Home»Régional»عودة إلى موضوع المعطلين من حاملي الشهادات العليا

عودة إلى موضوع المعطلين من حاملي الشهادات العليا

0
Shares
PinterestGoogle+

لم يكن أحد ليصدق أن المغرب بعد خمسة عقود من الاستقلال سيصاب بالتخمة في الأطر العليا ؛ وهو الذي ظل لعقود طويلة يعتمد على أطر المحتل السابق في شتى الميادين وبثمن باهظ. ولم يخطر ببال أحد أنه سيأتي يوم تنهال فيه هراوات قوات الأمن التي لا يتجاوز مستوى أفرادها في أحسن الأحوال الشهادة الإعدادية أو الابتدائية على حاملي الشهادات العليا أمام برلمان يوجد ضمن أفراده من يعاني من الأمية.
لقد تضخم عدد العاطلين من حاملي الشهادات العليا في بلادنا ؛ وهو سائر نحو تضخم أكبر في السنوات القادمة ؛ بينما يتعاطى المسئولون مع القضية بأساليب تثير الدهشة والاستغراب ؛ ذلك أن حل معضلة هذه البطالة التي تعتبر وصمة عار في جبين بلد حديث عهد بالاستقلال لا يكون عن طريق حلول الغبن الحل الذي اقترحته وزارة التربية الوطنية كثر الله خيرها. فمن بين 3000 عاطل تفضلت الوزارة الأولى بتكليف وزارة التربية بتوظيف 1000 ؛ منهم 900 للتدريس ؛ و100 للعمل الإداري بعد امتحان كتابي وآخر شفوي ؛ وبعد تكوين ونجاح فيه ليكون في النهاية التعيين حسب مراسلة وزارة التربية الوطنية التي استندت إلى رسالة السيد الوزير الأول عدد 1239 بتاريخ 25/09/2007 كالتالي : ( يتم تعيين هؤلاء بأحد المناصب الشاغرة حسب الخصاص الملحوظ بمختلف الجهات حيث يوضع المعنيون بالأمر رهن إشارة الأكاديميات الجهوية التي تتولى تحديد مقرات عملهم وتعيينهم علما بأن هذه التوظيفات تتم في إطار سد الخصاص من الأطر التربوية و الإدارية والتقنية وبالتالي فإن التعيينات لا تتم استنادا إلى الحالات الاجتماعية للمترشحين ؛ وإنما ترتكز فقط على تغطية المناصب الشاغرة والخصاص الذي تفرزه الخرائط التربوية و الإدارية الجهوية والمحلية ) .
وأنا أقرأ هذه الفقرة الأخيرة من مراسلة وزارة التربية الوطنية استنادا إلى رسالة الوزارة الأولى خيل إلي أنها التفسير الحقيقي لقوله تعالى: ( ويل للمطففين ) وأي تطفيف ؟؟ ولولا أن الناس يعرفون سبب نزول السورة لقلنا إنها نزلت في وزارة التربية عندنا. ينفق طالب أو طالبة العلم سنوات من عمرا طويلا في التحصيل ويتعب أشد التعب من أجل الحصول على شهادة عليا ويدخل في مسلسل طويل من الوقفات أمام البرلمان ويجلد بسبب ذلك على يد قوات أمن تتدرب على استعمال الهراوات فوق هامته و على أضلاعه ؛ ويضرب عن الطعام حتى ينال منه الهزال ؛ ويفوته قطار الزواج والإنجاب وتكوين البيت ؛وبعد ذلك يقال له بكل وقاحة التعيينات لا تتم استنادا إلى الحالات الاجتماعية ؛ والحالة أن في حاملي الشواهد العليا من تزوج وربط مصيره بجهة لا مندوحة له عنها بسبب الحالة الاجتماعية التي لا تعتد بها الوزارة المطففة ؛ ولم ينقص كشرط لهذا التعيين المطفف سوى مطالبة أصحاب الحظ التعس بضرورة اقتناء كفن لأن التعيين سيكون مدى الحياة.
لقد كثرت المجموعات النازلة أمام مقر البرلمان حتى عرفت بأسماء كمجوعة الحوار والنصر ؛ والاستحقاق ؛ والمبادرة ؛ والشرق ؛ والمجموعة الوطنية للدكاترة؛ فضلا عن المجموعات غير النازلة (لأن الله غالب) كما يقول المغاربة وهي 19 مجموعة ليكون المجموع 25 مجموعة ( قياس الخير ) كما يقول المغاربة تيمنا ( وخيري خيري ) كما يقول المغاربة بحكوماتنا وبرلماناتنا المتعاقبة على هذا الملف.
وطال الحوار بين ما يسمى باللجنة الثلاثية المكونة من ممثلي الوزارة الأولى والداخلية والتشغيل وممثلي المجموعات العاطلة وتمخض جمل الحوار ليلد فأرا .
لقد كان من المفروض أن يكون التوظيف هو قدر كل حامل شهادة عليا في بلادنا النامية ؛ ويرفع ذلك شعارا لتحفيز للمتعلمين على العلم ونيل هذه الشهادات عوض أن تصيرهذه الشهادات العليا لعنة يحذرها المتعلمون ؛ وتكون بمثابة شؤم لهم ؛ لأن الشهادة العليا عندنا لم تعد مفخرة ؛ بل هي إهانة لحاملها بل صارت بمثابة جريمة يحد صاحبها حد شارب الخمر أو الزاني غير المحصن أو القاذف إذ يجلد جلدا غير شرعي على يد قوات الأمن أمام البرلمان حيث الشرع والتشريع.
أسفي عليك يا وطني ؛ وعلى الهدر الذي يطال طاقاتك البشرية ذات الشواهد العليا ؛ أسفي على شباب ضيع عمره ليكون عرضة للمساومة برغيف مر كما يقول المغاربة للتعبير عن المعيشة الضنك.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. عبد الله
    16/12/2007 at 21:42

    بسم الله الرحمان الرحيم
    كل ما ورد في كتابتك هو حقيقة لا محال و نعيشها يوميا و في جميع القطاعات(التطفيف)، لكن ما يحيرني هو الحل؟ صعب إجاده؟ و إن وجد فهو ترقيعي . . . و هذا ناجم في رأيي من تراكمات تاريخية و العقليات المسيرة لهذه البلاد. و هذا مؤسف للغاية…. و شكرا.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *