انتحارات وجرائم في صفوف مشردين بوجدة

المتشرد يدخل رغما عنه في عملية انتحار بطيئة بحكم ظروف عيشه وطبيعة غذائه ونوعية ردائه وملابسه وأخطار الأمراض التي تفتك به دون أن يشتكي لأحد وتعاطيه جميع أنواع المواد السامة من مخدرات ومأكولات فاسدة ، ومع ذلك هناك من يعجل بموته عن وعي أو بدونه أو يلقى حتفه في جلسة “شماكرية” يُنشِّطها “الديليون”… لقد أقدم شخص بمدينة وجدة مؤخرا على وضع حد لحياته شنقا بغابة “الجراح”وقد تم العثور على جثة الهالك مجهول الهوية معلقة إلى شجرة بواسطة حبل بلاستيكي، وسبق أن انتحر أحد المتشردين بمدينة وجدة خلال شهر أبريل من السنة الماضية بعد أن تناول حامض الكلور. وقد توصلت عناصر الأمن الولائي التابعة لمصلحة الشرطة القضائية بخبر مفاده أن شخصا في حالة خطيرة يوجد بالقرب من مصنع للآجور بساحة سيدي بوقنادل بوجدة مضرجا في دمائه بعد تلقيه عدة طعنات بسلاح أبيض. وبعد معاينة الجثة تبين أن صاحبها شخص متشرد في الثالثة والأربعين من عمره متشرد يتعاطى شرب كحول الحريق ومدمن على شم الديليون ويحمل جروحا غائرة على مستوى الإبط الأيسر وفي الخصر بعد تلقيه طعنات بسكين حادة. حينها باشرت عناصر الشرطة القضائية والفرقة الحضرية للأمن حملة مكنتها من إلقاء القبض على الجاني. وكان الأصدقاء الأربعة في جلسة شماكرية بالقرب من مصنع للطوب بساحة سيدي بوقنادل بوجدة قبل أن يندلع بين الضحية والجاني سوء تفاهم ويوجه هذا الأخير لغريمه أربع طعنات لغريمه على مستوى الإبط قبل أن تنفجر عروقه دما. وحاول الضحية الهروب فعالجه بضربات أخرى على مستوى الخصر وتمكن الضحية من السير نحو 200 متر إلى تجزئة الرحماني تاركا وراءه خطا من دمائه قبل أن ينهار بعد أن فرغ جسده من دمائه. وبتاريخ 7 نونبر الماضي، وبينما كانت عناصر الديمومة تقوم بمعاينة جنين بقسم المستعجلات، تم إخبارها بوفاة شخص متأثرا بجروحه، تم نقله إلى المستعجلات حوالي الساعة الواحدة صباحا من طرف رفيق له مجهول الهوية، وتوفي على الساعة السابعة صباحا من نفس التاريخ بقسم الإنعاش، يتعلق الأمر بالمسمى قيد حياته رشيد الماحي، من مواليد سنة 1984 والساكن بسيدي ادريس جنان لحبوس بدون رقم بوجدة. وفور تلقي الخبر انتقل رئيس مصلحة الشرطة القضائية وعناصره بوجدة إلى قسم الإنعاش وبمستودع الأموات تمت معاينة خمسة جروح دامية على جثة الضحية (طعنتان على مستوى الظهر ، ثالثة على مستوى القفص الصدري من جهة اليمين، رابعة على مستوى الكتف الأيسر وخامسة على اليد اليسرى) تم إحداثها بواسطة أداة حادة. ومن خلال البحث والتحري الذي قامت به الفرقة الجنائية الأولى التابعة لمصلحة الشرطة القضائية بوجدة ، تم التعرف على الجاني وإلقاء القبض عليه ويتعلق الأمر بالمسمى عمر لمسيح المزداد سنة 1982، مساعد تاجر والساكن بزنقة الإمام علي رقم 62 بوجدة، والذي اعترف بالمنسوب إليه جملة وتفصيلا موضحا أن الأسباب الحقيقية للضرب والجرح المفضيين إلى الوفاة هي حالة التخدير التي كان عليها بفعل شم مادة “الديليون” ووقوعه في خلاف بسبب محاولة الضحية سلب ساعة يدوية منه. اعتاد “يحيى” أن لا يبرح مكانه الذي هو بمثابة بيته رغم أنه لا يتوفر على أثاث ورغم أنه مكشوف أمام المارة وزوار الوكالة البنكية ومرتادي المقاهي بالشارع الرئيسي في مدينة وجدة. فقد اختار هذا الشاب واجهة نافذة كبيرة للبنك واتخذ من عتبتها الضخمة سريرا يتمدد عليه كلما أنهكه التجوال بين الأزقة والممرات. يُلقي بجسده النحيل فوق سريره المرمري تحت زجاج الواجهة الضخمة للبنك والتي تحمل شعار “لا داعي لأن تقلقوا” وكأن البنك يُطمئن “يحيى” المتشرد من أن وجوده هناك لا يسبب له قلقا وبإمكانه التمدد متى وكيفما شاء، أو كأن يحيى يطمئن البنك وزبناءه على خوف أو إحراج قد يسببه لهم وجوده هناك وعليهم أن يستمروا في عملياتهم المصرفية والتجارية… لاتهمه أموال البنك ولا العمليات التجارية ولا شيكات الزبناء ولا أناقة زوارها ، بل كلُّ ما يَهمُّه هو الاسترخاء على سريره الحجري بعيدا عن أشعة الشمس الحارقة والانخراط في نوم هادئ ليل نهار بعيدا عن صخب الأطفال ومطاردتهم . أمثال يحيى كثيرون في مدينة وجدة ومدن الجهة الشرقية كمثيلاتها من المدن المغربية، حيث اكتسح هؤلاء المتشردون المهمَّشون أو “المجهولون” بدون هوية، مع حلول الصيف أركان الشوارع وأرصفتها وعتبات بعض المؤسسات ومداخل العمارات وكذلك بالقرب من المطاعم والمقاهي .




2 Comments
bonjour, je vous remercie pour cet article qui est super! je vous passe le grand bonjour c’est ton etudiant de l’an 2003 au centre j’habitais acoté de vous et vous m’ameniez a chaque fois je vous remercie pour ca aussi
كتابة ممتعة نافعة مؤلمة .
تحياتي ..