Home»Régional»وجــــدة : العمل الجمعوي الواقع والآفاق

وجــــدة : العمل الجمعوي الواقع والآفاق

0
Shares
PinterestGoogle+

تحت شعار نحو تدبير راشد للحقل الجمعوي, نظمت الجمعية المغربية للعمل التنموي دورتها التكوينية الخامسة يوم السبت 23 يونيو 2007 بعنوان ( الجمعيات والحكامة الجيدة المفهوم وآليات التنزيل) شاركت فيها عدة جمعيات مدنية مختلفة التوجهات والانشغالات (البيئة –التنمية- الإعاقة …) وبعد تلاوة آيات من الذكر الحكيم تناول الكلمة الدكتور علي باشيري رئيس الجمعية ,فرحب وشكر الحاضرين على تلبية الدعوة. كما ذكر بأن الأعمال التي يكتب لها النجاح مع الاستمرارية, هي تلك التي تنطلق من رؤية واضحة ,هادفة, تستقرئ واقع الجماعات وتستطلعه, سلاحها الحماس والرغبة الصادقة في التغيير ,وشعارها حب الخير لهذا الوطن.أما الأعمال التي تتسم بالارتجال ,وضيق الرؤية وضعف الإرادة , وسيطرة الأنا, سرعان ما تنفك ,وتتوقف عند أو تحد لها . ثم بعد ذلك جاءت مداخلة الدكتور محمد الخمسي الذي تناول في البداية مفهوم الحكامة تاريخها ومعناها, مع إعادة إنتاجها بربطها بمفاهيم ودلالات أخرى .ولقد ركز الدكتور على التحدي العالمي ,والتحولات الكبرى , التي تفرضها العولمة ,والمتمثلة في تحول السلطة ,من سلطة المال والقوة, إلى سلطة المعرفة وأساليب إنتاجها و من ثم صناعتها.إن انهيارا لسلطة الإعلامية ,والسيادة المالية بظهور التكنولوجية الرقمية أدى إلى اعتراف الدولة بحاجتها إلى المجتمع المدني, وضرورة مشاركته في التنمية .إن كل المشاريع التي كانت تهدف إلى حل إشكالية الفقر باءت بالفشل, كما يرى الدكتور الخمسي. لأن الفقراء لم يشاركوا في بناء الحلول ,على اعتبار أنهم فقراء ماديا ومعرفيا معا .ومن ثم كان الحل دائما عموديا (من الأعلى إلى الأسفل) والنتيجة تفاقم الفقر و زيادة البطالة لأن الدولة لا تملك مفاتيح لهذه المعضلة .إننا في حاجة إلى مجتمع مدني مسئول يخضع كل من يريد الالتحاق به لشروط صارمة ,على أساس أن لا يعوض الدولة, وإنما يقوم بدوره فقط. وفي ظل انفجار التحولات الاجتماعية ,والاقتصادية ,التي يعرفها مغرب اليوم لا مفر لنا من التركيز على التكوين المستمر .ولقد اختارت الجمعية المغربية للعمل التنموي :التكوين والتكوين المستمر .
بعد هذه المداخلة تناول الدكتور أحمد بنعلي الموضوع من جانب آخر. إذ ركز على التدبير التشاركي ,الذي يتيح استغلال القدرات الإبداعية للفاعلين الجمعويين و مبادئه الأساسية .( كمسؤولية المسير, وإعطاء الأولوية للجماعة كوحدة لاتخاذ القرار مع جودتها ,و حسن أداء المؤسسات …) وأهدافه التي ذكر منها : (تحسين مناخ العمل ,تشجيع انخراط الأعضاء مع الاعتراف بمساهمتهم ,تطوير القيم المؤسسة للتدبير التشاركي …) وأخيرا تعرض لعدة مميزات تصورية للتدبير التشاركي منها ما هو مرتبط بالقيم ,كالتفتح الفكري, والشفافية ,والثقة المتبادلة … ومنها ما هو مرتبط بالسلطة, كمسؤولية الفاعلين وتأثيرهم في القرارات , ممارسة الزعامة عبر التشجيع في الانخراط , والثقة في المسير … إلى غير ذلك من التصورات الإجرائية التي تناولها الدكتور بنعلي بإسهاب .
وأخيرا جاءت مداخلة الدكتور أحمد الناصري الذي تناول مفهوم الفاعل الجمعوي,و اعتبره متطوعا يهدف إلى نفع الفرد والجماعة ,كما تناول مصطلح التطوع, الذي عنى به الالتزام المجاني تجاه الآخرين, من أجل مصلحة عامة . متجاوزا بذلك التعاون العائلي و الأسري. وهوفي نظره غير متعارض مع الأعمال المأجور عنها.ولقد حدد أحمد الناصري للعمل التطوعي عدة مبادئ أساسية منها : الاعتراف بحق المشاركة بدون تمييز جنسي, أوعر قي ,أو إيديولوجي, وبغض النظر عن الظروف الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية للفاعل الجمعوي ,تعميم روح المسؤولية وتشجيع فرض التضامن والتعاون على كافة المستويات من أجل تحقيق الحاجيات,دون توظيف المصلحة الخاصة , الاستجابة لحاجيات المجتمع …كما حدد له مستلزمات :كالرفع من جودة الحياة, والمساعدة على الاندماج في الحياة الاجتماعية ,والعمل على إنجاز المشاريع التنموية,والتحفيز مع التشجيع على العمل التطوعي بتوفير ظروف التطور والارتقاء لكل الأعضاء …مع ضبط قوانين وقواعد النشاط التطوعي ,احترام المسؤوليات ,تحديد الأدوار المناسبة لكل عضو ,التكوين المستمر للأعضاء ,التتبع والتقويم ومع توقع الأخطاء والنتائج السلبية …وأخيرا تناول الدكتور أخلاقيات الفاعل الجمعوي المتعلقة بالذات ,الساكنة ,المؤسسة ,والأعضاء .
هذا مجمل ما ورد في المداخلات الثلاثة , التي اعتذر لأصحابها,إن كنت قد أسأت عرضها, نتيجة الإفراط في الإيجاز.
مهم جدا أن نتحدث عن المجتمع المدني ,وعن مشاريعه .ولكن تبقى هناك دائما هوة سحيقة بين الفكر والواقع .لأن المجتمع المدني ,في تصوري على الأقل في وطني .هو مجتمعا نخبويا, ينظر من الأعلى إلى الفئات المحرومة, مشعرهم بالإحساس بالدونية ,لأن له اليد البيضاء عليهم .كما أن هذه الفئات المحرومة لها تفكير نفعي برجماتي,وتفتقر إلى آليات التواصل التي يستخدمها المجتمع المدني والذي في غالب ما يعتمد على المرجعيات الغربية, ضاربا عرض الحائط المرجعيات الإسلامية المتمكنة من لاشعور مجتمعنا الإسلامي زيادة على ذلك فقدان الثقة في كوادر المجتمع المدني لتعاملهم المباشر أو الضمني مع الدولة التي فقدت بدورها, ومنذ زمان ثقة شعبها .
صحيح أن العمل الجمعوي يعرف طفرة مهولة ,وهو منافس جبار للأحزاب السياسية, في جميع مشاريعها ,خصوصا وأنه مشارك مطواع للدولة ,وحامل عنها أعباء خدمات شتى كتلك المتعلقة بالأمية والفقر والتنمية …ولكن مع الأسف يبقى دوره جد محدود في مجتمعنا لأسباب عدة أذكر منها :الابتعاد عن المرجعيات الإسلامية, في الأدبيات والخطابات (التكافل -التعاون –التضامن – الصدقة –الزكاة –القرض الحسن-الإنفاق في سبيل الله …),والاعتماد في نفس الوقت على الخطاب الغربي( الديمقراطية الحكامة – المواطنة – الحزبية …) ,استمرارا لعلاقات الزبونية والقرابية , خاصة فيما يتعلق بالمنافع المادية والوظيفية.الحاجة إلى التكوين المستمر, الهادف إلى تقوية الفاعل الاجتماعي وتوعيته ,التصرف ألا مشروع في مال الجمعية ,تمكين ألا منتمين من الاستفادة من خدمات الجمعية…
إن إسلامنا الحنيف بتضمن مشروعا متكاملا للعمل الجمعوي لا على مستوى المصطلح الذي له وقع خاص على قلب وعقل المؤمن , ولا على مستوى الفعل إذ يعد الله فاعل الخير بالدرجات العلى .{ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون }سورة الحشر آية 9 {إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتوتوها الفقراء فهو خير لكم } سورة البقرة آية 271 كما أن السنة الكريمة شجعت على العمل الجمعوي كما ورد في قوله صلى الله عليه وسلم {من أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن :يقضي عنه دينا , يقضي له حاجة , ينفس له كربة }( شعبة الإيمان للبيهقي صححه الألباني في صحيح الجامع ) وقوله {إذا أردت تليين فلبك فأطعم المسكين وامسح على رأس اليتيم}(رواه أحمد) .
هناك العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية, التي تحث على العمل الجمعوي, وتشجع عليه .كما أن في تراثنا الاقتصادي والاجتماعي روافد ممولة للعمل الجمعوي أخص بالذكر منها الوقف ,وما كان يقوم به من خدمات, لم تقتصر على الإنسان, بل تعدته إلى الحيوان .و استفاد منه الأبيض و الأسود ووالكر والأنثى و المسلم والكافر دون تمييز عنصري أو جنسي أو دينية .خلاف العمل الجمعوي الغربي الذي يبدو في شكله وظاهره عملا تطوعيا بينما هو في حقيقته وجوهره عملا من اجل تحقيق منفعة مادية محضة لأن الغرب انطلاقا من ثقافته وفلسفته المادية لا يعرف معنى للمجانية أوالتطوعية ,فكل شيء عنده بالمقابل .مثال ذلك أطباء بلا حدود ,فهم يتطوعون من أجل استكمال التكوين ,عن طريق إجراء التجارب على ضحايا هم أقل إنسانية في نظرهم من مواطنيهم .زيادة على ذلك, التعرف على الأمراض التي لا توجد في بلدانهم الأصلية . كل ذلك مقابل عملهم الزهيد, الذي يسمونه تطوعا.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. مجيد بوجمعاوي
    01/07/2007 at 23:52

    السلام عليكم أخ عمر شكرا على تلخيصك لما جاء في الدورة التكوينية المنظمة من طرف الجمعية المغربية للعمل التنموي حول الجمعيات والحكامة الجيدة :المفهوم وآليات التنزيل ، كما أشكرك على اضافتك الرائعة التي تسائل المرجعية
    أخي عمر لاأحد يختلف أن مرجعيتنا الاسلامية أصلت للعمل التطوعي من خلال العديد من النصوص المبثوثة في الكتاب والسنة ولكن المشكل في مأسسة هذه القيم كماكان في تاريخنا من تحويل مفهوم الوقف مثلا الى مؤسسات تهتم بكل ما يتعلق بالحفاظ على مقاصد الشرع ، أما اليوم فقد صارت المفاهيم الشرعية مجرد شعارات نتذكربها تاريخنا المجيد اذ لا تطبق وان طبقت فبشكل انفرادي لايسمن ولايغني من جوع كما هو الحال في مفهوم الصدقة ، وحلمي أخي عمر أن نصل يوما لأن نؤسس للعمل التطوعي تنظيرا ومأسسة من خلال مرجعيتنا الاسلامية
    شكرا والسلام

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *