Home»Régional»تحت الدف ( 10 ) الرجل الذي أكل أصبعه

تحت الدف ( 10 ) الرجل الذي أكل أصبعه

0
Shares
PinterestGoogle+

حدثنا أبو الغرائب عن أبي العجائب أن مواطنا اشتهر بالإشارة إلى كل ما يراه من البشر أو الدواب أو الجماد ، حتى عرف عند الجميع بـ " بوصبع " . وكان كلما أشار إلى شيء إلا وسقط أو تكسر . كان يستعمل أصبعه بحذر كلما أراد فعل شيء يتطلب هذا الأصبع ، وكان حريصا على هذا الفعل كلما وجد على موائد الأكل أو عند كتابة شيء ، أو عند دخول مرحاض أو استعمال هاتف .كان يعيش على بركة هذا الأصبع حيث كانت تأتيه النساء من أصقاع العالم لتتبرك بأصبعه حتى يفك عقمهن ، وكان الرجال على اختلاف مستوياتهم يأتونه لقضاء حوائجهم كلما أحسوا بورطة أو حصر ناتج عن أكل " الهندية " أو " فز" في البطن . إلا أن بركة أصبع صاحبنا لم تتجاوز حدود البلاد مما جعله يوظف ترجمانا يتقن جميع اللغات حتى يتمكن من التواصل مع جميع من يزوره من أمم الأرض . إلا أن التجارب أكدت له أن التواصل عن طريق الترجمان لا ينفع مادامت إشارة أصبعه تقتضي تعيين المقصود دون وسيط . طرح الأمر على بعض فضوليي علوم الإشارة و"التبرقيق " و نصحه أحدهم أن يلتحق بأفواج المستفيدين من دروس محو الأمية حتى ينال قسطا من العلم والمعرفة واللغات ، وربما الوظيفة ، ولم لا وقد استطاع غيره من الأميين أن يأخذوا مكانتهم بين الناس لم يكونوا يحلمون بها حتى من باب التمثيل والتشخيص . ولم لا وهو الذي يملك أصبع سليمان لفك الأزمات . فهو لا ينقصه سوى مستوى دراسي يغطي به ترشيحه ، حتى لا يكثر الحساد الكلام حوله وحول جدارته في تولي أمر من أمور الناس . وفعلا سجل صاحبنا اسمه ضمن لائحة المستفيدين ، وبدأ يواظب على الحضور والاجتهاد حتى عرف عند أساتذته بالتلميذ المجتهد الذكي ، رغم ما كان يردده حساده " حتى شاب عاد علقوا لو الحجاب " . وبعد سنة من التحصيل والدراسة وبمساعدة بعض فضوليي العلم والمعرفة استطاع صاحبنا أن يتبحر في شتى أنواع العلوم والجهل وبحور المعرفة والسياسة والاقتصاد. كما كان حريصا على ألا يستعمل أصبعه مهما حدث له ، بل شهد له البعض أنه لم يخرج يده من جيبه طيلة دراسته وكان يتجنب رفع أصبعه للإجابة عن الأسئلة السهلة منها والصعبة تفاديا لكل ما يمكن أن يحدث خاصة في حصص الجغرافيا التي كانت تدرسها معلمة حامل ، كان دائما يتلافى أن يكون السبب في إجهاضها. وحدث يوم الامتحان النهائي أن طرحت أسئلة تطالب الممتحنين أن يعطوا أضداد كلمات من مثل (عارض – كذب – خان — ) بحث صاحبنا في قاموس ذاكرته ولم يجد حلا ، حاول مراراً أن يسترق البصر ممن حوله لكنه لم يستطع نظرا لكثرة مراقبي القاعة . تذكر أنه سمع كثيرا بهذه الألفاظ لكنه لم يسمع أبدا بأضدادها . ولما ذاق به الأمر عزم على الخروج ليبدل ساعة بساعة ، أو ربما ستحل البركة عند خروجه . ففي الحركة بركة . تحرك قليلا في مكانه ولاحظ تحرك المراقبين من حوله . فشدته هذه الحركة كثيرا حتى ألهمته معنى عارض و ضدها . أخذ على الفور في تسجيلها على ورقته قبل أن تضيع منه لسبب ما . عاد مرة أخرى إلى وضعه السابق وهو يحرك عينيه في كل الجهات حتى أدرك أنه لا بد من الخروج ، فالخروج من هذا الوضع قد تكون فيه مآرب أخرى قد يقضيها بعيدا عن أعين المراقبين . وفعلا قام واستأذن برفع أصبعه للخروج لكن المراقب الذي أشار إليه سقط على التو وتحلق حوله زملاؤه لمعرفة سبب السقوط وبدأ الممتحنون في تبادل الأجوبة وكأن سقوط المراقب لم يحدث أية مفاجأة بالنسبة إليهم كما لا يعنيهم سقوطه أصلا . مما أحدث فوضى داخل القاعة ، وانشغل باقي المراقبين بمساعدة صديقهم مما جعل صاحبنا يستغل الفرصة وبدأ يشير على كل من هو موجود بالقاعة حتى سقطوا واحدا واحدا . فسقط المراقبون والممتحنون والأوراق والطاولات والكراسي ، وتدخلت الإدارة بكل طواقمها لكنهم سقطوا جميعا ، ويروي بعض الفضوليين المحنكين أن صاحبنا أشار بأصابعه العشرة لما رأى قدوم رئيس مركز الامتحان لأنه كان يدرك جيدا أن هذا النوع من الطين لا يتحلل بسهولة . وصل الخبر عاجلا إلى المسئولين الجهويين والمركزيين وكلفوا أنفسهم عناء السفر ليقفوا على المشكل . ولما وصلوا إلى باب المؤسسة وجدوه مصفدا والحارس ساقط أمامه بعد أن تكسرت كل عظامه . أمر كبير الوفد أن يكسر الباب ، وما أن خطوا خطوة حتى تساقطوا فرادى وجماعات . بقي صاحبنا لوحده واقفا واغتنم فرصة وجوده لوحده وأجاب عن الأسئلة المطلوبة في جو من الراحة والطمأنينة مستعينا بكل ما توفر لديه من كتب ودفاتر وقصاصات النقل ، ثم جمع أوراق الممتحنين الآخرين ووضع الكل في ظرف وأرسله إلى قسم الامتحانات في الوقت المناسب بعد أن قام بكل الإجراءات حيث تولى الإمضاء عن كل الممتحنين والمراقبين وكبير مركز الامتحان . مرت أيام قليلة وأعلن عن النتائج حيث فوجئ صاحبنا بسقوطه رغم يقينه التام أنه أجاب عن كل الأسئلة بدقة . وبعدما صحا من الصدمة تذكر أنه لما انتهى من كتابة الأجوبة راجعها جيدا لكنه كان يستعمل أصبعه في تتبع السطور .حينها أدرك أنه كان قد كسر كل ما كان قد بناه . أخذ ينظر إلى أصبعه بحذر ثم انقض عليه وأكله . وفي رواية احد الفضوليين أن صاحبنا نظر إلى يده بإمعان ثم ضم البنصر والخنصر والسبابة إلى كف يده وضم إليها الإبهام تاركا الوسطى ممدودة قدر المستطاع ثم أودعها في جهة معلومة وتأوه غضبا وشماتة . . … يتبع مع فضول آخر .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

3 Comments

  1. تلميدكم القديم
    03/11/2007 at 14:01

    شكرا جزيلا استادي العزيز
    قد اعجبني الموضوع وطريقة صياغته
    ضحك + عبرة

    مشكور جزيل الشكر
    ننتظر ابداعاتك

  2. أيوب كرسبو
    07/11/2007 at 00:19

    للأسف لم أكن أتصور أن ينزل مستوى رجل مثقف الى هذا الحد( ثم ضم البنصر والخنصر والسبابة إلى كف يده وضم إليها الإبهام تاركا الوسطى ممدودة قدر المستطاع ثم أودعها في جهة معلومة وتأوه غضبا وشماتة .) عار و الله و أمر غير مشرف لجريدة وجدة سيتي أنا لا أعرف الكاتب و لا ماهو قصده من هذا الموضوع ولكن غيرة مني على هذا المنبر المحترم قررت الادلاء برأيي المرجو الرفع من مستوى العبارات في هكذا مواضيع و المرجو من ادارة وجدة سيتي المحترمة نشر تعليقي

  3. معجب
    07/11/2007 at 00:19

    مقال يستحق الثالثة من الخمسة

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *