Home»Débats»حكايا استاد متقاعد ـ الحلقة 16 : 8 مختارات من الأطلس

حكايا استاد متقاعد ـ الحلقة 16 : 8 مختارات من الأطلس

0
Shares
PinterestGoogle+

خلال نزولي ضيفا على قريبي ب،،تيغزا،،وهي مجمع سكني غير بعيد عن ،مريرت،مخصص للعمال والاطر المشتغلين بمنجم،،عوام،،دعانا أحد أبناء المنطقة لحضور حفل عودة الحجاج ـــ كان دلك اواخر سبعينيات القرن الماضي ــ .
توجهنا مع حلول الظلام نحو إحدى القرى على بعد أميال من ،تيغزا،حيث أثارت انتباهنا مجموعة من الأضواء على شكل دائري اعتقدت أنها مدينة صغيرة،لكن رفيقنا قطع علي حبل الخيال حين
أوضح بأنها أضواء خيام تحيط ببيت الحاج!
كان الطريق عبارة عن مسلك يحتاج الى كثير من الحذر،إلى أن وجدنا أنفسنا وسط عالم متفرد!
لقد قدم أقارب ومعارف الحاج من كل مكان حاملين الخيام والزاد الذي يسد حاجتهم طيلة أيام الحفل،لأن الحاج تمنعه الأعراف من إيقاد النار،وحسبه أن يستقبل الناس!
عندما أوقفنا السيارة،فوجئنا بعشرات الأطفال يتحلقون حولنا،لأن ،هذه الالة،غريبة،عنهم،وكان رفيقنا يتولى ترجمة تساؤلات هؤلاء الأبرياء.
وبمقابل البون الذي يفصل الناس هناك عن مظاهر الحضارة،فإن تصريفهم للحياة يجعلهم في الواقع في غنى عن كل ما هو اصطناعي!
لقد وجدنا الضيوف قد انتظموا في حلقتين ،إحداهما تضم الكهول بمن فيهم الشيوخ،والأخرى الشباب من الجنسين يرتدون أزياء محلية مزركشة بالنسبة للإناث والجميع يتفنون في أداء رقصات وأهازيج تطرب الأذن وتشد إليها العين!
لقد كان الأداء عفويا يدل على أن الإنسان في هذه الربوع يمارس الحياة على السليقة،ولم تمتد إليه ،،يد التقدم،،التي أفرغت تراثنا من سحره!
ما كدنا نستمتع بالرقصات حتى تلقينا دعوة من إحدى النساء من معارف رفيقنا لتناول الشاي،ولما اعتذرنا،فهمت المرأة أننا ،غرباء،مما حملها على دعوتنا بنفسها ، فلبينا الدعوة!
دخلنا سرادقا تؤثثه مطارف تقليدية اية في الإبداع الفطري،وقدمت لنا المضيفة أنفس ما في حوزتها من عسل طبيعي وفواكه جافة.
أيقنت أن هذه المعاملة الخالية من التصنع،إنما هي قاسم مشترك بين الأمازيغ الذين لا زالوا يربطون بين الكرم وعزة النفس!
اعتذرنا عن المبيت،وعدنا للاستمتاع بما يجري في الحلقتين إلى ساعة متأخرة من الليل قبل العودة إلى،،تيغزا،،.
شاءت الأقدار أن التقي بالمؤسسة التي عينت بها مع أستاذ شاب ينحذر من قلب الأطلس المتوسط،وحين علم إعجابي بأنغام المنطقة،أطلعني على بحثه الجامعي الذي كان موضوعه يتناول الأهازيج التي يتبادلها أهل العريسين قبيل مغادرة العروس لبيت والديها.
لقد عرفت حينئذ أن أمازيغية الأطلس تزخر بكل مقومات اللغات المتكاملة،فلها بلاغتها ورمزيتها ،ولها شاعريتها،مما يغنيها عن الاستنجاد بالعربية كما هو الحال عندنا!
ولم يفت الأستاذ أن يضعني في صورة ما يحدث بقبائل ،،أيت سغروشن،،عندما يستقبل أهل العروس ضيوفهم بكل معاني الحفاوة المرتجلة شعرا،ليرد عليهم الاخرون بما يناسب،وتستمر وتيرة ارتجال الشعر تدريجيا إلى أن تتحول إلى ما يشبه النقائض المعروفة في الادب العربي،لتنتهي المساجلات بين الفريقين على وقع تبادل الرشق بالحجارة عندما يحس أحد الأطراف بالهزيمة!
هذا جانب واحد من خبايا الأطلس،أما حين يتعلق الامر بمضامين الأغاني الأصيلة ومبدعيها،فإن الأمر يتطلب وقفة مطولة عند كثير من المعاني التي ينفرد بها المبدعون هناك.
لقد كان لزميلي فضل لن أنساه حين أسمعني أغاني ملتزمة صادرة عن مبدعيها بكل عفوية،إلى جانب الأغراض الأخرى المألوفة من غزل وصوفية وغيرهما،لكن الملاحظ اليوم أن هذا التراث قد بدأت تمتد إليه أيادي التخريب بدعوى التطوير،بينما تعمل في الواقع على نشر الابتذال والميوعة!

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *