Home»Régional»تحت الدف (6) حلم في الخلاء

تحت الدف (6) حلم في الخلاء

0
Shares
PinterestGoogle+

تحت الدف ( 6 ) حلم في الخلاء حدثنا أبو الغرائب عن أبي العجائب أن مواطنا ذهب إلى الخلاء لقضاء حاجته ، وبينما هو يغتنم راحة جلسته الممتعة حيث الحرية المطلقة في إخراج إفرازاته بعيدا عن قيود أعناق المراحيض الضيقة ، بدأ يتصفح قطعة ورق من مخلفات ملصقات الانتخابات . تهجى بصعوبة ولذة ما تبقى منها من حروف " صوتوا على مرشح الـ … رمز الـ …. " . حاول أن يعرف هوية المرشح وحزبه لكنه لم يفلح ، إلا أنه اهتدى في الأخير أن هذه الورقة – رغم غموض هويتها – ستؤدي آخر وظيفة لها في هذا الخلاء بعد أن أدت وظيفتها كملصق دعائي انتخابي . ولكنه قبل استعمالها ، بدأ يتساءل كيف وصل هذا الملصق إلى هذا المكان المهجور . هل هذا يعني أن حملة انتخابية مرت من هنا أم هي الريح قد ألقت بها هنا كما ستلقي بوعود صاحبها ؟ طاف بعينيه حول المكان وبدت له آثار حملة مياه الأمطار وقد جرفت معها القش وأغصان الأشجار اليابسة وبعض البهائم التي بقي منها سوى جماجمها المنخورة . حار بين الحملتين وقرر أن يعرض الأمر على المختصين في علم الفضول . وشرحوا له الظاهرتين ونقط التشابه بينهما . ومن يومها قرر أن يخوض غمار إحدى الحملتين ، وفعلا حصل التزكية استنادا على تدخل أحد معارفه ، ودخل معركة التنافس الانتخابي بكل ما يملك من حنكة في الأمية واختار لنفسه ملصقا ضمنه عبارة " صوتوا على مرشح الحملتين " واستطاع بذلك أن يكسب أصوات الحوامل والحمالين والحموليين وحملة أكياس الدقيق والمحملين حتى أصبح بحملة حامل أن يحجز مقعدا كباقي الذين من قبله . وشكر الحملة المطرية التي جرفت به إلى تحمل المسؤوليات .. كما شكر كل الفضوليين الذين ساعدوه والذين سهلوا أمره . وهكذا بدأ يحضر كل الاجتماعات وينظر ويقترح ، وعزم على أن يتصدى لكل متلاعب بمصالح المواطنين وأن يكاشف الجميع ، وأحاط نفسه بأحنك وأمهر الفضوليين من أجل ترتيب مواعيده وصياغة المشاريع الإنمائية ، واقترح عليه كبير الفضوليين أن يخصص مقرا لاستقبال المواطنين والاستماع إلى مشاكلهم وقضاياهم . كان كلما مر في الشارع وتهافت الناس على تقبيله يشكر تلك الحملة التي حولته من جمجمة منخورة إلى جمجمة مملوءة ومنتفخة . كما كان دائما يتذكر تلك الجلسة في الخلاء وكيف أوحت له بالدخول في المغامرة وكسب الرهان بكل سهولة رغم أنه يدرك جيدا في قرارة نفسه أنه لا يميز بين شكل الألف وشكل العصا . ولكن رغم ذلك استطاع أن يتقدم على كل من يعرف شكل الألف وشكل الميم وشكل الياء .. كما علمته التجربة أن الحملة دائما تجرف الأشياء الخاوية والمنخورة فلا داعي لأن يثقل نفسه بالعلم والمعرفة لأن الحملة مهما كانت قوية لا تستطيع أن تزحزحه ولو شبرا واحدا ، ودليله في ذلك حالته الخاصة التي تشهد كيف تزحزح هو نفسه من قضاء الحاجة في الخلاء إلى قضاء حاجات في الخلاء الآخر . وما كان ليتزحزح لو لم يفرغ كل ما كان في بطنه في تلك اللحظة المشهورة . لم يكن يتصور أبداً وطيلة حياته التي قضاها قبل قضاء الحاجة في الخلاء ، أن يكون مجتمعا اليوم في هذه القاعة ، وأن يكون اليوم على موعد مع دراسة المشاريع التنموية التي ستنطلق أشغالها بعد قليل ، ولكنه أحس بالتعب واستسلم للنوم قليلا خاصة وأن مكيفات القاعة ساعدته على ذلك .. طال نومه حتى حضر كبيرهم واستسمح عن التأخر الخارج عن إرادته . كما استسمح هو عن نومه الذي كان خارجا عن إرادته كذلك . افتتح كبيرهم الجلسة وذكر بجدول الأعمال الذي كان يتضمن مشروع بناء مرآب لسيارات المصلحة ، وبناء مرحاض بلدي . بدأ النقاش بين الحاضرين وتوقفوا كثيرا عند مشكل المرحاض هذا المرحاض الذي ذكر صاحبنا بأيام زمان ، وتقدم لمناقشة الموضوع إلا أن حماسه الزائد جعله يخرج عن أدبيات النقاش وقام من على كرسيه مهددا وموعدا بالثبور لكل من تسول له نفسه التلاعب بأموال الناس . وواجهه كبير المجلس بنفس الرد وأمره بقوة أن يجلس ويلتزم الصمت . ولما أراد أن يجلس كما أمره كبيرهم اكتشف أنه لم ينهض بعد وأنه لازال جالسا القرفصاء يقضي حاجته في الخلاء وهو ينظر بإمعان إلى ما تبقى من الملصق الانتخابي . جمع ما استطاع جمعه في ذلك الخلاء الموحش وقال بصوت مرتفع " لي بغاها كَاع خلاها كَاع " وترك بقية الملصق جنب ما تركته بطنه . وفي رواية أحد الفضوليين قال إن صاحبنا استعاذ بالله ثلاث مرات وجمع نفسه كما تجمع " خروق " الرضيع وأطلق صفائح رجليه للريح بحثا عن خلاء مكيف . يتبع مع حادثة غربية أخرى .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. abdenbi
    08/10/2007 at 12:29

    Mr Hamdi;
    Bravo pour votre ecriture ; je trouve votre style et votre façon de raconter les choses d une qualité exceptionnelle
    Continuez a nous combler de joie et merci

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *