Home»Femme»شرح…ملح (20)

شرح…ملح (20)

0
Shares
PinterestGoogle+

 

شرح…ملح (20)

ممرض و أعتز…و إن اغتصبت مهنتي بين مطرقة وزارة العدل و سندان وزارة الصحة

 

…حصلت على البكالوريا بميزة حسن و ممتاز و لقصر ذات اليد و قسوة ظروف العيش و من أجل اختصار الطريق التحقت بمعهد تأهيل الأطر في الميدان الصحي بعد مرحلة انتقاء و مباراة كتابية و أخرى شفوية ماراطونية لست أدري لحد الساعة ما معايير الانتقاء فيها، المهم دخلت المعهد فاضطلعت على قانونه الداخلي لأدرك أنني ما زلت أسمى تلميذا في بنوده القانونية قلت مع نفسي ربما كانت هفوة قانونية سيتم تداركها فيما بعد، حرمت منحة الدراسات الجامعية فرجوت منحة وزارة الصحة التشجيعية لأنني ما أزال تلميذا كما نعتوني لكن خاب رجائي، استفدت من داخلية المعهد و لم أجد لمعايير الجودة الصحية أثرا في الخدمات و الوجبات التي كانت تقدم لنا، المهم بدأت معاناتي مع الحساسية بمختلف تشكلاتها و جميع أنواع الميكروبات و الجراثيم المحظورة صحيا، عوملت كتلميذ قاصر أثناء الحصص النظرية فأطربوا مسامعي بشتى أنواع السب و الإهانة و إجبارية مناقشة مواضيع بعيدة كل البعد عن غايات التكوين التمريضي، سأعرف فيما بعد أن معظم هؤلاء الأساتذة الموقرين كانوا دون تكوين بيداغوجي أو تأهيلي أو حتى خبرة تمريضية ميدانية إذ التحقوا بالتدريس مباشرة بعد تخرجهم من نفس مسلكي التكويني، المهم تأبطت صبرا أيوبيا و بدأت حصص التمرين التطبيقي داخل المؤسسات الصحية وجدت نفسي في علاقة مباشرة مع المريض منذ الوهلة الأولى أمام غياب المأطر و تقاسمه لمهامه التمريضية مع المتمرنين و هنا استغربت لماذا لا نتقاسم أيضا التعويضات المادية عن ساعات الحراسة و الالزامية و كيف لا أستفيد من هاته التعويضات إسوة بإخواني الأطباء المتمرنين ؟! المهم أنهيت ثلاث سنوات من التكوين تعرضت فيها لأخطار مهنية أكرمتني ببعض الأمراض الجلدية أضيفت إلى الحساسية التنفسية المميزة لتلاميذ الداخلية فاستفسرت عن سبب انعدام التغطية الصحية للتلاميذ قالوا لي لا يحق لك أن تسأل فأنت تلميذ قاصر و نحن أدرى بمصلحتك، اجتزت امتحان ولوج الوظيفة و عينت ممرضا معطلا موقوف التنفيذ لمدة أقلها سنة.

ظننت أنه بتعييني رسميا كممرض ستنقشع أنواري و تنصلح أحوالي لكن هيهات فقد قال لي مدير المستشفى الذي عينت به، أنت يا تلميذ ستظل موظفا متمرنا لمدة سنة لا تطلب خلالها عطلا إدارية أو تتعاطف فيها مع تيارات نقابية أو تخوض أياما إضرابية أو أشكالا احتجاجية أو تحلم بحركة انتقالية، في المقابل أنت مسئول عن كل صغيرة و كبيرة داخل مصلحتك تباشر أعمالك التمريضية بمفردك و توقع تقارير و حسابات مصلحتك الشهرية باسمك و تتوصل بطلبات الاستفسار و الإنذارات كموظف كامل المسؤولية و ليس كمتمرن ناقص الأهلية، المهم كنت ما أزال محتفظا ببعض الصبر الأيوبي فأكملت سنتي كمتمرن و ظننت أن بزوغ فجري قريب لكن فوجئت بأن مهنة التمريض لقيطة لا يعرف لها قدم من ساق، حبر على ورق الوزارة؛ و أن واقع المنظومة الصحية حكم عليها باللا تقنين و اللا كرامة، وجدت نفسي ممرضا متخصصا ضمن ما يقارب العشرين تخصصا مسلوبا من قانون مزاولة يبين لي الخيط الأبيض من الأسود و حدود بدء و انتهاء أعمالي التمريضية أمام فوضى و عشوائية المنهج التكويني الذي مررت به، إذ أنني حظرت مرات عدة في إطار التكوين النظري لعمليات جراحية و أعمال طبية خالصة لقنت لي، هل معنى ذلك أنه يمكنني مباشرة الجراحة الطبية و كذا كل ما تلقيته سابقا رغم تداخل الطبي و التمريضي فيه !؟ عرفت أيضا أنني ممرض قطاع عامبدون تعريف قانوني يمنحني هوية كتلك التي تدعي وزارة الصحة توفرها لممرضي المؤسسات الخصوصية من خلال ظهير و مرسوم سنة 1960، و أن قيمة تعويضات الحساسية و الأمراض الجلدية التي لازمتني طيلة مشواري المهني تحتكم إلى الأرقام الاستدلالية للموظف و ليس إلى مدى الضرر الصحي الناتج عنها أو حتى بكيفية مساوية لفئة أخرى نعمل معها جنبا إلى جنب، استخلصت أن طريقة احتساب تعويضات ساعات الحراسة و الالزامية تخضع لمزاجية كل مندوبية على حدى في غياب قانون يأطرها، و أن الهيئة الوطنية للممرضين عبارة تكاد تزين كل دوريات و قوانين وزارة الصحة على الورق لكن دون أن يكون لها أثر قائم في الواقع المؤسساتي، رأيت أن الممرض يؤدي من جيبه الخاص تكاليف استشفائه و أدويته في حالة مرضه أمام غياب سياسة رعاية صحية خاصة بالمهنيين من لدن الوزارة…

قررت أن أتخلص من الزنزانة التاسعة التي تحتوي إطار الممرض علما أنه حاصل على دبلوم إجازة مهنية تخوله السلم العاشر فعزمتعلى اجتياز امتحان السلك الثاني من معاهد تأهيل الأطر في الميدان الصحي و فعلا تم قبولي وعدت لأسكن نفس الداخلية التي احتضنتني سابقا بجراثيمها و ميكروباتها طوال الثلاث سنوات الأولى، الخدمات و وجبات المطعم لم تتغير كل شيء على حاله إن لم أقل في وضعية أكثر تدهورا، المهم تذكرت أنه ما يزال في صدري قليل من صبر أيوب تعديت سنتي التكوين فتخرجت بدبلوم ماستر مهني لكن بسلم عاشر عوض الحادي عشر، عدت إلى المؤسسة الاستشفائية لأجدها كما تركتها فعينت ملاحظا عاما لكن مع تأدية مهام تمريضية في نفس الوقت نظرا لقلة الموارد البشرية، حقيقة استمر طموحي في بلوغ مناصب المسؤولية داخل وزارة الصحة لعلي أساهم في ضخ أفكار و دماء جديدة لتحسين أوضاع المنظومة الصحية لذا نجحت في دخول المعهد الوطني للإدارة الصحية رغم هزالة الكوطة المخصصة للممرضين أصحاب أعلى كم عددي بين مهنيي الصحة، المهم و لكي أكون منصفا وقفت على ظروف تكوين ذات جودة مقبولة مغايرة لما عهدته سابقا، وحيث أنني كنت زميلا للطبيب و الإداري في نفس المعهد كان لابد من تحسين قيمة الخدمات، لا أخفيكم أن حدة حساسيتي التنفسية و أمراضي الجلدية قد خفت خلال مدة التكوين في هذا المعهد، المهم أكملت مدة التكوين ففوجئت بإرجاعي لمهمة القيام بأعمال تمريضية كما في السابق مع زيادة مادية توافق سلمي الجديد، في حين تم تعيين زملائي الأطباء و الإداريين كمدراء مستشفيات و مندوبين اقليميين و مدراء جهويين لوزارة الصحة و مسئولين عن صياغة القوانين و القرارات المصيرية في دواليب الوزارة، و رابطت أنا مكرها وسط زنزانتي التمريضية وكأنني لم أبارحها يوما أتخبط بين أمراضي المهنية أنتظر حكما قضائيا بالسجن و الغرامة المالية سيأتي  عاجلا أو آجلا لأنني أفتقر لقانون مزاولة مهنتي و أمارس أحيانا أعمالا طبية لإنقاد مريض في خطر، و لأنني أدفع فاتورة السياسة الإقصائية لوزارتي الوصية…

نفذ مني صبر أيوب و اكتشفت صبرا جديدا بدواخلي أسميته الصبر التمريضي، أضن آن الأوان أن ينجلي عن صدري لكي أثور على قدري….. و اقبلوا زلات و هفوات أخيكم و رفيقكم محمد عبد الله موساوي.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *