رحلة الحيران ، من التريخ لأحفير وصولا لبلاد من يسمون بالاسبان
أبانت الأزمة المفتعلة التي أطلقها العاهل الاسباني بزيارته لمدينتي سبتة ومليلية المحتلتين ، أبانت عن مواقف مختلفة داخل الشارع ، الا أن هذا الاختلاف جاء كله من داخل الوحدة الترابية ، وكأن الجميع يقول بلسان الحال بأن قضية الوحدة الترابية للمغرب أسمى بأن تكون مطية سياسية أو محل مزايدات في الوطنية على بعضنا البعض ، بل أكثر من هذا ، فقضية الوحدة الترابية واستمرار النضال من أجل استرجاع ما بقي محتل ، لا يؤجل لدقيقة واحدة مطالب الاصلاحات الداخلية ، ولا مشجبا يعلق عليه أي تأجيل للملف الحقوقي بالمغرب ، كما لا يعلق عليه أي اخفاق في أي من الميادين.
لكن هذه الأزمة أعادت للشارع دوره التاريخي ، رغم ما عاناه الشارع من قهر ولا يزال ، فالشارع حتى وان مست الدولة قفته وبضربات متتالية وموجعة ، بل وفي مواده الأساسية ، ها هو ذا يتنتفظ وبوعي في مواجهة أي تهديد للوحدة الترابية للمغرب ، وقد كانت للوقفات العفوية أمام بوابة الحدود لسبتة ومليلة أثرا نفسيا كبيرا على الجميع ، فقد أشعلت مشاعر الوطنية ، وشعر الجميع بأنه مهدد كما هو الشأن في العراق أو أفغانستان ، بل كفلسطبن ، وردد الجميع عبارات منددة بالاحتلال الاسباني للمدينتين ، رغم أن البعض والى وقت قريب كان يعتبر ذلك أمرا واقعا .
فاسأل بلنسية ما شأن مرسية **** وأين شاطبة أم أين جيان
وأين قرطبة دار العلوم فكم **** من عالم قد سما فيها له شأن
وأين حمص وما تحويه من نزه **** ونهرها العذب فياض وملآن.
فاذا كان أبو البقاء الرندي رثى الأندلس بقصيدة تقطعت لها الأكباد ، فآن لنا أن نوقظه ليرثي لنا أقطارنا وأمصارنا واحد تلو اآخر ، بل قد فعل ، فكأنه يرثي حمص برثاء الأندلس ، بل هو الخنساء يرثي ولدا بعد ولد ، فحمام الموت بعد أن اختار واسطة العقد ، ( احتلال فلسطين) ، ها هو يمتد الى أطراف العقد ، فحتما قبر الوطن العربي سيصير قريبا على بعد بعيدا على قرب ، فخفف الوطن ما أظن أديم الأرض الا من هذه الأجساد.
لـمثل هـذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ — إن كـان فـي القلبِ إسلامٌ وإيمانُ
والله أن التاريخ ليشهي المرأ بأن يعود الى الوراء ، نعود لنتذكر بأن جماعتنا ذبح بعضهم البعض في الأندلس ، نعود لنتأكد فقط بأن السناريو مكرر في غفلة وسبات منا ، سبات سيبعثنا لمزبلة التاريخ ، بل مزبلة بدون تاريخ .
ان المعركة مع الاستعمار معركة غير مؤجلة ، ونحن بحاجة الى وثيقة استقلال أخرى ، هذه المرة يوقع عليها شرفاء الأمة ، وثيقة ممضاة بدم العز والشرف ، وثيقة تربط وتجمع على نقاط الاتفاق وتسطر معركتنا حسب الأولويات ، بل خارطة صراع يقد فيها ما هو أولى ويجل ما هو أولى كذلك بالتأجيل.
يـا مـن لـذلةِ قـومٍ بعدَ عزِّهمُ — أحـال حـالهمْ جـورُ وطُـغيانُ
كلام كأننا في بداية انطلاقة الحركة الوطنية ، كلام يعاد كما يعاد توقع أبو البقاء الرندي ولا حول ولا قوة الا بالله.
لنعد لحالنا ونقول بأن الرهان الحقيقى هو الشعب ، وأن كل من يفكر خارج الدائرة أو يراهن على أي حل من الخارج ما هو الا غريق يتعلق بقشة ، فوطنوا أنفسكم ولا تكونوا ءامعة ، اذا أحسنت الغرب أحسنتم واذا أساء الشرق أسأتم ، فميزان القوى وان كان بيد القوى العظمى الآن ، فميزان الارادات والصمود هو بيدنا نحن ، فليختر هلؤلاء وأولئك على من يراهنون.
ياغافلا وله في الدهر موعظة *** ان كنت في سنة فالدهر يقظان
وماشيا مرحا يلهيه موطنه **** أبعد حمص تغر المرء أوطان
تلك المصيبة أنست ما تقدمها *** وما لها مع طول الدهر نسيان
عبد الواحد مزويرح
mezouireh@yahoo.fr




Aucun commentaire