قراءة في نتائج انتخابات7 شتنبر/ الحلقة لماذا العزوف

تقديم
نحن المغاربة اعتدنا أن نعلق على أي مباراة في كرة القدم ، وتكثر تعليقاتنا عند الهزيمة ، فالبعض يقول بأن الفريق الذي انهزمنا معه هزم حتى الألمان ، أو أن البرازيل كان عليها أن تتعادل مع النرويج ، أو أن تونس تآمرت علينا مع الزمبابوي .
لكن لا أحد منا يتحدث عن السبب الحقيقي للهزيمة ، ومن يحاول ملامسة الحقيقة لا يبتعد على طلب تغيير المدرب أو سب مكتب الجامعة.
ونتائج المنتخب الوطني السلبية تؤثر على البطولة الوطنية ، لهذا نشاهد مدرجات شبه فارغة لا تشجع على تطوير اللعبة أو الرقي بها.
واذا اعتبرنا بأن انتخابات 2007 جزء من اللعبة الديمقراطية المغربية ، فانها لا تختلف في التفاصيل العامة عن كل ما قلناه عن كرة القدم ، فلماذا هذا العزوف الكبير ولماذا هذه النتائج ؟
لماذا العزوف ؟
1 التهميش
في الحقيقة لا شيئ يشجع على الذهاب الى صناديق الاقتراع ، لا شيء فعلا في هذه البلاد يشجع المواطن على تحمل مسؤوليته واختيار من يمثله ، فالوضع المعيشي ازداد تدهورا والطبقات الفقيرة هرمها اتسع من الأسفل ، كيف تطلب من المواطن التوجه لاختيار من يمثله وقنينة الزيت في ظرف ثلاثة أشهر ارتفع ثمنها بنسبة 100/ 30
الكل يتحدث بأن الغاشي أمسك المال الحرام وباع صوته ، الكل يتحدث بأن سماسرة الانتخابات حلوا بالدواوير الأكثر فقرا والأكثر تهميشا ، الكل يلوم سكان دوار لغرابة ودوار خروبة الزامر ، لكن لا أحد تحدث عن زيادة ثمن السكر والخبز وباقي المواد الأساسية ، ولا أحد من هؤلاء تحدث عن أحقيتهم في العيش والسكن الكريم ، خصوصا أولئك الذين يمثلون أحزابا تقبع على وزارات تسمى ظلما بوزارة السكنى وأخرى بالشؤون الاجتماعية.
كل هؤلاء المهمشون غير المرغوب فيهم ، هؤلاء المتهمون برفع درجة الجريمة والرذيلة ، هؤلاء المسؤولون عن انتشار السكن الفوضوي، كيف يتحولون بقدرة قادر الى مواطنين أعزاء يقاسون بالذهب ومن قبل كان يتمنى البعض بأن يستفيق يوما ما ولا يجدهم أو يجد بأن الأرض ابتلعتهم.
2 قتل العملية السياسية
عندما تستفيق في الصباح وتنظر الى الأسماء المرشحة ، أول شيء تقوم به هو جلب الغطاء والعودة الى النوم ، فالأحزاب المغربية مسؤولة عن قتل العملية السياسية من الداخل ، فنفس زبناء أمس ، فناضل أنت من أجل أن يبقى الأمر على حاله ، وفي دائرة بركان مثلا نرى بأن حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي خيبا ظن حتى مناضليهم ، ………… فمرشحونا يصرون على البقاء في مواقعهم ، وهذا ما يشجع على الانسحاب من العملية السياسية برمتها ،
وكأن الخطاب الذي يريدون ايصاله للجميع يقول ، نحن هنا فاشربوا البحر ، وكأنهم يدعون لمقاطعة التصويت ، ولا تستغربوا فانهم فعلا يدعون الى عدم التصويت ، فهم يضمنون أصواتهم الحزبية ، بينما يدعون الناس الى عدم الذهاب الى صناديق الاقتراع سيما ان علموا بأنك لن تصوت لهم .
لا أدري لماذا يصرون على البقاء في مواقعهم والمساهم في اليأس والاحباط ، لماذا لا نسمع عن تقاعد انتخابي ؟ لماذا يفضل البعض الموت السياسي باهانة كبيرة على التقاعد بشرف ، وليعلموا بأن تقاعدهم المشرف لا نتيجة له سوى فتح الآفاق أمام الجيل الصاعد وهذا هو بدوره أيضا يشجع على المشاركة واقحام الشباب في العملية السياسية ، ولا أعرف لماذا لا يعرف البعض بأن لغتهم ووجوهم أصبحت لا تطاق ، فشباب اليوم له حاجاته الخاصة ولغته الخاصة ويبحثون عن وجوه جديدة وشابة على الأقل تفهم حاجاته ، وليذهب هؤلاء العجزة الى سلة الأرشيف، فلا أدري هل ينظرون الى المرآة أم أنهم يقاطعونها لأنها تعكس الحقيقة والواقع.
هذا على الأحزاب المسماة مهيكلة ، أما اذا تحدثنا عن الأشخاص الذين ترشحوا والذين تربطهم بالأحزاب المترشحين باسمها علاقة زواج متعة ، هؤلاء لا نلومهم ، فهم يقولونها بصراحة ، فهم يبحثون عن استفادة شخصية ، رغم أن بعضهم وللأسف لا يعلم بأنه يلعب في الوحل فقط ، ولا أدري لماذا لا يعرفون حجمهم الحقيقي في الشارع ، فلا اجماع عليهم ، ولا رصيد لهم ، وهم يشغلون محركاتهم فقط ثلاثة أشهر قبل يوم التصويت ، وكأنهم يريدون استغفال الشعب أو الضحك على ذقونه. لكن مساء يوم التصويت يعلمون في قرارة أنفسهم بأنهم كانوا فقط أمام وهم سرعان ما ينجلي لهم ، وأن لا شيئ ينبت الا الصح ، أما النخالة فتذروها الرياح
.
3 الحملة الانتخابية ، من يقوم بها ؟
في أول يوم من الحملة الانتخابية ، يتضح لك بأن من يقوم بالحملة فقط هم الأطفال والمأجورين ، فهذه الحملة عرفت برودا وجمودا ما مثله من جمود ، فلم نشاهد المناضلين يتقدمون في رأس الحملات الانتخابية ، وحتى من سار فانه يمشي على استحياء ، وكأنه فقط يريد أن يقول لجهات معلومة بأنه ما زال موجودا، موجود على الأقل ، حتى ولو كلفه وجوده هذا الصراع حتى الموت مع من معه من مناضلين وفي نفس الحزب ، فالبعض وكما جرى في الانتخابات السابقة والحالية، قام بتشتيت الحزب الى أجزاء حتى يضمن لنفسه البقاء في كتابة الفرع ، ونعلم جيدا بأن ثلاثة ملايين سنتيم التي تسلمها من أحد المرشحين هي أهم حاجة في الحملة كلها، فبعد أن ابتعد عليه الجميع ، وبعد يقينه بأن سوف لن يدفع له أي احد تكاليف كراء المقر ، يقوم صاحبنا مع من تبقى معه بحملة هزيلة ومخجلة يقول للناس فيهل بلسان حاله ، اعذروني فأنا مظطر لا بطل ، اعذروا هذا الفقير المسكين الذي ضاقت به الدنيا بما رحبت ، اعذروني ان كنت لا أشاهد المرآة.
ولعل النائج والأرقام التي حصل عليها مثلا حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي في جميع الدوائر لتثبت ما ندعيه ، سيما بعض الدوائر التي لها ممثل في بلدية أحفير ، فاطلاعنا على الأرقام قال لنا بأن حتى عائلاتهم لم تخرج للتصويت ، ولولا خوف البعض من أن ينكشف أمرهم لما صوتوا حتى هم ، فهم غير مقتنعين أصلا بمن تصدروا لوائح أحزابهم.
كيف تنظر من مثل هؤلاء بأن يديروا حملة ويستمع الناس اليهم ، ففاقد الشيء لا يعطيه ، وحالة الانفصام التي يعيشونها تنعكس حتى على قسمات وجوههم.
حملة باردة تخلو من مناضلين شرفاء ، ما ذا تنتظر من ورائها ؟
بالله عليكم قولوا لي هل هناك مؤشر واحد يدفع المناضلين للقيام بحملة انتخابية ؟
لكن وللأسف حتى هؤلاء المنسحبون من الحملة الانتخابية سرعان ما ينضمون الى جوقة المطبلين عندما يفوز حزبهم، وترى وجوها ما رأيناها في الحملة فالله ينصر من أصبح، وأصبح الصبح وللح الحمد.
أما الأشخاص الذاتيون المترشحون للبرلمان فحملاتهم كانت ضعيفة جدا وبدون ادارة ، ففي أحفير مثلا قام مرشح بادارة الحملة الانتخابية بنفسه ، ولربما يحتاج هذا المرشح الى 25 سنة حتى يكمل حملته ، فمن خلال اطلاعنا على بعض تفاصيل الحملة صار يقينا عندنا بأن النتائج سوف تكون كارثية وقد أشرنا الى هذا في عدة مقالات ، قليكن في علم كل من ترشح بأن ألف صوت تتكون من 10 من المئات ، و وكل مئة تتكون من 10 من العشرات ، ولكم الفرصة من أجل العد معي.
لكن يبدو أن بعض المرشحين لا يعرف حجمه الحقيقي ، وربما ينظر فقط الى من يلفون حوله ، مؤمنا بكل ما يقولونه له ، ظانا بأن كل واحد منهم يساوي عشرات الأصوات بل مئاتها ، رغم أن البعض لا يمثل حتى نفسه ، فقد التف على بعض المرشحين عشرات من السماسرة وأصحاب السوابق الانتخابية ، ولم نرى الا قليل من الوجوه النظيفة والتي اشتغلت بنية ونحسبهم كذلك لكن مع من ؟؟؟؟
ان الادارة التقنية الناجحة للحملة تساعد فقط على التعريف بالمرشح ، أما أصوات الاجماع فتحتاج الى نية صادقة وعمل مستمر ومتتابع من أجل رصيد شعبي مبني على خدمة الناس والتعاقد معهم على برامج ومصالح متبادلة.
يتبع الحلقة الثانية ماذا جرى ؟
عبد الواحد مزويرج 9 شتنبر 2007




1 Comment
هناك حزبان يمتلكان قلوب الشباب وهما » الريال » و » البارصا » لأنهما يلعبان لعبتهما مباشرة وامام انظارهم ويشاهدون بواقعية نتيجتها . اما اللعبة الانتخابية فلا تستهويهم لأنها تجرى في الكواليس ، فالنتيجة تكون معروفة قبل بداية الحملة الانتخابية ، فالمباراة الانتخابية تنتهي فبل ان تبدا . فلماذا يتعب الشباب انفسهم في متابعة مباراة منهية اصلا ومحسومة النتيجة سلفا .