رسالة فرنسا : مقاصد الوقفة و الأضحية
مقاصد الوقفة و الأضحية
لقد تساءل الدكتور احمد الريسوني في مقال له، منشور بمجلة رؤى[1] ،عن عدم وجود علم مقاصد العقيدة، مثل ما هو معروف بعلم مقاصد الشريعة، و اعتبر أن كل عقيدة من عقائد الإسلام مثل الإيمان بالله، و صفاته، و أسمائه الحسنى، و الملائكة— لها مقصودها الشرعي و مقاصدها-
بل الأبعد من ذلك، نرجع لما أورده مدير المعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن، الدكتور عبد الحميد أبو سليمان، إذ عدد أسبابا لتأزم العقل المسلم ، و بذلك انحصاره في فلسفات عقيمة تارة، و أضيف لأقول هرطقات الفتنة و البدعة تارة أخرى-
المعنى بالتحديد، أن العقل المسلم حصر في بوتقة معينة و محدودة منذ القرون الأولى، و عليه كما أسلفنا تعرض الأئمة الأربعة أنفسهم للعذاب و التنكيل [2]، و بالتالي اخذ الفقه و التفكير في الدين مسارا معينا، هذا الاتجاه أورث تراكمات و إرهاصات، أوهمت الملاحظين و الدارسين المحدثين، بعد الصحوة التي عرفها الجسم الإسلامي، بمجموع مصطلحات و إشكالات غريبة و جديدة، و من ذلك مثلا: أن الإسلام ليس دولة، و كل من يتوق إلى إنشائها فهو إسلامي-
هذا من نظري بسيء ما دام الخارج عن البيت يعذر بجهله ما بداخلها!٬ و لكن كما قال سيدنا علي ״ضرب الحبيب أوجع ״״فالانكى هو ما يستبد به التيار المسمى بالفرنسية ״الديني المسيطر״، مثلما نسمعه من هنا و هناك، فلا هم فكروا و لا هم تركوا من يفكر، ״يبخلون و يأمرون الناس بالبخل״، و الذين تحاملوا على مفكر مثل روجي جارودي، لا أظن عندهم من المعرفة ما يبخلون به!!-
المهم٬ بعد أن نزل الشيخ المصري أمير فتوح عبد العليم شيشي من منبره٬ استفسرته عن محتوى خطبة تمهيدية لعيد الفطر٬ فكان أن عقب على رؤيتي ״لهلال واحد و ثلاثون رمضان״ [3] بقوله :״ ليتوحد المسلمون هنا في فرنسا على الأقل״-
اجل، ثم كان أن أوردت في تحليلي و أنا اتاجج قائلا : يكفي ربما أن تنبه هنري كسنجر لهذه المقاصد٬ و من ثمة إذن أعرج إلى البيت الحرام٬ حيث اقبل وفذ الرحمان ليقفون وقفة عرفة-
قلت و أنا أفكر منذ صغري أولا تكون لهذه الشعائر مقاصد؟؟، لقد اختزنتها سنونا طويلة حتى قرأت للدكتور أستاذ المقاصد بكلية الرباط٬ يقول إن لكل عقيدة مقصد شرعي٬ و لما لا تكون مقاصد للعقيدة مثل الشريعة؟٬ بل أقول لما لا نترك العقل يقف وقفته؟ و ينظر بضوابط شرعية في كل أمر٬ كما ينظر في أمر الوقفة و الأضحية-
أضحية٬ هي من التقرب و التضحية٬ كما أن لكل تضحية نتيجة و اجر و ثواب٬ و هي سنة أبينا إبراهيم عليه السلام٬ عندما فدى الله تعالى سيدنا إسماعيل بذبح عظيم٬ لقد صدق أبونا الرؤيا و أسال نفسي إن كنا صدقنا العبرة؟٬ ثم لما قال عليه الصلاة و السلام ״الحج عرفة״ كان الحج لا يتم الا بالوقوف بجبل عرفات-
هذا الوقوف الذي شبهه المفكرون بمؤتمر عالمي للمسلمين٬ يأتيه الحجاج من كل حدب و صوب٬ يقفون فيه عن كتب على مجموع مثل و عبر٬ فيرون كيف انه لا فرق بين العباد٬ و لا فرق بين ابيض و لا اسود إلا بالتقوى- فان كانوا يطوفون من حول البيت العتيق الذي هدمت الأصنام فيه٬ فان اصنامات كثيرة تحطم كل وقفة في كل عام مرة٬ فلا منصب و لا جاه و لا انساب فوق جبل واحد و تحت شمس واحدة٬ أكثر من مليوني حاج كلهم يرجون رحمة الله خالقهم٬ و هم سفراء لذويهم وأوطانهم٬ لأكثر من مليار و نصف في العالم-
و لكن لما الغثائية؟؟ ببساطة٬ لان ذلك الحاج كثيرا ما يعتقد أن الحجر الذي يطوف من حوله٬ هو أحسن من ذاك العبد بجواره٬ يدفعه! و لكن العكس- لان ذاك الحاج هو سيد على خدام٬ اختارهم سودا يهينهم٬ و يذلهم٬ لكن لما أتى للبيت العتيق تراه يجهد نفسه و يتزاحم كي يقبل الحجر الأسود٬ مثل خدمه- و لان عامة و جهلة من الناس يعتقدون أن رمي الجمرات هو ضرب للشياطين- ثم لان الكثيرين لا زالوا يعتقدون أن الذهاب لذاك المقام هو استطاعة مادية و بدنية و فقط٬ و يضيفون قائلين لا يستطيع احد أن يمنع الحاج من الذهاب إلى البقاع مثنى و ثلاث و أنهم مشتاقون لزيارة المصطفى عليه الصلاة و السلام مع أنهم يجدونه معهم عند كل صلاة عليه كما يجدون الله تعالى عند كل عمل بر و خير يأتونه-
بل اعلم أن الوقفة قد تكون إنباء بما سيصير ״يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاضمين״٬ حينها ״لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم״-
فهلا وقفت عقولنا وقفة رجل واحد، تفكر ساعة في عرفة و الأضحية ؟!!-
رسالة فرنسا
سمير عزو
ورد في مقالنا تحت عنوان الشرعة المهجورة بتاريخ 26/06/2007 المنشور بموقع وجدة سيتى-[2]
مقال رمضان واحد و ثلاثون هلال منشور في 14/09/2007 بالموقع نفسه-[3]
Aucun commentaire