نسيت أنك يساري لا تصوم رمضان

نسيت أنك يساري لا تصوم رمضان
لشهر رمضان, منزلة خاصة في نفوس المسلمين ,لا توجد لغيره من الشهور, سواء على صعيد العبادة أو العادة .ففي رمضان يجتهد المسلم في العبادة, فيكثر من النوافل, والصدقة, ويحرص على أداء واجباته الدينية والدنيوية, ويتسامح مع الكبير, والصغير,ويساعد المعوز الضعيف …أما على صعيد العادة, فالتغيير كليا ,يشمل اللباس ,و الطعام ,و النوم … إنه بحق شهر مميز في كل شيء, ولا بد أن يكون كذلك, لأن الله كرمه بذكره في القرآن الكريم فقال :{ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان …}.فيه ليلة واحدة خير من ألف شهر ,يتنافس المسلمون في قيامها . قال تعالى :{ إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر… }و فيه يسجن الله سبحانه وتعالى الشيطان اللعين , الد أعدائه, وأعداء البشر, فيتحرر الإنسان من وسوسة وضغوطات الشيطان ,فيقبل على ربه طائعا مطيعا من دون عناء . وينتصر على نفسه, وشهواته, وهواه ,وعلى الشيطان بعون ربه . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين… وينادي منادي يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر.( أو كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ) ( رواه البخاري ومسلم) . وفيه أيضا حقق المسلمون أروع انتصاراتهم , الماضية والحاضرة .فهذه غزوة بدر تمت في 17 رمضان ,وفتح مكة في 20 رمضان ,وانتصر نور الدين زنكي على الصليبيين في 9 رمضان, كما تم العبور, وانتصر المصريون على إسرائيل في رمضان ,(أكتوبر 1973) .وهناك انتصارات أخرى من الله بها على المسلمين كانت في رمضان كفتح بعلبك, والعمورية, ومعركة عين جالوت ,ومعركة بلاط الشهداء …, يحرص على صيامه الشيوخ ,والصبيان, والنساء, والرجال , ويتنافسون على صلاة التراويح ,وختم القرآن الكريم , فتمتلاء المساجد عن آخرها ,وتقل فيه مظاهر الخلاعة ,والفتن,والجهر بالسوء ,تغلق الحانات أبوبها ,ويتوب السكارى …يستحيل أن ترى من يهتك حرمة رمضان جهرا.
عفوا لقد نسيت أن أحدثك عن مغامرات اليساري ,مع انتهاك حرمة رمضان.يقول أحدهم :كان والدي شيخا كبيرا ,وكانت أمي طاعنة في السن ,ولكنهما كانا حريصين على صوم رمضان .أما أنا فكنت شايا ,يافعا قويا أذهب خلسة إلى البستان وآكل التين ,والتين الشوكي ,وأشرب الماء …وحين يحل وقت الإفطار ونجتمع حول المائدة ,عندها أشعر بالخسة والدناءة والعار ,وأقول في نفسي هذان الشيخان ,الهرمان يصومان وأنا آكل في رمضان ؟ وتزداد حقارتي لنفسي وندامتي على فعلي عندما أنظر إلى الشيخين فأرى الفرح والسرور يعلو محياهما ,وهما يقبلان على الطعام ذاكرين الله ويقولان لي :(كل لقد كنت صائما ,ونهار الصيف طويلا) .عند ذلك أفقد شهيتي للطعام ,ويجلدني عقلي الباطن, وعبثا أحاول إقناع نفسي ,أني يساري ,ولست ظلامي, ولا رجعي حتى أصوم.ويستمر الجلد والعذاب النفسي …
ويعترف يساري آخر تاب الله عليه .فيقول : كنا طلبة في جامعة محمد الخامس بالرباط. وكان أقوى دليل يقدمه الواحد منا لأصدقائه على يساريته وتقدمه هو هتكه لحرمة رمضان .اشترينا السمك ,وطهيناه فكانت رائحته تخنق العمارة التي نسكنها ,غير عابئين بسكانها, ولا محترمين لهم.جلسنا للأكل , وكان كل واحد منا وبطريقته الخاصة يحاول أن بثبت لصاحبه أنه أكثر منه تقدمية ويسارية ,ولكن الله وحده يعلم مدى الحسرة والندم الذي كنت أشعر به . كنت أتمزق, أتقطع, مع كل لقمة أدفع إلى بطني .وفجأة سمعنا أصواتا كأنها لمعاول هدم بالمطبخ . أسرعنا إلى المطبخ خائفين نترقب, فإذا بنا نفاجأ بفسيفساء المطبخ, وهو يتساقط الواحدة تلو الأخرى .حاول كل منا أن يجتهد في تفسير الظاهرة ,فأرجعها أحدنا إلى الحرارة المفرطة ,وأرجعها آخر إلى الغش وعدم الإتقان .ولكننا كنا متفقين على تفسير واحد, دون أن تكون لنا الجرأة على التصريح به .وهو أن الفسيفساء تساقط بفعل جرمنا ,وهتكنا لحرمة رمضان.فكان يشكونا لخالقه ويتبرأ منا .وصدق الله العظيم إذ يقول :{…ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله } (البقرة 74)
Aucun commentaire