Home»نافذة على المدرسة العمومية :الثروة المادية واللامادية قراءة في مفدرات المؤسسة التعليمية.

نافذة على المدرسة العمومية :الثروة المادية واللامادية قراءة في مفدرات المؤسسة التعليمية.

0
Shares
PinterestGoogle+

1- قراءة تشخيصية :

إن القراءة المستقبلية  لواقع المدرسة الوطنية العمومية  ،كفيل بتأمين الانتقال، من عاطفة التغييرإلى إرادة التغيير ،ومن إرادة التغيير إلى فعل التغيير،وحقيق بتجسيد الإصلاح المخطط  على أرض الواقع  ،  على قاعدة  الخرائط الذهنية المؤسسة على الفكر الاستباقي التوقعي ، المدبر لمختلف الوضعيات السابقة ، أو اللاحقة لكل تغيير منشود، وتأطيره بأبعاد زمانية ومكانية ومعرفية  ،تستدرج وعي المصلح إلى صدمة المستقبل، وضبط كدماتها على العقل المدرك لحقيقة معضلة الارتباك ، التي تعيشها المدرسة المغربية ،وكسب تحدي التكيف المتوازن  مع إيقاعات التحول البطيئ، المؤطر بخطط عمل غير ناجعة ، ورؤى استراتيجية  متجاوزة ،تعود لمرحلة ماقبل مجتمع المعرفة ، وبين أداء متميز مرغوب يحركه ربح رهان  التغيير المخطط ، ورؤى استراتيجية تشغل آليات التحول الحقيقي : »التدبير التشاركي، والثروة ، والمعرفة « .

فإذا أمكن تحويل التدبير على الورق ،من المركزية والتركيز إلى اللامركزية واللاتركيز ،فإن هناك أشواطا تنتظر المدرسة العمومية، لبلوغ مرحلة التدبير المستقل على صعيد المؤسسة  .وإذا أمكن تقنين ميزانيات التسيير، وتغذيتها باعتمادات إضافية، وبرامج منمية كتيسير، ومليون محفظة  ،والنقل للجميع… أو برفع اشتراكات جمعية الآباء، ودعم جمعية مدرسة النجاح المرتهن بالبرنامج الاستعجالي، فإن تحويل ثروة المدرسة العمومية ، لم تتحول بعد إلى معرفة يحكمها الاقتصاد المخطط ، الذي يقوم على  حسن تدبير الثروة الحالية ، ثم تنميتها بمشاريع حقيقية تنهض بأوضاع المؤسسة المغربية ، في غياب الإطار القانوني المواكب ، من خلال هيكلة جديدة لمواردها البشرية ،ولطواقمها التربوية والإدارية ، بواسطة ضبط مدونة مهام جديدة ، تتماشى مع الوظائف الجديدة للمدرسة المغربية ، تفضي إلى خلق ثروة إضافية تعين على التدبير التشاركي  ،وتجسيد بيداغوجيا  التعاقد و تنزيل بيداغوجيا المشروع ،وتوسيع استعمال البيداغوجيا الرقمية في أفق الانتقال من الأداءات الدنيا إلى الأداءات العليا ، والارتقاء في درجات سلم الجودة ، في زمن  أصبح العمل مضاربة رمزية ،والمعرفة أساس الاقتصاد الجديد ،التي تقلل من الحاجة إلى المواد الأولية ،والعمالة ، والوقت… وتكسب رهان معركة التصنيع ، و مسك شاهد التحكم في التقنية في سباق المنافسة بين المجتمعات الرقمية ، يكون  أرنبه المعرفة العالمة التي تؤطرالسباق، بالمعرفة  المفهومية ،والمهارية وتؤطر مداره بالمعرفة التصرفية و الوجودية ،لسد الفجوة بين التغير والتغيير، بين العشوائية والتخطيط ،  وتأمين الانتقال من نفاذ المعرفة إلى باطن المتعلمين لتحقيق التأثير بالمعلومة، إلى نفوذ المعرفة على المدرسة الوطنية وممارستها لسلطة التشغيل على المتعلمين ، في شكل الحياة ، وتكوين الشخصية ، وقيم الأسرة ،وتنويع فرص الاقتصاد ،وإحداث تبدلات في واقع المدرسة ، وتركيبتها في أفق حل إشكالات الحاضر ،والتهييئ لانتظارات  المستقبل ، وفق نموذج تعليمي تنموي ، يقوم على محوري التلقي والتمهير ، ينقل المتمدرس من المعرفة المدرسية إلى المعرفة الممهننة :

يقول توفلر: » بدلا من وجهة نظر الموجة الثانية /حضارة الثورة الصناعية/: » بأننا مسجونون في كون مغلق يعمل وظيفيا كالساعة الآلية، إننا نجد أنفسنا في نظام أكثر مرونة، فيه احتمالية دائمة لعدم الاستقرار، إننا نعيش في كون مفتوح يفرض علينا ثقافة جديدة موجهة نحو التغيير والتنوع المتنامي، ستحاول دمج الأفكار الجديدة حول الطبيعة، والتطور، والتقدم، والمفاهيم الجديدة الأكثر غنى حول الزمان والمكان » حضارة الموجة الثالثةص5

إن التغيير هو سمة المدرسة المغربية ،

فهو يمس المؤسسة والمجتمع المدرسي والمحيط بمكوناته الدينية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية ،ويمثل صدمة المستقبل ليستحث رد فعل الحاضر، لتدقيق السرعة ،وضبط الإيقاع ، والتحكم  في عنصر الزمن ،لأنه  العامل الحاسم في عملية التغيير إلى جانب تأثير العلاقات المكانية…يقول توفلر: »إن الزمن يلتف، أوينحرف في الطبيعة حيث تبدو المحصلة النهائية مختلفة، ويعتمد في ذلك على المكان الذي يقاس منه. »حضارة الموجة الثالثةص324-325

 وحتى نتمكن من سبر فكر الإصلاح المرتقب، واعتماد آليات المنهج البنائي لنقارب أوضاع المدرسة المغربية ، من  منظور نظرية التغيير، موظفين وحدات التحليل الصغرى والكبرى، في هذا النموذج التحليلي.

بداية أن من أسباب تراجع المردودية الداخلية والخارجية للمدرسة الوطنية المغربية ، الصراع بين تيار التدويل والتيار الوطني ، الشيء الذي ساهم في سوء تدبير موضوعة  التغيير،و ضاعف من درجة الاختلال بين بطء التغيير داخل المدرسة  ،وسرعة التغيير في الخارج بسبب التهافت على الثروة المادية ،

ومشروع خوصصة التعليم ، وإهمال الثروة اللامادية ، ومقدرات المدرسة العمومية ؟؟؟؟

إن فسيفساء المدرسة والمعرفة والقيم  بتجلياتها ،آخذ في التشكل على قاعدة صراع هيمنة، بين التعليم الخصوصي والتعليم العمومي  ، حيث تحولت نقطة الضوء إلى حريق غضب. « مما جعل محور المعرفة  السياسة لا الحقيقة ،وأساس القرارات المصالح لا النتائج الموضوعية . والخاسر في هذا الاتجاه المدرسة الوطنية ؟؟؟؟

إن التنمية البشرية والاقتصادية مشروطة بسد الفجوة الالكترونية بين المبطئين والمسرعين ، مما يجعل التغيرات الداخلية أول بؤرة لتحول المدرسة ، ضمن نسق العلاقات الذي يحكم شبكة الروابط بين أضلاع مثلث التغيير: التدبير، والثروة  ،والمعرفة،  في إطار تصادمها مع المستقبل.

إن أزمات المدرسة السابقة والراهنة ،هي أساس إعادة بناء نظام تعليمي جديد ،تتنامى فيه المكونات غير المحسوسة ،فيرتكز التعليم على الرأسمال الرمزي ، والمعرفة المورد الأساسي لأشكال التنمية ، والضامن لتحول المدرسة من مرحلة حضانة المعرفة والقيم ، إلى مرحلة صناعة الإنسان، و تحويل العلم إلى ثقافة وسلوك ،في أفق تكوين الأطرالكفءة ،بحسب حاجة اقتصاد المعرفة .

 فحسب تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية لسنة 1990  ، فالمسالة التعليمية هي مسألة: « اختيارات أفراد، يحصلون على التعليم، ليتمتعوا بمستوى معيشي لائق . » يقول بان كيمون : » يجب على العالم أن يولي عناية خاصة، لحاجات الفئات الضعيفة المعرضة للإقصاء. »

  بيد أن القضية هي قضية تدبير للمورد البشري، فحسب تقرير ج.م.ر حول التربية للجميع ، أن 75 في المائة من المدرسين ،هم الذين تم تكوينهم وفق معايير وطنية. لذلك يوصي التقرير الدولي للتتبع ،بعدما سجل نقصا ملحوظا في عدد المدرسين، بفعل التقاعد الطوعي ،أو الجزئي ،أو الكلي ،بسن سياسة علمية في التكوين تستجيب لشروط التكوين الجيد  ، وتضمن  توزيعهم بشكل عادل ، وتستقطب أحسنهم، وتحفزهم، وتمدهم بشروط العمل الضرورية،  لتأمين النجاعة والفعالية التي أوصى بها تقريرالفريق الخاص للمجموعة المرجعية  ت.ر.ج ،خصوصا أن إحصاء 2011 كشف عن تنامي مطرد لأعداد التلاميذ في الفصول الدراسية،

 تجاوز عتبة الأربعين تلميذا  ،ولدرء المخاطر وتقوية المنعة ، دعت هيلين كلارك ،مديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى « تجنيد الجميع، وتعميم نتائج التقدم على كل الأفراد »،  و »تمتيع الموارد البشرية بخيارات صلبة ، تمكن من التكيف والتصدي، وتأهيل العمل الجماعي . »لأن التقدم البشري ليس تلقائيا، ولا حتميا  ،بل هو عمل يصنع « .كما يرى مارتن لوثر كينغ.

فمن المسؤول عن هذا الارتباك الذي تعرفه المدرسة الوطنية ؟ هل الأمر مرده إلى ؟:

*-غموض الرؤية المستقبلية، وعدم ربط التعليم بالتنمية البشرية الشاملة المستدامة ،على صعيد التخطيط والتنزيل.

*- أم يعود إلى التردد في  مركز صناعة السياسات العمومية  ،لاتخاذ القرارات الحاسمة  لملاءمة النموذج التنموي المعتمد من طرف الدولة،  بالنمط التعليمي المتوخى :

1-  عمومي مدعم من طرف الدولة ، يتبنى سياسة وطنية في التكوين والتربية  ، منفتحة على استراتيجيات حديثة  وأصيلة في نفس الآن ، تستجيب لمقتضيات المشروع المجتمعي الوطني ، وتتناغم مع متطلبات  البرنامج الحكومي  المؤجرأ، في أفق تنمية الثروة المادية واللامادية للمدرسة المغربية ، بشكل يحافظ على عناصر الهوية بروافدها ، وينشد تحقيق  العدالة في الحقوق والواجبات،  والمناصفة النوعية والمجالية ، والانخراط الفعلي في مجتمع المعرفة ،والاقتصاد الأخضر ، على طريق حل المعضلات الكبرى : العرض التربوي الجيد في التكوين والتمهير، والقضاء البطالة بأشكالها ،والتميز في البحث العلمي والالتحاق بمصاف الدول النامية ،من خلال ترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص ، وتوزيع الحظوظ و الثروة على الجميع ،للنهوض بمقدرات الوطن المادية والروحية.

2-    خصوصي ، يسمح  بهامش من الحرية في المبادرة و الاستثمار، يتمتع بها  الرأسمال المال الوطني أو الأجنبي في إطار تنافسي ، يحيل المؤسسة التعليمية إلى مقاولة بشرية صغرى ، تنزع نحو ليبرالية  اجتماعية ، وتنحو منحى المقاولة الصناعية  في ضبط مراحل الإنتاج ،واختيار أنجع أساليب العمل ، وتوفير أحدث المعدات والشروط، ومراعاة مواصفات الجودة ،والالتزام بمتطلبات السوق الاقتصادي والثقافي ، وفق قانون العرض والطلب، لصياغة إنسان حر مبادر، يلتزم بقواعد المنافسة، في تشكيل نموذج إنساني متناغم  وابتكارالمعرفة  الضرورية ، لأجرأة  النموذج التنموي الليبرالي الاجتماعي الديمقراطي،  في شتى المناشط  وجميع القطاعات.

المراجع

1-حضارة الموجة الثالثة ترجمة عصام الشيخ قاسم.

2-صدمة المستقبل المتغيرات في عالم الغد ترجمة محمد علي ناصف.

3- تحول السلطة بين المعرفة والعنف والثروة.

4-تقرير التنمية البشرية لسنة 1990 .

5-تقرير التنمية البشرية لسنة 2014.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *