Home»Régional»العقل بين الكفر والإيمان (4)

العقل بين الكفر والإيمان (4)

0
Shares
PinterestGoogle+

…لأن الإنسان مجبول على العبادة ,فإذا لم يعبد الله حتما, عبد غير الله . وإذا لم يحب الحق سبحانه ,عشق الهوى والأوثان .
إن القرآن الكريم استخدم مفردة العقل استخدامات متعددة, وذلك دليل واضح على غزارة معناها. فهي تعني مثلا: حسن إدراك المعنى وفهم و استيعاب المقصود من القول.كما هو ثابت في قوله تعالى :{ إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون } (يوسف آية 2) .وقد وردت كذلك بمعنى الرفض المطلق, لكل تناقض منطقي سواء على صعيد الفكر أو القول, كما هو واضح في قوله تعالى :{ يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون .} (آل عمران آية5) ومن معانيها أيضا في القرآن الكريم :الدعوة إلى تطابق القول مع الفعل والعمل, ورفض الكيل بمكيالين في التعامل مع الناس : {أتامرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون. } (البقرة 44) –التمييز بين الفعل الحسن والقبيح –التضحية بالدنيا الفانية من أجل الآخرة الباقية –النظر في الموجودات واعتبارها من أجل التمكين في الأرض ,تعميرا وسيطرة , وفهما للآيات الكونية ,ومن أجل استخلاص العبر, من الأحداث التاريخية التي عاشتها الأمم السابقة – تعليم آداب وآليات التواصل مع حسن معاملة ومعاشرة الآخر…{إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون }( الحجرات آية4) …يبدو أن المعاني السابقة الذكر , التي أعطيت للعقل, بديهية وواضحة بذاتها, يمكن للعقل البشري العادي جدا, أن يتوصل إليها دون أية مساعدة خارجية .وعلى أساس هذه الوظائق المعرفية ( التدبر –التفكير –النظر –التعقل- البرهان …),التي يقوم بها العقل, يسود الإنسان ,ويتحرر من عبودية النفس والهوى, ومن تبعية الشهوات المادية , فيكون بذلك قد استحق الخلافة وتحمل الأمانة وتشرف بالتكليف والمسؤولية واستعد للمحاسبة . أما إذا انزلق العقل ,وانساق مع التقليد المذموم ,واستسلم للتقليد الأعمى واتباع الآباء , و لكل ما من شأنه أن يعطل العقل ويحجره ويبعده عن المعرفة الحقة التي تعتمد على البرهان العقلي , فإنه مصيره, مصير قوم صالح, وقوم شعيب ,وقوم هود, وقوم لوط , وقوم قريش ,والذين يأتون بعدهم كثيرون. كما يظهر لنا من قوله تعالى: {قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب {(هود 62) { قالوا يا شعيب أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد}(هود 87){بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون }(الزخرف22)… إلى غير ذلك من الآيات الكريمة التي تذم التقليد وتحذر من اتباع الضن والهوى دون تمحيص .
هذا هو منطق العقل الكافر. يحبذ التقليد ,يميل مع المألوف ,والمعتاد والمتعارف عليه بين الناس .{ وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا شيء يراد ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق… } (ص:آية 5-7){ أجعل الآلهة إلاها واحدا إن هذا لشيء عجاب }… لا حظ معي, كيف مال العقل الكافر مع المصلحة,موظفا العاطفة لاستمالة الجماهير المستضعفة والتي لا تملك من أمرها شيئا .لأن الكبراء والسادة تحملوا مسؤولية الدفاع عن الآلهة, وعن العقيدة والبحث عن الحقيقة , وجعلوا من أنفسهم أوصياء على المقهورين. وما على الجماهير إلا المشي وراء القادة والصبر, عليهم أن لا يفكروا, فهناك من يفكر مكانهم . بل عليهم أن ألا يسمعوا.{ وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم يتغلبون }( فصلت 26). فهل الغلبة تكون بالصفير, والتصفيق, والضجيج, والتخليط في المنطق؟ أم أن مصلحة الطغاة تقتضي أن لا يفكر المستضعفون وأن لا يستعملوا عقولهم , لأن في ذلك خطرا عليهم ,وتهديدا لهم . وإلا فما يحملهم على القول –كما أخبر الله تعالى عنهم-{وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيانا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون }( العنكبوت 12) . أي عقل هذا الذي يقبل تحمل وزر وخطأ غيره؟إنه الكذب والإغراء لحشد وجمع الغوغاء حولهم .أين هذا المنطق الانفعالي العاطفي, الذي نجده يتكرر, في كل زمان ومكان, من المنطق القرآني؟ المتمثل في قوله تعالى: { وإذا قرأ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون }( الأعراف 204)
أن العقل الكافر لا يرتاح ولا يهدأ له بال, وهو ينظر إلى المؤمنين , وهم يخرجون عن سيطرته ,ويتراجعون عن فكره . فيكيل لهم التهم, قبل أن يذنبوا, ويصفهم بالفساد في الأرض, وهم المصلحون, ويلحق بهم تهمة الإرهاب, وتخريب عقول الشباب ,والتآمر على أمن الدولة … بلا حجة, ولا برهان . فهذا فرعون ينسب لنفسه الإصلاح والمحافظة على دين الآباء والأجداد .وهو الذي يدعي الألوهية ويستعبد طائفة من الناس يذبح أبناءهم , ويستحيي نساءهم ,وبدون حياء يلصق تهمة الفساد ,وتبد يل الدين,والتآمر على الإخراج من الأرض .. بموسى عليه السلام وبمن معه.{ وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم وأن يظهر في الأرض الفساد.}(غافر26).إن عقل فرعون الكافر ومنطقه الفاسد, هو نفسه الذي ينزل الأباطيل والأكاذيب , في عصرنا على الدعاة المؤمنين ويصفهم بالظلاميين ,والرجعيين ,والإرهابيين …ويملأ بهم سجون جواتنامو وأبو غريب …وأي دولة تحدث نفسها بتطبيق الشريعة الإسلامية يكون مصيرها مصير أفغانستان والسودان والعراق وغزة …
إن العقل الكافر هو أصل الشر , كما أن العقل المؤمن هو منبع الخير .وعلى هذا الأساس سيبقى الصراع بين العقل الكافر, والعقل المؤمن, وتتواصل المعارك بين أنصار الخير, وأنصار الشرفي كل زمان ومكان . (يتبع)

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *