كلنا يعلم أن الأماكن الطبيعية لعيش الخنزير البري وتكاثره هي الغابات وضفاف الوديان وأقدام الجبال خاصة تلك المناطق التي تزخر بأكلاته المفضلة والمعروفة عند أهل النجود العليا تحت عدة أسماء من ذلك (الكيطوط والتافغة والكيز) هذه النباتات التحأرضية التي يعشقها الخنزير ويبذل المجهودات تلو المجهودات للظفر بها،ولم نكن  نحن الأطفال الذين ترعرعنا في بلدة عين بني مطهر نشاهد الخنزير البري إلا لماما،يحدث هذا فقط، عندما نسافر إلى البادية عند أقربائنا حيث كنا نلحظه تائها في الصباح الباكربين الوديان متواريا عن الأنظار، لأن الخنزيركما هو معروف يصول ويجول في جنح الظلام بعيدا عن أعين القناصة والمتربصين به.

إلا أنه مع توالي سنوات الجفاف على منطقة النجود العليا خاصة المنطقة المعروفة بسهب الحرمل القريبة من بلدة عين بني مطهر، والتي كانت تشكل المعقل الحقيقي للخنزير البري،فقد كان طبيعيا أن يهجرها ليبحث عن موطن يأويه ويضمن له قوته اليومي ،انسجاما مع غريزة البقاء،وهكذا فقد وجد الخنزير ضالته  في الحقول المنتشرة على مقربة من ضفاف الواد الحي    وواد مسخسة،حيث الماء الوفير والديدان التي تشكل الأكلة المفضلة لديه ،هذا إضافة وإلى الخضراوات والعديد من النباتات على غرار الذرة التي هي الآن تأوي هذا الحيوان الغيرإالمرغوب فيه،والذي اقتحمها بقوة الجسد ، وقد حكى لي أحد الشباب المستفيد من أرض سقوية ضمن الأراضي التي سلمت لبعض شباب عين بني مطهر من حاملي الشهادات ،أن الخنزير أو كما جاء على لسانه (الحلوف)تناسل وبالتالي تكاثر داخل هاته الحقول،بحيث لم تعد للفلاحين القدرة على طرده،بغية جني محاصيلهم الزراعية ،وذلك في غياب الوسائل الرادعة لهكذا حيوان في حجم الخنزير،وتساءل هذا  الفلاح الشاب باستغراب عن دور سلطات عين بني مطهر في محاربة هذا الحيوان الذي فتك بالعديد من المزروعات وأصبح يهدد الفلاحين في أمنهم وغذائهم.