عادت الصور الكاريكاتورية المسيئة لشخص الرسول الأعظم صلى الله وسلم عليه للظهور من جديد في الدنمارك . ومعاودة الإساءة يعني الإصرار عليها مما يدل على شدة الحقد عليه وعلى الإسلام. ومعلوم أن التصوير الكاريكاتوري نوع من النقد الساخر عن طريق التقبيح بحيث تقدم المادة المستقبحة في ثقافة من الثقافات كاريكاتوريا للفت الأنظار لقبحها وهذا من شأنه أن يجعل الناس يسخرون منها مما يعني النفور منها والإعراض عنها. فالدنمارك البلد الصليبي نظريا عقيدة والعلماني واقعا وحياة يشمئز أصحاب القرار فيه من إسلام يسفه الخرافات الصليبية من جهة ؛ ويفضح إباحية العلمانية من جهة أخرى. وحتى يوفر هؤلاء أسباب الوجود والبقاء لعقيدة الصليبية ـ والصحيح أن تنسب للصليب عوض أن تنسب للنبي الكريم عيسى المسيح صلوات الله عليه ـ ولنمط عيش العلمانية لا بد لهم من عدو محتمل لتبرير وجود و بقاء صليبية معلمنة ؛ ولن يوجد خير من إسلام له موقف واضح وصريح من خرافة الصليب إذ ينزه القرآن الكريم عيسى عليه السلام عن الصلب ( وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ) مما ينفي عقيدة الصليب جملة وتفصيلا وما يترب عن ذلك من خزعبلات؛ وله موقف واضح أيضا من سيادة الأهواء في العلمانية عوض سيادة شرع الله عز وجل إذ جاء في القرآن : ( يردون أن يتحاكموا إلى الطاغوت ) وما الطاغوت سوى الأهواء كما هو الحال في علمانية تنصب نفسها بديلا عن شرع الله .

فالمس بشخص الرسول الأعظم معناه التعريض بشرع الله الذي يمثله هذا الرسول الذي يصفه الله تعالى الوصف التالي : ( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله) فالله يشهد بالاستقامة لرسوله صلى الله عليه وسلم ؛ إذن فالمصور لهذا الرسول كاريكاتوريا يتوخى تقديمه في صور ساخرة تعكس السخرية من دينه الذي وصفه الله تعالى بالاستقامة بغرض صرف الدنماركيين خصوصا الشباب منهم عن هذا الدين الذي يجدون فيه البديل عن خرافة الصليبية وإباحية العلمانية إذا ما خلى المسئولون بينهم وبينه دون تدخل يعتمد القدح فيه انطلاقا من أحقاد.

وشأن من يريد النيل من رسول الله بهذه الطريقة المعبرة عن بلادة أصحابها شان كلاب تنبح نجوم الليل ظانة النيل منها ؛ وقد بحت أصواتها من النباح الدال على الغباء. فمع الجزم بأن أصحاب الإساءة الدنماركيون استهدفوا الرسول الكريم عمدا لصرف أبنائهم عن دينه وهم مقتنعون بصحته وصوابه وحقانيته ؛ فإن المؤسف حقا أن المسلمين دون مستوى تمثيل صراطه المستقيم بسبب انحرافاتهم مما البون شاسعا بين ما يعتقدون وبين ما يفعلون مصداقا للقول الشهير لأحد المطلعين على الإسلام قبل الاحتكاك بأتباعه : إذا كان هذا قرآنا فأين هم المسلمون ؛ وإذا كان هؤلاء مسلمين فأين القرآن ؟؟ وبهذا الاعتبار تكون الرسوم الكاريكاتورية عبارة عن تصوير لانحراف المسلمين عن الصراط المستقيم لما هم عليه اليوم من بعد عن دينهم مما يجعل الجاهل بالإسلام وغير المطلع عليه يقيس السلوك القويم للرسول الكريم خطأ على السلوك المنحرف لأتباعه في هذا العصر ؛ وهكذا تبدو الصور الكاريكاتورية ذات دلالة لم يقصد إليها أصحاب الإساءة ولكنها تصح؛ وهذا ما عبر عنه أحد العوام بعفوية تعقيبا على خبر إعادة نشر الرسوم المسيئة قائلا : نحن أولى بهذه الرسوم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن على هذه الحال من البعد عن الدين.