Home»Régional»تحت الدف ( 9 ) الرجل الذي ركبت أذنه بالمقلوب

تحت الدف ( 9 ) الرجل الذي ركبت أذنه بالمقلوب

0
Shares
PinterestGoogle+

حدثنا أبو الغرائب عن أبي العجائب أن مواطنا اشتهر بين بني عصره بالسمع والسماع ويعرف " بسمميع الندى" ، كان فضوليا حاذقا ، مليح البشرة ، طويل الأذنين ، سريع الحفظ ، أمين النقل . حدث يوما أن حضر مجلسا وسط كبار نمامي المدينة ورواتها وفضولييها ومكتري الأحناك والماضغين لغيرهم والمزمرين والمطبلين وكان من بينهم فضولي محنك يعرف براديو السوق . ظل" سمميع الندى" صامتا والحضور منهمك في سلخ عورات المدينة بينما هو منهمك في خلق إشاعة يكيف مرجعيتها حسب تدخلات الحاضرين . ولما فض المجلس اجتماعه وذهب كل واحد إلى سبيله ، رجع " سميمع الندى " إلى منزله منتفخ الرأس لكثرة الأخبار التي صرح بها الحاضرون وحتى التي لم يتناولها الجمع حيث كان يستقيها من جماجمهم ودون حاجة إلى النطق بها مادام يتوفر على مهارة السمع بواسطة ليزر أذنيه . أعاد كل الأخبار وراجعها وحللها ثم ركبها ولم يستنتج أي خبر ذي أهمية يستحق بثه بين الناس لشغلهم كالعادة . فكر في أن يؤلف خبرا ذا قيمة اعتمادا على خبرته في نسج الإشاعات . حدد موضوع الخبر وشخصياته وزمانه ومكانه ومرجعيته . وقرر أن يتوجه في الغد باكرا إلى مقهى السماعين ويبث إشاعته في روادها ليتولوا نشرها في الناس . استيقظ باكرا وراجع إشاعته للمرة الأخيرة قبل أن تسري في مسامع الناس . ولما وصل إلى المقهى بادره أحد الفضوليين الذي بات ليلته بالمقهى بخبر عاجل مفاده أن بقرة حلوبا عرضت في سوق الاستحقاقات حيث كثر حولها الطالبون والجزارون والسماسرة والمتنافسون على حليبها ولحمها واستقر أمرها في الأخير على بعضهم وهم الآن في مفاوضات دائمة حول كيفية مص حليبها ومضغ لحمها . تعجب " سمميع الندى " وفغر فاه مشدوها حائرا ومتسائلا كيف وصلت الإشاعة التي كان ينوي ترويجها بين الناس إلى هذا الفضولي قبل أن يصرح بها ، وشك أن يكون قد فاه بها دون أن يشعر . زاد شكه عندما تذكر أنه راجع الإشاعة هذا الصباح في مرحاض منزله ، وتساءل هل يكون هذا الفضولي قد سمعها عبر قنوات الوادي الحار؟ قال مؤكدا إن هذا ممكن جدا خاصة وأنه تعود هو شخصيا أن يستقي أخبار جيرانه من خلال التصنت عبر شبكة مياه المراحيض . هم باستفسار الفضولي عن مرجعية الخبر لكنه لم يجده ، وأسر لأحد الجالسين قبالته عن نفس الإشاعة إلا أن الجالس عقب عليها وزاد أن المفاوضات حول كيفية استغلال البقرة قد تم بالفعل . قرر "سمميع الندى " أن يجري تغييرات على الإشاعة لتناسب أحداث منتصف النهار لأنه لاحظ أن الإشاعة تتغير بعد مرور كل دقيقة ، وإن هو حافظ عليها كما هي فستنتفي عناصرها وأحداثها مع منتصف النهار ، وبالتالي لن يقدم أي جديد هذا اليوم ، وما أكثر فضوليي الأخبار الذين ينتظرون جديده. أراد أن يعود بشائعته إلى أصولها ومراجعها حتى يتسنى له حبكها بطريقة عجيبة تضمن له السبق في نشر الشائعة . راجع كل استطلاعات الرأي التي كانت تؤكد غير ما مرة أن المزاد سيرسو على السمسار المغرم بكبد البقرة ، وان هذا السمسار سيكون وفيا في ذبح البقرة وسلخها بما يتوافق مع المصلحة العامة ، وتوزيعها بكل ديموقراطية وشفافية فلا فرق بين سلاخ وسلاخ ولا بين مصاص ومصاص إلا بقدرة كل واحد على عملية الحلب والصر . حذف صاحبنا كل العناصر التي تمت إشاعتها في الناس حتى يظهر بمظهر صاحب الخبر الوحيد الذي يسيطر على كل مراجع الخبر، وصرح في حضور الفضوليين بالخبر الجديد والذي يفيد أن البقرة سقطت أمام أعين أغلبية رواد السوق الأسبوعي ، لكنهم أغمضوا أعينهم ولم يتدخلوا لإنقاذها تاركين المجال للسماسرة والذباحين والسلاخين الذين حضروا بفضل بعض المتسوقين ، يقول صاحبنا وهو يثير فضول الفضوليين : ولما سقطت البقرة جاء الذباحون بسكاكينهم وبرامجهم فاختلفوا في طريقة الذبح فمنهم من أراد ذبحها من اليمين ومنهم من فضل ذبحها من اليسار وأصر بعضهم على ذبحها من الوسط ورأى البعض أن يُبسمل عليها قبل الذبح حتى تكون حلالا طيبا . اعتقد صاحبنا أنه جاء بالخبر الجديد ، لكن أعين الفضوليين كانت تنظر إليه باشمئزاز وتحقير ، وتقدم منه كبير الفضوليين وفاجأه بأن كل ما جاء به معروف ومعلوم ، حيث جاء فقط بما يعرفه أهل الفضول أو أقل ثم قال : حدث في أرض العجائب ، في زمن الغرائب ،أن شهبندر عباس مدينة التراب ، عباس مدينة البدو والأعراب ، أتاه فأل الغراب ، فارتوى من ماء السراب . ولما شمر بكل المقاييس ، اجتمع حوله المناكيد والمناحيس ، والمناصير واليوازيغ والعبابيس . بحث في الخيم عن خميرة ، تعجل من حموضة الحريرة . قبل ارتفاع حرارة الهجيرة . وهكذا راح براح المدينة ، ينادي كل سكان السفينة ، لمعاينة قبر الدفينة . وانتشر الخبر بين الأهل والأحباب ، وبين كل المعارف والأصحاب ، والكل يرجو رب الأرباب ، أن ينال مما لذ و طاب . طرق شهبندر المدينة كل الأبواب ، وحار في من يولي من الأصحاب ، مادام الشيوخ مستولين على الرقاب ، قاطعين الطريق أمام الشباب . فما كان على شهبندر العجينة ، إلا الاستعانة بعراف المدينة . مرددا جهرا وسريرة ، العين حاضرة بصيرة ، واليد مشلولة قصيرة . حتى اهتدى إلى الحل ، بعد الجهد والكل ، عله يكون لائقا بالكل . أمر برَّاحَه متوقذ الذكاء ، أن ينادي في سوق النساء ، بلا خجل ولا حياء ، عمن تريد المشاركة ، في الوزيعة المباركة ، بلا عراك ولا معاركة . وسريعا بين ليلة وضحاها ، اجتمعت نسوة بما دحاها ، ودارت في الهواء رحاها . أمر الشهبندر كل من حضر من النساء ، أن تتفضلن بقياس الحذاء ، فاصل الأمر بذكاء . وسع الحذاء عليهن وكب

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *