الإدارة التــربوية بين التسيير المستبد والتدبير التشاركي

الإدارة التربوية بين التسيير المستبد والتدبير التشاركي
1- الموقف الفكري العام:
يشهد خطابنا الإداري التربوي المحين بالتوجهات الجديدة للميثاق الوطني للتربية والتكوين ميلاد زخم من المفاهيم والنماذج والنظريات التي ضخت دماءا جديدة في أدبيات التواصل والاتصال المتعدد الأبعاد بغية تفعيل
نظامنا الإداري التربوي وتأهيله للانخراط بفعالية في حركية التجديد التي يبشر بها مسلسل الإصلاح الذي انطلق في موسم:1999 – 2000 في مساراته المتعددة التي تتغيا كسب رهان الجودة وتحقيق المعادلة الصعبة:
خلق التوازن بين التكوين والتشغيل لإحراز الطفرة النوعية بين إبدال استيراد التكنولوجيات وإبدال تأهيل الموارد البشرية المحلية على طريق التنمية الشاملة. من بين تلك المفاهيم : التدبير الإداري التربوي. فما هي الدلالات التي شحن بها هذا المصطلح؟
1- الدلالة اللغوية:
حمل ابن منظور في لسان العرب مادة :" التدبير" بمستويين من المعنى. المستوى الأول: النظر إلى الأمور والاعتبار بعواقبها. المستوى الثاني: العتق بعد الموت ص: 942 ج . 1 أما في منجد الأعلام فمفردة التدبير تعني: التفكر في الأمر والنظر في عواقبه، الاعتناء، والتنظيم ص:205 . ويلمح البعد اللغوي للحقل اللغوي العربي الذي يهيمن عليه المحور القيمي إلى خيط التفكير التوجيهي المجلي للرابط المشترك بين المعاني القاموسية التي تم التنصيص عليها في المعاجم العربية والمحصورة في : التأمل والتنظيم والتخطيط والإنعاش والتحكم والإبداع …و التي تشكل فيه مادة " التدبير" نقطة التقاطع الموحية بإفلاس مؤسسة التسيير المحتكر لكل السلطات التربوية والى احتضار العقل المسير الجماعي بصيغة المفرد الذي يفعل كل شيء فلا ينجز على أرض الواقع إلا تعطيل مبادرة تأهيل الموارد البشرية بتحويلها إلى أدوات مملوكة للتنفيذ فقط وليس للتجديد والابتكار أيضا، بل لا ينتج إلا الضحالة والتسطيح وإعادة الإنتاج… أما في القاموس الفرنسي بوتي روبيرص:865 فالتدبير يفيد معنى التنظيم وإدارة شأن مقاولة أوادارة. بينما التدبيرالمقاولاتي : "management"
فيعني فيما يعني:تقنيات التنظيم والتدبير والتسيير والاستثمار في مشاريع مقاولاتية.ص:1142. والمتفحص للحقل اللغوي الفرنسي الذي تتحرك ضمن مجالاته بنية" التدبير"يلمس الطفرة النوعية التي أحرزها النظام التعليمي الفرنسي باستدخاله الفكر المقاولاتي في المنظومة التعليمية، والانتقال من إبدال التكوين بأشكال المعرفة: المفهومية،التواصلية،المهارية:
savoir savant ; savoir faire ; savoir agir’
. إلى إبدال تشغيل الكفايات والاستجابة لمتطلبات سوق الشغل في مخطط استراتيجي يتوخى رأسملة المدرسة وإخضاع صناعة الموارد البشرية لنفس شروط إنتاج المواد الخام في القطاع الصناعي لكسب رهان الجودة…في محاولة لتحويل مركز التدبير من الصعيد الوطني إلى الجهوي ثم على صعيد المؤسسة التعليمية لتصير عبارة عن مقاولة صغرى تتمتع بالاستقلالية،بالمبادرة،وصلاحية تدبير الشأن التربوي والمالي والمحاسبي…
2- الدلالة التربوية:
يحصر معجم علوم التربية دلالة" التدبير" في:
– الدراسة العلمية لمنهج اتخاذ القرارات التنظيمية بالتدريس وتخطيط المناهج… والتسيير الإداري ص=188 .
ويستند هذا المنهج على نموذج من النماذج ا لمتداولة من قبيل نموذج ستيلفبيم أو كوفمان… وعلى علم السبيرنيتيكا المرتكز على المثلث الإداري التربوي : التخطيط ، الإنجازوالتحكم في الأداء ،و التقويم.
فهل الآن الأوان للانتقال من بنية التسيير إلى بنية التدبير؟ وما هي مسوغا ت الانتقال؟ وما هي شروطه؟ وما هي طبيعة المرحلة الانتقالية؟




Aucun commentaire