التقصي الجيني والتفرقة العنصريةميكائيل كيربي ( Le courrier de l’Unesco Mai 1998) M. Kirby

التسيير الاجتماعي للمستقبل الجيني
في 11 نونبر 1997، صادق المؤتمر العام لليونسكو بالإجماع على الإعلان العالمي حول "الجينوم" الإنساني وحقوق الإنسان. يعلن البند الأول لهذه الوثيقة الثورية، أن وحدة العائلة الإنسانية والاعتراف بكرامة وتعدد جميع أفرادها مبنية على غنى "جينوم" هذه الإنساية. وتدقق الوثيقة في بندها السادس على أنه "لا يمكن لأي أحد أن يكون موضوع تفرقة عنصرية مبنية على خصائصه الجينية، والتي تهدف إلى الإساءة لحقوقه الفردية ولحرياته الأساسية ولكرامته".
إن إحاطة هذه المبادئ بنسق يحمي جيدا ضحايا التفرقة العنصرية الجينية، يعتبر عملا شاقا وحيويا، تتحمل فيه المسؤولية المجموعة الدولية والدول والمنظمات المهنية والتجارية، التي تطبق أو تستغل الفحوصات المذكورة.
إن المجموعة الدولية مطالبة بأن تكون في مستوى تطبيق هذا الإعلان ومراقبة تطبيقه. لقد اجتمعت مؤخرا مجموعة خاصة لاستخلاص الخطوط العريضة لتطبيق هذه المبادئ. ويرجع للدول إعداد الآليات السياسية والقانونية التي تسمح بإعطاء الوجود لمبدإ عدم التفرقة العنصرية. فثمة عدة دول قد قننت استعمال الفحوصات الجينية في الميادين المختصة، لكن يظل التأخر واضحا في المجال القانوني. ففي سنة 1997، صادق المجلس الأروبي على معاهدة من أجل حماية حقوق الإنسان وكرامته أمام تطبيقات البيولوجية والطب، لكن في أغلب البلدان، يلاحظ تقدم تكنولوجيا الفحص الجيني، بشكل سريع، مقارنة بتطور القانون. وفي أحسن الأحوال، لازال الظن السائد فيما يتعلق بحماية المجموعة وضحايا هذه الطرق العنصرية، هو ذلك الذي يرجعها في الغالب إما إلى أخلاقيات المهنة أو إلى الآليات القانونية والسياسية التي تمنع التفرقة غير المبررة لأسباب صحية. لكن ترجع هذه القوانين إلى عهد لم تكن فيه الفحوصات الجينية ممكنة.
إن منظمات مهنية، كمنظمة الجينوم الإنساني وهيأتها الأخلاقية، تعمل على تهيء وصايا تهم العلماء المعنيين. وتعمل منظمات صناعية وشركات تأمين ومنظمات أرباب عمل على تسطير قوانين أخلاقية هدفها التقليص من تفويت نتائج الفحوصات الجينية في حالة ما إذا كان التبرير واضحا. لكن لا زال التوصل لإيجاد الطرق القانونية والتطبيقية التي تسمح بمواجهة المشاكل المتعددة الناتجة عن الفحوصات الجينية، يعتبر أشقى عمل ينتظرنا.
وسيلعب الإعلام دورا مهما في التعريف بأخطار هذه التقنيات وكذلك في إعداد آليات التقنين التي بإمكانها الحد من طلبات المقررين المتيقنين بأن معرفة المعطيات الجينية ضرورية بالنسبة إليهم، ولو تطلب ذلك تحدي نوايا الأفراد المتشبتين بحماية هذه المعرفة والحفاظ على طابعها الشخصي ومراقبة استعمالها. ومن حق رجال القانون في العالم التمتع بمساعدات المختصين والهيئات المتعددة الاهتمامات حتى يتحقق التوازن العادل. إن الامتناع عن حماية الساكنة من التفرقة العنصرية الجينية، يعد نوعا من غض الطرف عن أخطار التفرقة العنصرية التي سيعرفها المستقبل. إن عدم فعل أي شيء، يعتبر في حد ذاته موقفا.
%




Aucun commentaire