المسيرة السياسية الفلسطينية أزمة وطنية ورؤية لإستراتيجية بديلة بقلم عبد الله الجبوري

المسيرة السياسية الفلسطينية
أزمة وطنية ورؤية لإستراتيجية بديلة
بقلم عبد الله الجبوري
على الرغم من ممارسة تجار السياسة والوطنية لعملية الزنا السياسي على المكشوف مرتاحين لشعار الدم الفلسطيني خطا احمر ، إلا أنهم يرددون حرصهم على حماية
المشروع الوطني الفلسطيني والتنسك بالثوابت الوطنية ، ومن حق كل فلسطيني طرح التساؤلات التالية
ما هو المشروع الوطني الفلسطيني ؟
هل هناك إجماع شعبي وفصائلي على هذا المشروع ؟
هل سيؤدي هذا المشروع إلى حل عادل خاصة حق اللاجئين في العودة ويحقق السلم والاستقرار وينهي حالة التناقضات القائمة بين الشعب الفلسطيني والكيان العنصري الصهيوني ؟
هل المشكلة الفلسطينية هي مسألة إقامة دويلة ام حق عودة اللاجئين ؟
هل هذا المشروع مضمون التحقيق لدى القيادات الفلسطينية ؟
لقد انطلقت حركة فتح في عام 1965 رافعة شعار تحرير فلسطين وعودة اللاجئين ، واعتمدت إستراتيجية جوهرها توريط الأنظمة العربية في حرب مع إسرائيل بدون اعتبار لمدى جاهزية الأنظمة أو اعتماد حسابات دقيقة لنسب القوى في المنطقة ، واندلعت حرب 1967 وكانت النتيجة هزيمة الأنظمة العربية وابتلاع إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء والجولان ، وتبنت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ، وتبنت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1974 مشروعا تحت شعار إقامة السلطة الوطنية الفلسطينية على أي شبر يتم تحريره !!!
وتبلور المشروع الفلسطيني بعد خمسة سنوات بإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وعودة اللاجئين ، وجرى تسويق هذا المشروع على اعتبار انه الحل الواقعي والمرحلي الممكن والمقبول عربيا ودوليا ، ولم يكن آنذاك شيء اسمه دول الطوق العربي الحامي للكيان الصهيوني والمحاصر للشعب الفلسطيني والملتزم بحق إسرائيل في الوجود والملتزم بالتنسيق الأمني معها ، وفي مقابل هذا المشروع طرحت إسرائيل لآتها المعروفة
لا عودة لحدود 67
لا لإزالة المستوطنات
لا لحق اللاجئين في العودة
القدس الموحدة عاصمة أبدية للدولة العبرية
هل اقتربت القيادة الفلسطينية من تحقيق المشروع الوطني ؟
إن أقصى ما يمكن أن يسمح به الكيان العنصري الصهيوني إقامة دويلة على بعض المعازل في الضفة مع قطاع غزة بالشروط الإسرائيلية … دويلة غير قابلة للحياة وليست أكثر من مخازن للعمال الفلسطينيين … وقد يجري إلحاقها بالأردن ويتحول الفلسطينيون إلى مجرد جالية أردنية سكانية على الأرض الإسرائيلية ، وما موقف اللاجئ الفلسطيني قي مخيمات الضفة والقطاع والشتات بعد طول معاناة … هل كان اللاجئ يناضل من اجل إقامة دويلة أم من اجل حق العودة إلى بيته وأرضه ؟ هواجس مزعجة دفعت الفلسطيني للسؤال عن السوبر ماركت الذي تعرض فيه الثوابت الفلسطينية ، لقد تم استبدال حق العودة على أساس قرار ( 194) بصيغة رمادية خادعة على يد قيادات في السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية تتحدث عن حل عادل لمشكلة اللاجئين وكان أبرزهم فرسان وثيقة جنيف (1/12/ 2004) … لقد تم شطب حق العودة واستبدلوه بمشروع تصفوي ينص على (حقوق اللاجئين ) ونصت الاتفاقية على حل دائم وشامل لمشكلة اللاجئين على أساس اختيار مكان سكن دائم للإقامة ( خلال خمس سنوات ) ولا يجوز رفع أية مطالبات بخلاف تلك المتعلقة بتنفيذ هذه الاتفاقية ، وبعد التدقيق في الوثيقة بات من المؤكد أن اللاجئ الفلسطيني لن يحصل على البصلة كي يفطر عليها بعد صيام طويل ، وقد شكل وفد جنيف المفاوض من
ياسر عبد ربه رئيس الوفد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى الأبد
قدوره فارس قيادي في فتح ووزير سابق في حكومة قريع
محمد حوراني قيادي في فتح
نبيل قسيس وزير سابق في حكومة قريع
هشام عبد الرازق قيادي في فتح ووزير سابق
اللواء زهير المناصرة
العميد جبريل الرجوب
ماهر الكرد مستشار اقتصادي لدى الرئيس الراحل عرفات
من الطبيعي أن أية مراجعة وطنية للمسيرة السياسية يجب أن تكون من خلال مسيرة حركة فتح الفصيل القائد للمسيرة الوطنية طيلة الفترة من ، ومن الطبيعي أن تبرز التساؤلات التالية
هل لا تزال حركة فتح تعتبر نفسها حركة تحرر وطني أم تحولت إلى مجرد سلطة ؟؟
حركات التحرر تميز نفسها من خلال برامجها وتحالفاتها المختلفة كليا عن برامج السلطة والتي لا تتعدى المناصب والامتيازات والشرطة والمعتقلات
هل لا زلنا في مرحلة تحرر وطني أم في مرحلة بناء الدولة ؟
لا يوجد حكومة ومعارضة في مرحلة التحرر الوطني بل جبهة وطنية عريضة ملتزمة ببرنامج الحد الأدنى المشترك حتى إتمام انجاز مهمات المرحلة ، لا يتسع المجال لعرض مسلسل التسويات التي تعاطت معها القيادة الفلسطينية والتي أسهمت في إرباك الحالة الفلسطينية قبل اتفاقية أوسلو ( 1 ) ( إعلان المبادئ ) فقد كانت القنبلة التي أصابت شظاياها كل أطراف حركة التحرر الفلسطيني والعربي ، وجميع الإنفاقات لم تلزم إسرائيل بوقف الاستيطان ولم تتضمن ذكر كلمة ( الأراضي المحتلة )
قفزت الاتفاقات عن قرار الأمم المتحدة رقم ( 194 ) حق العودة
قفزت عن قرار مجلس الأمن رقم ( 487 /1980 ) بخصوص إبطال ضم القدس العربية
قفزت عن قرار مجلس الأمن ( 465/1980 ) بتفكيك البنية الاستيطانية
قفزت عن قرار مجلس الأمن رقم ( 237/1967 ) الخاص بالعودة الفورية للنازحين
وكل ما أكدت عليه أن مفاوضات الوضع الدائم ستؤدي إلى تنفيذ قراري مجلس الأمن (242 )
( 338 ) كما أن رسائل الاعتراف المتبادلة بين رابين وياسر عرفات حيث اعترف فيها أبو عمار بحق إسرائيل في الوجود ونبذ العنف مجانا بدون ثمن وكل ما قدمه رابين انه اعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا للشعب الفلسطيني ( بدون الاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني ولا بحقه في تقرير المصير )
اتفاقية أوسلو ( 2 ) الاتفاق المرحلي
مذكرة واى ريفر 23/10 1998
اتفاقية واى ريفر ( 2 ) شرم الشيخ 4/9/1999
بروتوكول الخليل الذب أدى إلى تقسيم المدينة
اتفاقية باريس الاقتصادية التي شكلت الجانب الاقتصادي من اتفاقية أوسلو ودعمت شريحة من البرجوازية والبيروقراطية والطفيلية في السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية ومكنها من الإمساك بالقرار السياسي والاقتصادي ، جميع الاتفاقات شكلت خطا تراجعيا وقدمت مزيدا من التنازلات ، وقد جرى كل ذلك بدون وجود مرجعية وطنية للمفاوض الفلسطيني وعدم خضوعه للمسائلة أو الممارسة الرقابية ، وقد تم عقد الدورة " 21 " للمجلس الوطني الفلسطيني في غزة وتم إلغاء ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية بطريقة بائسة ومضحكة تلبية لاستحقاقات اتفاقية أوسلو ، بعد هزيمة 1967 توقع الحالمون أن تشكل حركة التحرير الفلسطينية الرافعة التاريخية للنهوض الوطني والقومي إلا أن بعض الأوساط الفكرية اعتبرت الحالة الفلسطينية مجرد حركة مقاومة وليست ثورة لعدم توافر الشروط الذاتية التي تؤهلها للارتقاء إلى حالة الثورة ، وقد وقعت أسيرة لدى الأنظمة العربية العاجزة وتحدد سقفها الوطني بمستوى سقف تلك الأنظمة ، كان ذلك بسبب طبيعة نهجها وتحالفاتها وارتباطاتها ، وبالرغم من اعتراف الأنظمة العربية بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني وانفكاك العلاقة القانونية بين الأردن والضفة وما صاحب ذلك من ادعاء باستقلالية القرار الوطني الفلسطيني فقد تخلصت الأنظمة وخاصة الأردن ومصر من مسؤولياتها القومية والأدبية المتعلقة بالضفة وغزة ، وجاءت اتفاقية وادي عربة تعترف بأن الحدود الدولية بين الأردن وإسرائيل هي حدود الانتداب البريطاني ، وحدث نفس الشيء في اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل ، ولم تشكل الضفة وغزة أي عائق أمام إبرام الاتفاقيات العربية مع إسرائيل ، ونتيجة ذلك فقد ثبتت إسرائيل نفسها على أنها الوريث الشرعي للانتداب البريطاني ، ومما يسجل للقيادة الفلسطينية أنها أفرغت المؤسسات الوطنية والمنظمات الشعبية النقابية من جوهرها الوطني والنقابي وحولتها إلى مجرد واجهات شكلية متكلسة ، لقد تشكلت مدارس لتخريج قيادات مشوهة تغلغلت في مفاصل الحركة الفلسطينية وشكلت البديل الجاهز لاختطافها وحرف بوصلتها منذ أيام دولة الفاكهاني حيث شملت الرؤوس الكبيرة وحتى مقدموا القهوة في السفارات الفلسطينية، كما عملت القيادة الفلسطينية على شق الفصائل الفلسطينية وتبنت فصائل مجهريه لا لون لها ولا طعم ولا رائحة تعوم قواربها في بحيرة السلطة وتتغذى من فتات المائدة الفتحاوية في ظل اختفاء المفتاح السحري للصندوق القومي الفلسطيني ، نحن نعيش الثمار المدمرة للمسيرة السياسية وشبح التفريط يلوح في الأفق ، ومن واجبنا قرع جرس الخطر من اجل إطلاق حركة جماهيرية ديمقراطية في الداخل والشتات وعقد مؤتمرات شعبية للاجئين وتفعيل الدور الوطني للجان الشعبية في المخيمات تحت شعار " تقرير المصير وحق العودة على أساس القرار 194 " قبل أن يداهمنا الخطر ونحن في غفلة ، هذا وسنتناول في المقال التالي طرح رؤية إستراتيجية سياسية بديلة جوهرها مشروع وطني قائم على حق عودة اللاجئين ضمن دولة واحدة ديمقراطية يتم فيها إلغاء جميع القوانين العنصرية وينتفي التعصب القومي والديني .
Aucun commentaire