حدث في نفسي!
يتبع

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *