Home»Régional»القنفذ الجائع / على هامش اقتراع 7 شتنبر 2007

القنفذ الجائع / على هامش اقتراع 7 شتنبر 2007

0
Shares
PinterestGoogle+

القنفذ الجائع

عزيز باكوش

دفع القنفذ الصغير المغطى بالأشواك، بجسده النحيل إلى الخارج، انه جائع، قلق، و حزين. والمروج من حوله صفراء ذابلة ، جلس قرب بحيرة سارحا بعينيه الذابلتين نحو الأفق . شمس الظهيرة حارة وملتهبة . كانت التماسيح تجوب عمق البحيرة من ضفة إلى أخرى مهووسة كقطيع ذئاب مفترسة. التقط القنفذ الصغير حجرة ،طاف حولها بعينيه ،ثم ألقى بها في البحيرة التي ارتجت مياهها على شكل حلقات دائرية اتسعت لأول وهلة، ثم شرعت تضيق وتضيق حتى اختفت .

ارتعدت جحافل التماسيح مذعورة خائفة باحثة عن مصدر الشخص الذي أزعجها بحجارته : قال أحد التماسيح:

" من هذا اللئيم الذي عكر صفو مائنا ".

رفع القنفذ الصغير رأسه وأجاب :

" أنا يا عزيزي التمساح… أعذرني، لن أكرر ذلك مرة أخرى".

وبعد أن غاص التمساح في جوف الماء الضحل الأصفر ، همس القنفذ لنفسه: "أيام قليلة و أموت، أجل سوف أموت جوعا، ستصير جثتي الصغيرة الشائكة طعاما لذيذا للديدان و حشرات الجزيرة ".

حطت في هذه الأثناء فراشة ملونة جميلة على رأسه و سألته: "لماذا أنت حزين أيها الصديق الطيب؟"

أجاب القنفذ الصغير أجل ،أنا جائع يا جميلتي، جائع، لم أعثر على حية أو أفعوان أسد بهما رمقي. منذ أسبوع تقريبا ،أنا خائف. خائف ولا اعرف ماذا افعل ".

قالت الفراشة:" لماذا لا تعبر إلى الضفة الأخرى، فهي مليئة بالأعشاب والدغل هناك طافح بالهوام وأصناف الزواحف".

ازداد غضب القنفذ ، تمطى من الجوع تثاءب ثم وصرخ:

" لكن كيف استطيع العبور ،أنت تدفعينني إلى الهلاك"؟

الفراشة:" لا يا عزيزي ، دبر ، الحياة فرصة ، عليك فقط أن تفكر جيدا في حيلة تنقذ بها نفسك ".

ثم طارت الفراشة الجميلة محلقة بعيدا في السماء. بينما كانت الشمس تسير إلى المغيب، توغل في دغل كثيف كان قريبا منه مستسلما للجوع الذي يعصر أمعاءه دون أن ينام ليلته.

في صبيحة اليوم التالي، لاحظ مياه البحيرة، وهي تتقلص شيئا فشيئا. فتحولت إلى ما يشبه سمكة كبيرة أسفاطها تلمع تحت أشعة الشمس ،كتلة ضخمة تطفو فوق الماء إلى أن وصلت إلى جهة القنفذ.

انه كبير التماسيح . ارتبك قليلا ، وخمن أن اليوم لا شمس له :

" أظن انك تريد أن تقول لي شيئا أيها القنفذ الصغير".

تظاهر القنفذ بالتفكير لحظة ، لكنه سرعان ما عاد مستدركا:

" آه، نعم يا سيدي … إن عطفكم شمل كل سكان الجزيرة السعيدة لهذا السبب، أجدني في حيرة من أمر ذلك الملعون ".

صرخ كبير التماسيح في غضب

" من تراه هذا العاصي اللعين".

كبير السلاحف النهرية؟؟؟

اجل ، لقد بسط نفوذه، واحتل البحيرة من ضفة الارد إلى مضيق النوط ،تظاهر بالتعب ، ثم تابع في تثاؤب : يقول إن نفوذه سيمتد ليشمل كل الجزيرة ، مستغلا انشغال التماسيح بالاستجمام الباطني .

ضرب كبير التماسيح بذيله في غضب على الماء حتى انشقت فجوة كبيرة ثم غابت و قال: سأقطع رأس هذا الأخرق اللعين.

ارتعد جسد القنفذ الصغير، تنفس الصعداء، فانقشعت فكرة في ذهنه، وقال بنوع من الحذر: " انه يقول… اقصد كبير السلاحف إن عدد جنده يفوق عدد جندك؟؟؟.

– أتصدق أنت قول هذا المجنون ؟"

لا..لا … يا سيدي . كيف لي أن اصدق ذلك. و أنا أعلم الحيوانات بقوتك و عظمتك .

– انتظر قليلا، أيها القنفذ الوديع ، وسترى بنفسك .

صرخ كبير التماسيح بأعلى صوته حتى اهتزت أنحاء الجزيرة ، فصعدت كل التماسيح طافية فوق الماء مصطفة تمساحا خلف الآخر في خط أفقي من الضفة الأولى إلى الضفة الضفة الثانية حيث لم تترك ولو فجوة ماء ، .صاح كبير التماسيح.

" احص عدد هذا الجيش يا قنفذي الصغير . هيا اظهر مهارتك ، إذا كنت بارعا في الحساب "

انتابت القنفذ رهبة خفيفة مليئة بالخوف و الفرح. فقفز بخفة من الضفة لتطأ أقدامه ظهر أول تمساح . وشرع في العد . واحد.. ثم قفز إلى ظهر الثاني… اثنان ثم قفز مرة أخرى ثلاثة … و أخرى… وهو يعد ، واللعاب يتطاير كالرذاذ من فمه .والنشوة تغمره . حتى وصل إلى ظهر آخر تمساح .وعبر بقفزة كبيرة فسقط متدحرجا على أعشاب الضفة الجديدة . جلس يستريح من التعب ، وهو يمتع بصره بالمروج الخضراء، و الأشجار المورقة، و الأزهار تملا بأريجها أنفاسه المتعبة المنهوكة فارتسمت على وجهه علامات الفرح والبهجة و استعاد حيويته و صاح: "آه… لم أر في حياتي جيشا بهذه القوة ، وحيوانا أغبى من التمساح."

و بدا يطارد بعض الحشرات في لذة و نشوة.

على هامش اقتراع 7 شتنبر 2007

عزيز باكو

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. قصاص
    07/09/2007 at 19:11

    احسنت ..
    وقد حكيت لي طريفة يوم امس مفادها ان الحمار ذهب عند اللجنة الوطنية للانتخابات في مكان ما واحتج على انه لم يختر كرمز من رموز اي حزب فقالت له منسقة اللجنة .. لانك انت ستصوت فقط ..

  2. عزيز باكوش
    08/09/2007 at 22:02

    شكرا لك
    مرورك دعامة

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *