Home»Enseignement»نافذة على المدرسة العمومية : تدبير الزمن المدرسي

نافذة على المدرسة العمومية : تدبير الزمن المدرسي

0
Shares
PinterestGoogle+

يرتبط الزمن بحركة الأجسام والأشياء والأفكار والشخوص في المكان وهو عنصر حيوي إلى جانب الكتلة والروح  والمادة في  الخلق والتشكيل وعامل حاسم في بناء الخطط والاستراتيجيات وإنجاز مختلف الأعمال وتنفيذ شتى المشاريع . الزمن لحظة وجودية بين عدمين ممتلئة بالأحداث والوعي الزمني  تهندس الفكر وتمد الذكاء بالقدرة على ملاحقة الفاعلية الآنية  وهو عنصر مركزي في  عمليات  التعزيز والتعديل والتغيير والبناء لكن مع الأسف لم يتم تدبيره بالشكل الدقيق في كل الخطط الإصلاحية  و لا تقديره بطريقة دقيقة في المخطط الاستراتيجي  للوزارة 2013-2016  ولا بكيفية معتبرة  في البرامج التنفيذية للمشاريع التي احتفت بالبرنامج كمخطط للأعمال وغيبت الرزنامج كمخطط زمني و آلية  تدبيرية عملية في كل دفتر تحملات لم يجر تداوله من قبل الوزارة الوصية على قطاع التعليم  إلا  مؤخرا وتحديدا في المخطط الاستعجالي 2009-2012  دون احترام الآجال المحددة في انطلاق الأشغال وسيرها وانتهائها مما تسبب في فشل أجزاء عديدة من مسلسل الإصلاح وإخفاق أو تعثر أو إنجاز غير مكتمل لكثير من مشاريع البرنامج الاستعجالي 27   باعتراف المسؤولين المباشرين أنفسهم على اعتبار أن الإصلاح هو إعادة النظام إلى فوضى الأشياء  و »كل نظام يفترض الزمان والخطاب حول الكائن هو خطاب في الزمان  » كما يرى باشلار في كتاب جدلية الزمن ص136  والإصلاح واقع  » والواقع هو الذي يقوم كممكن وليس الممكن الذي  من يصبح واقعا  » كما يرى هنري برجسون في كتاب الفكر المتحرك ص115  بمعنى أن وثيقة الإصلاح/ الميثاق الوطني للتربية والتكوين  هي خطاب حول نظام تعليمي يقتضي اعتبار الزمن وأن الواقع  التعليمي حقيقة لاترتفع تتطلب إصلاحا من الداخل أي على منتجي المنظومة والمستهدفين منها أن يتولوا إصلاح منظومتهم بأنفسهم فهم أدرى بها  في إطار سيرورة متكاملة  يندمج فيها  التشخيص والتخطيط والتنظيم والإنجاز مع التقويم  ويكون المصلح  فيها هو صاحب القرار والمعني بالقرار في نفس الآن  وليس مكاتب الدراسات ولا النخب البعيدة عن الاختصاص حتى لايتحول الإصلاح إلى بناء دون حقيقة تصنعه قوى من خارج المنظومة  باعتبارها قوة حالمة تسعى إلى الحلم والتخيل أو منتفعة تروم تحقيق الربح  بدل الفهم والتفهم الصحيحين للأوضاع وللحاجيات والإكراهات  لأن الإصلاح عندها سينحرف عن الزمن ويشط عن القياس ويرتفع عن المكان  أي/المدرسة الوطنية العمومية والخصوصية كما يرى توفلر في كتاب الموجة الثالثة ص 324 325 : »إن الزمن يلتف أو ينحرف في الطبيعة حيث تبدو المحصلة النهائية مختلفة ويعتمد على المكان الذي يقاس منه » إن عامل الزمان عنصر فاعل في الإنتاج وانتقاء الجودة وشرط حيوي لنشاط المورد البشري والمورد المعلوماتي وأي تراخي في تقدير الزمن تكون عواقبه معتبرة على إنجاز المهام  والرفع من الإنتاج  وتحسين المرد ودية الداخلية والخارجية لأي نظام  وكذا الارتقاء في درجات الجودة و تداول المعلومة وإمكانية الولوج إليها  وتطويرها وتشغيلها بشكل سليم. إن الزمان رأسمال حقيقي يقتضي من الإنسان حسن توظيفه واستثماره والتحكم في تدبيره لأنه جزء من الإستراتيجية ومن التكتيك. ويتمظهر الزمان في عدة مستويات : مستوى الزمن الإداري ومستوى التربوي الإداري والمستوى البيداغوجي والمستوى الديداكتيكي.

1-الزمن الإداري:

دأبت جل الدول الغربية ومنها فرنسا  على اعتماد نظام التوقيت المستمر  خلال خمسة أيام في الأسبوع  لدواعي اجتماعية واقتصادية ونفسية  ترتبط باستقرار الموظف ورضاه وذلك  بعد إجراء دراسات نظرية وميدانية ثم تجريبه فتعميمه بعد ذلك على القطاعات الاستراتيجية بينما  تبنت دول أوربية أخرى  التوقيت المستمر السداسي لأنه أكثر مردودية ويحقق خدمات أفضل للمرتفقين وعموم المواطنين بفضل اتساع وعائه الزمني . أما في المغرب أنجزت وزارة الوظيفة العمومية  وتحديث الإدارة دراسة  سنة 2007 اعتبرتها مشروعا اجتماعيا يرد الاعتبار للعلاقات الأسرية وللمر دودية الاقتصادية ولفعالية الإدارة ومقاربة حديثة في مجال تدبير الزمن تشيركل المدلات إلى نجاحها فالتجربة طبقت سنة 2005  وقبلها 65 في المائة من الموظفين واعتبر 75 في المائة منهم أنها توسع مساحة توقيتهم الحر لاستغلاله في ممارسة أنشطة عائلية و رياضية بل إن 3 على 4 من الموظفين يؤمنون بفعالية التوقيت المستمر و78 في المائة يقرون بارتفاع مردوديته وأن تطبيقه خفض من نفقات فاتورة الكهرباء والماء بنسبة 11.2 والهاتف ب 4.2 والنقل والصيانة ب24 في المائة  والماء ب6.1 في المائة وأنه حقق 13745 فرصة شغل في مجال إعداد الوجبات و44 في المائة من نسبة الجودة لكن  التقرير التشخيصي للحكومة الجديدة يكشف بالأرقام خصوصية الوضعية الموروثة بواسطة نسب ومعدلات صادمة عززها التقرير الاقتصادي العالمي فكيف لنا أن نتحدث عن فعالية توقيت ونسبة النمو الاقتصادي في المغرب رغم الظرفية الدولية والوطنية  لم تتجاوز 4.2 في المائة  ويتوقع أن تنزل إلى 3 في المائة بينما يعرف النمو الاقتصادي في الصين حسب تقرير صندوق النقد الدولي 9 في المائة سنة 2012 وفي تركيا 8 في المائة وفي أندونيسيا 6 في المائة ألا توجد علاقات بين انخفاض أو ارتفاع مؤشرات النمو الاقتصادي ومقاربة تدبير الوقت ؟ وكيف نتحدث عن ارتفاع جودة التوقيت المستمر بنسبة 44 في المائة  ومعدل العجز بلغ 6.1 في المائة ووصل معدل البطالة إلى 9 في المائة والفقر 8.8 في المائة والهشاشة 17.23 في المائة ألا يوجد خلل ما في تقدير عامل الزمن وعدم مقاربته بشكل فعال؟

والطامة الكبرى أن التوقيت المستمر المطبق على الإدارة المغربية يتم تنزيله  بصيغة معدلة في المذكرة 2156 /12  التي ألغت العمل بمقتضى المذكرة 122/09 المفعلة للمشروع 12 ضمن الفضاء1 وتطبيقه على نظام التعليم في المدرسة العمومية  لإرضاء بعض الموظفين والضرب في الصميم معايير بيداغوجيا الحديثة وإن تعلل أصحاب هذا الاختيار بنظرية إيقاع التعلم وتوزيع المواد الأساسية على الفترة الصباحية وتقصير الفترة المسائية وتخصيصها لأنشطة  ذات طابع تطبيقي لخلق التوازن بين النمو الذهني والنمو المهاري والجانب النفسي والجانب الاجتماعي في بناء الشخصية  المتفتحة. إن ما يجب اعتباره بخصوص  الزمن المدرسي هو مراعاة مبادئ التدرج والملاءمة والتحفيز.فلا يعقل مثلا إثقال كاهل المتعلم في الابتدائي بوعاء زماني مكثف يراهن على اكتساب الكم المعرفي وحشو عقل المتمدرس  برصيد مكتنز من المعلومات التي يتم استدعاؤها في الاستحقاقات التقويمية  ويتجاهل المعرفة الطرائقية والتواصلية والمهارية والتصرفية. ولا يعمد إلى حل الإشكالية الزمنية  بتخفيض عدد الساعات بحسب المستوى العمري ومرحلة النمو الذهني التي يكون فيها المتمدرس فمثلا نخصص غلافا زمنيا مقداره 20ساعة لمستوى 1 و2 و22ساعة لمستوى 3و4 و24 ساعة لمستوى 5و6 والاجتهاد أكثر في توزيع مكونات التعلمات الأساسية وهي  التمهير على القراءة والتحكم في اللغة لتوجيه مخايل الميل الأدبي والإقدار على العمليات الحسابية وضبطها على طريق الإعداد للترييض والتحليل الرياضي بدون برهان ثم ببرهان في أفق بناء التفكير العلمي عند المتعلم  واستضمارقواعد وتقنيات حل المشكلات ومجابهة مختلف الوضعيات المفتوحة.على أن يعاد النظر في تدبير المورد البشري وتأهيله ليتولى الإشراف على مادة واحدة يتخصص فيها ليزداد عطاؤه وفق شبكة معقلنة للتنظيم التربوي الوظيفــــي

يجري حوسبتها على ضوء معايير بيداغوجية تتوخى الجودة تعتمد صيغا زمنيا متوافقا عليها: كالتوقيت الشطري والكندي والتوقيت بفرق عمل والشبه مستمر المكيف والمستمر…. أما في التعليم الثانوي الإعدادي فيراهن تدبير الزمن  على  التحكم في التعلمات العليا و شبه متخصصة في مكونات التحكم اللغوي  والإعداد الأدبي والتمهير الرياضي والإقدار العلمي من خلال إعطاء الأولوية لكفاية التحليل والتركيب والنقد والاستدلال بعدما نخلق جسر التوجيه الأولي في السنة الأولى ثانوي إعدادي لنخفف على المتعلم من ثقل تعدد المواد وتفرعها إلى مكونات. على أن يتم توزيع هيئة التأطير التربوي إلى فريق التدريس وفريق الدعم وفق البيداغوجيا الفارقية وإخضاعها لشبكة التنظيم التربوي البيداغوجي ذات بعدين : ديداكتيكي وديسمولوجي. ليتصدى الفريقان لمخلفات إصلاح 2009-2012 ولرواسب المخطط الارتجالي وبطء تطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين. ذلك أن الثانوية الإعدادية تعرف تدنيا غير مسبوق في المستوى وتنامي ظاهرة موت إرادة التعلم وهيمنة السلوكات الحشدية. والسبيل للخروج من هذه الأزمة هندسة جديدة لفضاءات الإعدادية وتدبير معقلن للأطقم التربوية والإدارية يستجيب لانتظارات مدونة مهام جديدة  نتمنى أن يتضمنها القانون الأساسي الجديد الذي لم ير النور بعد وكذا اعتماد بيداغوجيا المعرفة والقيم والأداءات  الدنيا و الأداءات العليا لسد الفراغ الذي أحدثه قرار إلغاء بيداغوجيا الإدماج دون اقتراح بديل واستدراك تأخر انطلاق ورش المخطط الاستراتيجي 2013-2016 الذي لم يحسم في الاختيارات البيداغوجية وظل متأرجحا بين نية الاستعانة بالخبرة الوطنية وعزم الاستنجاد بمكاتب الدراسات الإنجليزية أو نظيرتها الأوربية… ولتحفيز الموارد البشرية في السلكين الإعدادي والتأهيلي لابد من الرجوع إلى الساعات القانونية : 20 ثم 18 وحذف الساعات التطوعية وتدقيق التخصص ومراجعة مواد التدريس ومكوناتها بحسب مستلزمات العصر وسوق العمل ومتطلبات بناء الشخصية الوطنية بتعدد  جوانبها وهوياتها بل حذف المواد التكميلية أو برمجتها في  فترات لاتكون فيها ذروة التلقي وحتى يتسنى  توسيع الوعاء الزمني الديداكتيكي ليستوعب المواد الأساسية التي  تيسر عملية استهداف الكفايات العليا في الإعدادي والكفايات النهائية في الثانوي التأهيلي في أفق حيازة المتعلم للمعرفة المفهومية والمهارية والتواصلية والتصرفية والطرائقية والتصريحية والشرطية الكافية  … التي تسمح بنقل المدرسة إلى المجتمع ونقل المجتمع إلى المعرفة  و تسمح أيضا بالمواكبة الصحيحة للمعرفة بتدقيقاتها وأنماطها في إطار دعم  شعب التخصص وفي أفق امتلاك المتعلم  للتكوين المتين الذي يحل إشكالية تدني المستوى في كل الأسلاك التعليمية  ويخلق التوازن بين  متطلبات سوق الشغل ومواصفات التأهيل المعرفي  للمدرسة العمومية الوطنية الذي يقود المغرب إلى مرحلة الصناعة وما بعد الصناعة الالكترونية وإلى اقتصاد المعرفة وإلى الاقتصاد الأخضر.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *