التنشئة المفربية ترصد علاقة الفن والثقافة بالدماغ
"التنشئة" المغربية ترصد علاقة الفن والثقافة بالدماغ عزيز باكوش – المغرب
" دور الدماغ في تنظيم الوظائف اللسانية عند مزدوجي اللغة" للدكتور العربي ابن الفقيه من كلية علوم التربية بالرباط (من المغرب ) أول ما يطالعنا من دراسات في العدد الجديد، أكتوبر 2007 من مجلة" التنشئة" ، التي تصدر دوريا بالمغرب . "التنشئة" تربوية علمية متخصصة، صدر عددها الأول في أبريل 2004، ويرأس تحريرها حاليا ذ .الحسين البيرات، ويساعده محمد باحمد. ويرأس تحرير المجلة .عبد السلام رجواني وعبد الله هلو الى جانب هيئة تحرير تضم كل من العربي بلفقيه، عبد الله الأشقر، خديجة شاكر، خديجة بركات، إدريس بنسعيد، احمد بنحمو، محمد امزيان، محمد داهي، مصطفى محسن ،محمد اوبلعيد ، عبد المجيد التوزاني عبد العزيز قريش. في مقدمة بحثه العلمي الرصين، يؤكد ابن الفقيه أنه على بالرغم من مرور أزيد من قرن من الزمن على بداية الأبحاث العصبية والعصبية التشريحية التي مكنت من فهم بعض المراحل والميكانيزمات المتحكمة في بلورة اللسان على مستوى الدماغ ، فان الفهم النفسي والإحيائي البيولوجي لاشتغاله ما زال في بدايته. إذ لا نعرف عنه إلا الشيء اليسير عبر سبل مختلفة للبحث وملاحظة حالات عصبية مرضية لم يتعد تحديد البنيات الدماغية العليا او السفلى ، وكذا الدارات الخاصة بالعضلات والأعضاء الصواتية التي يشغلها الدماغ من اجل إنتاج وتنظيم المعنى. الى جانب ذلك ، يحاول بلفقيه في دراسته ملامسة بعض جوانب اللسان بوصفه نتاجا للدماغ ..مركزا على عدة نقاط منها
1-دور الدماغ في تنظيم اللسان وبنينته سواء لدى وحيد اللغة او مزدوجها، علما بان اللسان يساهم في تطوير قدرات الدماغ.
2 –إنتاج ومعالجة الدماغ للسان ، على نحو معقد جدا إذ أثبتت أبحاث علم حياة الجهاز العصبي وعلم تشريح ، وعلم الأمراض العصبية عمق التكامل بين شقي الدماغ في الأنشطة اللسانية . ومن خلال ذلك، يخلص البحث الى أن مختلف مقاربات علم حياة الجهاز العصبي أسهمت إسهاما بالغا في فهم والميكانيزمات والسيرورات المتعلقة باكتساب الأنشطة اللسانية سواء عند وحيد اللغة، او متعددها ، وفي تدقيق تحليل مكونات اللسان ، وكذا في تحديد سيميولوجية الاضطرابات التي قد تلحق بهذه الوظيفة العليا لدى الإنسان. الدكتور عبد الله هلو من المركز التربوي الجهوي من فاس بالمملكة المغربية ،يحاور في موضوع الاستراتيجيات التعلمية متسائلا عبر ثلاث محاور وسؤال. ما المقصود بالاستراتيجيات التعلمية ؟ في هذا الإطار، يشير ذ.هلو الى أننا نعيش زمنا ، أصبحت فيه المعرفة بكل أصنافها ،وبكل اللغات في متناول كل راغب، بفضل ما توفره تقنيات الإعلام والاتصال الحديثة من إمكانيات استقبال تلك المعلومات ، ومعالجتها وتمثلها وتخزينها والاستفادة منها لحل ما يواجهه الفرد من إشكالات في مجال التعلم المدرسي على الخصوص. ويرى الدكتور هلو أن دراسة الاستراتيجيات المعرفية وتدريب التلاميذ على استعمال أنسبها وفقا لخصوصيات كل مادة دراسية تمكن من تحقيق القفزة النوعية في التعلم التي طالما سعت وراءها مختلف الإصلاحات التي تعاقبت على النظام التعليمي المغربي
. ويضيف " إن حمل التلاميذ على التفكير في عاداتهم الدراسية ، وتفحص أساليبهم في استقبال المعرفة ومعالجتها وتخزينها بذاكرتهم، وكيفية استحضارها في المواقف التي تتطلب ذلك، ومناقشة ذلك مع زملائهم ومربيهم ، سيجعلهم يقفون على قلة جدوى كثير مما درجوا عليه من عادات في حفظ الدروس والاستفادة منها. كما سيجعل المربين أنفسهم، يدركون محدودية كثير من الإجراءات التي يطالبون بها التلاميذ ويعاقبونهم على عدم تنفيذها. ومن خلال ذلك يصل الباحث الى أن " دراسة الاستراتيجيات التعلمية تمكن طرفي العلاقة التربوية كليهما من تغيير الكثير من أنماط السلوك التي تبدو لغياب التساؤل حول مبررات التمسك بها ، وكأنها من طبيعة الأمور، او من البديهيات التي لا تحتاج الى برهنة او تعليل. في نفس العدد يقارب الدكتور محمد داهي من المغرب مسالة "تحسين جودة الخدمات التربوية" ميدانيا. مسترشدا بمعالم المقاربة النسقية لمعالجة الخدمات التي تقدمها إدارة ثانوية علال الفاسي في تفاعلها مع مكونات أخرى، سواء أكانت داخلية = الإداريون المدرسون التلاميذ= أم خارجية" الآباء " وقد انطلق الباحث من إشكالات محددة بإمكان المتتبع المهتم التحقق منها. وتأتي الصدمة بعد إفراغ محتويات الاستمارات ، ليتبين مواطن ضعف الأداء الخدماتي ومواطن قوته، إذ من بين نقائصه يشير الباحث الى "انتفاء بنيات التشاور والتنسيق والتتبع والتقويم ، وعدم انخراط المؤسسة في مشروع تربوي مفيد، وعدم إرضاء المنتفعين من انتظام خدماتها وتطوير تقنياتها الإعلامية، وأساليبها التواصلية، وإصلاح مرافقها الحيوية وتنظيفها. ومن الايجابيات يقف الباحث على ، ضبط تغيبات التلاميذ وتاخراتهم، وطبع اللوائح بالحاسوب ، وإرفاقها بمعطيات سيرية" السن التاريخ الميلاد" وتوزيعها في وقت مبكر ، وانطلاق الموسم الدراسي في إبانه. لماذا التغيير في المناهج الدراسية؟ ولماذا الانتقال من بيداغوجيا الأهداف الى بيداغو جيا الكفايات؟ سؤالان مركزيان في مداخلة الدكتور عبد المجيد التوزاني من المدرسة العليا للأساتذة بمكناس ، للإجابة عنهما ، يستعرض ذ.التوزاني مشروعيتهما التاريخية من اعتبار المدرسة واقعة تاريخية تعكس مجمل التوجهات والاختيارات الإستراتيجية التي تتحدد على مستويات فلسفية وسياسية وثقافية وحضارية ، لضمان استمرارية المجتمع بصفته كيانا حيويا يخضع للتطور الحتمي. لقد مرت المدرسة المغربية "يقول الدكتور التوزاني" بمراحل تاريخية طبعتها بطابعها الفكري والإيديولوجي الخاص، كما أخضعتها لمنظومة معرفية وقوالب منهجية وبيداغوجية خاصة. وبعد الاستقلال ، ظهرت محاولة لتأسيس مدرسة وطنية ترتكز على المبادئ الأربعة المعروفة التوحيد – التعريب- التعميم – والمغربة .م.ج. وإذا كانت المدرسة المغربية قد حققت جزئيا بعض هذه المبادئ، فهي من حيث البيداغوغيا وتقنيات التدريس والتعلم يضيف الدكتور التوزاني بقيت منحصرة في البيداغوجيا التقليدية للمدرسة الفرنسية ، ويتابع موضحا" منذ السنة الدراسية 85/86 تبنت المدرسة المغربية نظاما بيداغوجيا جديدا سواء على مستوى بنائي : التعليم الأساسي بسلكيه الأول والثاني والتعليم الثانوي ، او على مستوى منهجي ، عند تبني بيداغوجيا التدريس بواسطة الأهداف. لكن الميثاق الوطني للتربية والتكوين الحالي بصفته يمثل الخلفية النظرية الاجتماعية والفلسفية والسياسية للممارسة البيداغوجية بشقيها المنهجي والمعرفي ، طرح تصورا جديدا لمقاربة العملية التعليمية وفق تدبير جديد لآليات التعلم وفق منظور ما أصبح يسمى بيداغوجيا الكفايات. فلماذا إذن هذا التغيير؟؟؟ يرى الباحث أن المقاربة السلوكية في التعلم = بيداغوجيا الأهداف= صاغت جل قوانينها " قانون التدريب والأثر، قانون المثير والاستجابة، قانون الترابط ، قانون التعزيز ..اعتمادا على التقنيات المخبرية للترويض الحيواني، لذلك لا تهتم إلا بالتجليات السلوكية الخارجية التي لا يمكن ملاحظتها وقياسها بوسائل سهلة ومقننة من الخارج ، إذ لا مكان هنا لما يسمى بالعوامل النفسية الداخلية، او اللاشعورية ، لذلك يضيف الباحث " نجد إن التعليم بواسطة الأهداف يهتم فقط بمجمل ردود الفعل الخارجية للتلميذ ، حيث يتم الاقتصار على الاداءات الإجراءات الواقعية ، في حين يتم تأجيل جل العمليات الذهنية الباطنية لأنها غير قابلة للملاحظة والقياس الخارجيين . أما بالنسبة للمقاربة الذهنية للمتعلم فإنها تندرج حسب الأستاذ " ضمن السلوكية المعرفية، التي تعطي أهمية أساسية للتمثلات الذهنية ولآليات الاشتغال الذهني وللتعلم ، بصفته معالجة للمعلومة. في هذا الإطار، يعتبر التعلم ليس فقط مجموعة من ردود الفعل القابلة للملاحظة والقياس، وإنما بمثابة اشتغال ذهني يرتكز على التمثلات الذهنية الداخلية التي لا يمكن أن تتطور إلا بفعل سيرورة تعلم دينا مي يجند كفايات وقدرات الفرد أثناء تفاعله مع وضعيات خارجية محددة.
وفي ذات السياق ، يوضح الباحث أن البدايات الفعلية لتأسيس بيداغوجيا الكفايات، من تحديد المعارف التي يجب على المدرسة أن تبلغها من جهة ، والمعارف التي تستعملها المقاولات من جهة أخرى. لان المهتمين بالتعليم التكنولوجي الصناعي يعتبرون أن صدق المعرفة يجب أن يترجم الى أفعال تتحقق ، وفي وضعيات مختلفة، و بشكل دقيق. بعد ذلك ، يحاور كل من الأستاذ حسين البيرات وذ. محمد اوبلعيد المفتش العام السابق بوزارة التربية الوطنية ، الأستاذ عبد الإله المصدق بمناسبة إحالته على التقاعد. وذلك خلال حفل تكريم لهذا الأخير نظم بفندق هيلتون بالرباط خلال فبراير من العام 2007. في موضوع الترجمة، ارتآى الدكتور عبد المجيد التوزاني انطلاقا من ممارساته الشخصية لفن الرسم، واشتغاله العلمي الأكاديمي بموضوع تعلم الرسم الفني لدى الطفل المغربي ، أن يقدم للقارئ المغربي والعربي المهتم بقضايا الإبداع الفني وبالتربية الجمالية، ترجمة لحوار مع البروفيسور " جان بيير شانجو" بصفته واحدا من المختصين الدوليين في البيولوجيا العصبية ، وبصفته كذلك مجمعا للفن. الترجمة، الحوار ، يكشف فيه " بيير شانجو" حسب المترجم عن العلاقة المحتملة التي توجد بين طبيعة الاشتغال الدماغي للإنسان، وممارسته لفن الرسم وللصباغة الزيتية ، و تكون مهارة اليد بالدرجة الأولى. الباحث في علوم التربية ذ حسن البيرات قارب أساليب التعلم وجرد أنماطه ، وأوضح عبر جرد تحليلي مبني على اختبارات ميدانية ثلاثة أنماط 1 جرد معرفي 2 جرد انفعالي3 جرد سيكو حركي. ليخلص في نهاية المقاربة الى أن الطريقة التي يتبعها المدرس في تناول مهمة تعلمية تسمى الأسلوب التعلمي للمدرس او الأسلوب التربوي المكافئ يكون عادة تعلمية منتجة. بعد ذلك وقع مصطفى البيرات قراءته في مضمون كتاب " سؤال الثقافة" الصادر عن المركز الثقافي العربي 2005 للدكتور علي اومليل ، مبرزا جرأة اومليل في طرح أسئلة الثقافة ، التي لم تعد ترقية للعقل والذوق وكفى، بل غدت قضية استراتيجية ، لأنها صلب التنمية، وتتمظهر على مستويين الأول انتروبولوجي ، تشكله العادات التي تطبع الوجدان ،والثاني نخبوي في مجتمع أكثر تعليما ونضجا . إن حوار الثقافات حسب المؤلف ، يستلزم مبدأ الاعتراف المتبادل دون إقصاء او تعالي، مضيفا " لكن هذا غير حاصل بسبب تنازع أصوليتين ، الأولى إسلامية تختزل الدين في عقائد متشددة ، وتعتبر الإسلام في غنى عن أي "حوار مع جاهلية العصر" .والثانية غربية تعتبر قيم الحداثة قيما غربية حصرا. ويرى المؤلف أن مستقبل الديمقراطية في ظل انتشار الاتصالات الحديثة أصبح على المحك حيث أضحت الوسائل فاعلة في تشكيل الرأي العام ، لكن المشكل يختلف بالنسبة للدول النامية، حيث يصعب توفير رأسمال ديمقراطي تراكمي لتجربة ديمقراطية مستدامة. لذلك يتساءل الكاتب والمؤلف معا "هل يمكن إلغاء البعد الزمني النضالي في تحقيق التراكم الديمقراطي وكيف يمكن جعل الناس يتحملون الانتظار؟؟؟؟؟؟؟؟ ليخلصا في النهاية الى أن القضية تتعلق بطبيعة الثقافة السياسية، التي لا بد وان تكون الديمقراطية هي مرجعيتها وعمادها.
Aucun commentaire