إذا ما بلغ الفطام لنا وزير…

المتتبع والقارئ لنتائج الانتخابات الأخيرة بالمغرب يخرج باستنتاجات واضحة تؤكد كلها أن المغاربة لم تعد لهم أية ثقة في الأحزاب السياسية ولا حتى في المؤسسات، ولاشك أن النسبة المتدنية جدا للمشاركة "37 في المائة" إن تحققت، تعكس أزمة الثقة هته، وعوض أن تعترف الأحزاب بهزيمتها وفشلها في تأطير المواطنين، لا زال زعماء الكارتون، عوض تقديم استقالاتهم بالنظر للنسبة المتدنية أولا، وما حصدوه من نتائج كانت كارثية بالنسبة لكل الأحزاب ثانيا، وعوض التفكير في نقد ذاتي وتقديم استقالة الزعماء الذين عمروا طويلا على هرم الأحزاب كما تفعل الأحزاب الديمقراطية، لازالت هذه الأحزاب تحاول تعليق أخطائها على مشجب الآخر، على غرار كل المغاربة الذين إن تأخروا كان الخطأ في الطائرة او القطار الذي يقلهم، فنحن دائما نقول "مشات علي الطيارة ومشا علي التران" ولا نعترف أننا تأخرنا عن موعد الإقلاع، هكذا تبدو صورة الأحزاب اليوم، حزب يعتبر زعيمه أنه كان الحزب الوحيد الذي تعرض لحملة دنيئة وكاذبة، وزعيم ناطق باسم الحكومة يعتبر أن سبب فشله الدعايات المغرضة، وآخر يربط فشله بتوريط السلطة وهكذا…
من هذا المنطلق ربما لا زال الزعماء في هذه الكومة من الأحزاب التي لم تستطع أن تجدد نخبها أو تعطي مشعل التسيير للجيل الجديد يتطلعون للمشاركة في الحكومة المقبلة عساها توفر لهم حقائب وزارية تكون آخر محطاتهم النضالية بعدما بلغوا من الكبر عتيا.. وهو حتما ما يزكي طرح انعدام الثقة، وهو ما يجعلنا نحترم الأغلبية الصامتة التي تعرف أنه في ظل الوضعية المهترئة للأحزاب لا يوجد حل أفضل من الامتناع عن المشاركة في مسرحية تقاسم فيها زعماء الأحزاب وورثتهم أدوار البطولة، و هو طرح يؤكد أن الأحزاب التي تعتبر نفسها وطنية وتقدمية أضاعت على المغرب ما لا يقل عن أربعة عقود في معارضة شوفينية كان في الأصل الغرض منها هو الوصول للحكم وليس الدفاع عن مصالح الوطن والمواطنين، والواقع أن الراحل الحسن الثاني لم يفطن لهذا إلا في آخر أيامه، حيث أنه بتوريط أحزاب المعارضة بالمشاركة في حكومة التناوب الأولى بين للمغاربة أن الزعامات السياسية في المغرب لا تبحث سوى عن الامتيازات والحكم، وكان أن توقفت الخرجات البرلمانية والخطب الرنانة لبعض الوزراء الحاليين في الحكومة، وكانت حكومة التناوب محطة جديدة في تاريخ المعارضة التي يبدو أنها استلذذت الحقائب الوزارية والسيارات الفخمة والتعويضات الخيالية لدرجة أنها لم تعد قادرة على تركها، وبالتالي أصبح خروجها منها في اتجاه المعارضة في إطار التناوب على السلطة صعبا كفطام الصبي من ثدي أمه.
لقد حان الأوان إن لم يكن الوقت قد تأخر كثيرا، لتجديد النخب السياسية داخل كل الأحزاب، واعتماد الكفاءة بدل المحسوبية و الزبونية في الترشيح وتقلد المناصب والحقائب، إنها الفرصة التاريخية أمام الأحزاب للقيام بنقد ذاتي وفسح المجال أمام صناع قرار جدد في العمل الجماعي والنيابي والوزاري حتى يتم على الأقل تحديد معالم كل حزب في المشاركة أو المعارضة، وليس انتظار قرار الملك في اختيار الوزير الأول للركون للمعارضة أو المشاركة في أية حكومة، فالمطلوب هو جيل جديد يقرر انطلاقا من صناديق الاقتراع وما أراده المواطنون، وليس من إرادة الزعماء السياسيين والمؤسسة الملكية. لقد حان الأوان لاستقطاب الشباب بفتح الآفاق أمامه للانخراط في العمل السياسي حسب إمكانياته ومؤهلاته، وليس حسب الأقدمية و الرصيد النضالي الذي أكل عليه الدهر وشرب والذي لم يخلف غير جيل من الأميين الجدد والانتهازيين بامتياز. فالديمقراطية تقتضي الخضوع للأغلبية، وكل الأحزاب بمختلف تشكيلاتها 33 لم تستطع أن تحرك غير 37 في المائة من المسجلين، وبالتالي فإن 63 في المائة المتبقية هي التي تشكل الأغلبية الحقيقية وعلى الأحزاب استدراكها وفسح المجال أمامها للمشاركة، لأن الخطر اليوم وغدا قد يكون قادما من رحم حزب المقاطعين والغاضبين، فالدولة قد تعرف المنضوين في الأحزاب والنقابات وكيف يفكرون وما هي أيديولوجياتهم، ولكنها لن تعرف مادا يريد العازفون؟ عفوا الزاعفون…
فهل يحال اليازغي والراضي والفاسي والعلوي والقادري وكل أسماء الزعماء المنتهية اسماؤهم بياء النسب على التقاعد الاختياري قبل الإجباري، أم أن نكهة فطور الصباح وسيارة الوزارة الفارهة بالسائق سوف تعيق مرة أخرى مسلسل النقد الذاتي داخل الأحزاب السياسية الكفيل وحده بضخ دم جديد في شرايين الأحزاب والوطن وكفيل باستمالة الغاضبين بإعادة الثقة في الأحزاب والمؤسسات… على كل حال ليس لنا إلا أن ننتظر ونحن نلوك مع قليل من التغيير المباح بيت الشاعر إذا ما بلغ الفطام لنا وزير…
3 Comments
اريد فقط ان انهي البيت الشعري الذي عنون به الاخ زهر الدين طيبي مقاله لعله يفيد اذا بلغ الفطام لنا وزير××××× يخر له المساحة ساجدينا
حينما يكون المرء متصفا بالحياء . وحينما يؤمن بثقافة الاستقالة ، لا سيما وان الناس رفضوه وبزقوه ولفظوه ، وقتئذ سوف تدفعه عزة نفسه الى التنحي . أما والامر يتعلق بكائنات استهلاكية ، فإن ما تقوله يا عزيزي طيبي سيظل ضربا من الازعاج ليس الا ..
هذا و 37 في المائة من المتكلمين – إن صح هذا الرقم لا وزارة الداخلية ظلت الى وقت قريب جدا تخاف ختى من النشرة الجوية – لا يمكن ان تكون الرقم الذي يشرعن حكم هؤلاء البؤساء من الوزراء ، عفوا الموظفين ، لنا . لانهم ان قبلوا حكم هؤلاء ، فإنهم سيكونون بلداء وعديمي الحياء . ذلك ان 37 في المائة قد حصلوا عليها مجدموعين . واذا ضربنا مثلا فان احد الاحزاب التي تريد العودة الى الحدم ، عفوا الى تصريف الحكم ، لا تمثل الا 12 في المائة او اقل من المغاربة . ومن ال 12 في المائة هذه يمكن استخراج ما لا يزيد عن 2.3 في المائة فقط ممن صوتوا فعلا لحزب سياسي يرغبون في توصيله الى الوزارات .
ففي مدينة جرادة مثلا اعتمد حزب في الحكومة على اشخاص استعملوا آلية عجيبة في الحملة الانتخابية وهي الدعوة الى المقاطعة وتمزيق بطائق الناخبين مقابل 200 درهم . وهذا لا يرفع فقط من نسبة المقاطعة . وانما يربك الحسابات : ففي اتجاه كانت المقاطعو مدفوعة الاجر . لكن الى اي حد يكون ذلك صحيحا في المغرب كله ؟ . وفي اتجاه آخر المصوتون قد يكونون مدفوعي الأجر هم كذلك .
ما يستخلص ان الفعل السياسي في المغرب والخريطة المترتبة عنه والنتائج المعلنة والنسب المصرح بها كل ذلك محاط بالغموض والتشويش . وان كنت انت انزلت السياسيين بل الحزبيين في المغرب منزلة محددة فانا اعنقد ان ذلك غير مستحق لهم لانك خاطبتهم بلغة لبقة . اما والحال هكذا ، فان عليهم ان يختفوا من حياتنا وان يتركوا حكومة الملك تدبر شأننا العام حتى يفرج الله ..
اذا كانت احزابنا لازالت تحتفظ بقطرة ماء في وجهها فالتنسحب من الساحة السياسية وتترك امر المغاربة لصاحب الجلالة الذي يعمل دون كلل وقد غير وجه المغرب والايام المقبلة ستظهر الكثير والله لو اكتفي صاحب الجلالة بحكومة تكنوقراطية يختارها للعمل جنبه بمثل حيويته وامانته لاصبح مغربنا في اقل من 20 سنة مغرب نموذج على كل الاصعدة لقد اثبتت تجربة الاحزاب في مغربنا انها عالة على الشعب والوطن