نحو تحقيق نوع من دمقرطة المعرفة في تعاطي مع ألقاب أسماء مدن مغربية

لقد عبرت المجتمعات النامية منذ اصطدامها الحضاري بالغرب، ووعيها بالبون الشاسع الذي يفصلها عنه على مستويات متعددة، عن حاجتها إلى مختلف مظاهر التحديث. لكن الحداثة وإن كانت ضرورة ملحة، وحاجة لا غنى عنها، فإنها أدت بتلك المجتمعات إلى نتائج لم تكن في الحسبان. فقد تعرضت الثقافات المحلية والخصوصيات الذاتية إلى هجمة شرسة لا قبل لتلك المجتمعات بردها في ظل عولمة لا تبقي ولا تذر.
وهكذا، فلئن كانت المجتمعات النامية قد نجحت بدرجات متفاوتة في الانخراط في العصر، إلا أنها دفعت مقابل ذلك ثمنا باهضا من مقوماتها الحضارية والثقافية، ابتداء من أنماط إنتاجها وطرق عيشها وانتهاء بتقاليدها وعاداتها واحتفالاتها وإنتاجاتها الرمزية. وتعد أسماء الأماكن الشعبية بدون شك واحدة من تلك الأشكال التي يتهددها الضياع والانقراض، إن لم يكن رصيد هام منها قد ضاع فعلا برحيل ما تبقى من الأجيال التي ظلت متشبثة بمقومات شخصيتها الجماعية.
وتعد أسماء الأماكن بدون شك واحدة من تلك الأشكال التي يتهددها الضياع والانقراض، إن لم يكن رصيد هام منها قد ضاع فعلا برحيل ما تبقى من الأجيال التي ظلت متشبثة بمقومات شخصيتها الجماعية.
ووعيا بضرورة الحفاظ على هذا التراث الثقافي وصيانته من الضياع، باعتباره جزءا من الذاكرة الجماعية، فقد انبريت لجمع دلالات أسماء الأماكن لمدننا العتيقة وتدوينها، ثم قمت بتبويبها وتصنيفها ودراستها. ولئن كان هذا الجهد مساهمة متواضعة في إنقاذ هذا المخزون الثقافي من الاندثار، فإن الآمال ما تزال معقودة على جهود أخرى لاستدراك ما فات في هذا السياق. ونورد في هذا السياق بعض الدلالات لاسم مدينة وجدة على سبيل المثال
إن مدينة وجدة عاصمة الشرق المغربي،هذا الاسم له عدة اشتقاقات و أهمها:
» وجدة وتعني الثروة والرخاء، وجيدة و تعني الأرض المستوية، والجديدة وتعني المدينة الحديثة البناء لان بنائها أعيد مرات كثيرة، وواجدة أي المتأهبة بمعنى المدينة الحدودية المستعدة دوما للدفاع عن نفسها، والوجود أي الصلحاء. ويبدو أن الرواية التي قالت باشتقاق وجدة من وجيدة لابد أن تكون هي الأكثر صوابا، ذلك أن إحدى قنوات توزيع مياه سيدي يحيى مازالت تحمل هذا الاسم…ودعيت وجدة كذلك بمدينة الحيرة أي مدينة الخوف، كما دعيت بمدينة السدرة أي السدر… »
ومن الناحية التضاريسية، فإن وجدة تمتاز بالبساطة » ففي الشمال يوجد سهل أنكاد، وبالقسم الغربي تنتهي آخر أخاديد مرتفعات بني زناسن، وفي الجنوب تبقى الاتصالات جد يسيرة رغم وجود المنطقة المتعرجة التي تخلقها التلال المنحدرة من النهاية الغربية لكتلة بني سنوس… « .
فمدينة وجدة هي الحاضرة الشاهدة على التاريخ بأسوارها العتيقة و بواباتها الضخمة و أزقتها الأثرية و أقواسها المتقنة. بالإضافة إلى أضرحة الأولياء والصلحاء بهذه المنطقة الشرقية و التي لعبت دورا دينيا وثقافيا إلى جانب الزوايا.
Aucun commentaire