Home»Régional»العقل بين الكفر والإيمان (1)

العقل بين الكفر والإيمان (1)

0
Shares
PinterestGoogle+

لم أعرف مفهوما أكثر شيوعا وانتشارا بين الناس, كبيرهم وصغيرهم,عقالهم و أحمقهم كمفهوم العقل, باستثناء مفهوم الدين. ولم أرى للعقل صورة في أذهان العلماء ,أوضح من صورته في أذهان العوام. فما هو العقل ؟وما هي طبيعته؟هل هو مادة؟ وإذا كان كذلك فما هو نوعها ؟ هل هي مادة طبيعية,فيزيائية من نفس طينة المادة التي تتكون منها أجسادنا, يمكن التوصل إلى معرفتها ؟ أم هي مادة نجهل كليا طبيعتها وكنهها ؟هل هو روح مستقلة تسير الجسم من الخارج وتهيمن عليه ؟ أم روح تابعة للجسد, وما يتم فيه من حركات بيولوجية وتفاعلات هرمونية ؟ وهل العقل ثابت أم متطور؟ فطري,طبيعي, أم مكتسب؟ من أين يستمد قوته المعرفية ومبادئه الأساسية ؟من ذاته أم من غيره؟ وهل له حدود يقف عندها أم لا حدود لقدراته المعرفية ,حتى ولو كانت غيبا ؟ وهل هو واحد يشترك فيه كل الناس ؟ أم متعدد. أي لكل ذات عقلا خاصا بها؟ وهل هو خاص بالإنسان دون غيره من الكائنات الحية؟ أرى أن العقل سر إلاهي,عجيب أمره . نعرف آثاره ونجهل كنهه .فهو ملكة للمعرفة ,وموضوع لها , جوهر ,وعرض ,يغيب ويحضر ,يرتبط أحيانا بالقلب والعاطفة وينصاع لها ,ويتشبث أحيانا أخرى ,بالمنطق والحق, أو الباطل والظلم ,يقبل التناقض مرة, في الفكر, والقول, والفعل.ومرة أخرى يجعل عدم التناقض,مبدأ أساسيا وقانونا له , في كل شيء. كثيرا ما يختبئ وراء اللاشعور, ويحجبه اللاوعي. الأمر الذي دعا الفلاسفة ,إلى الوقوف منه مواقف متباينة. فمنهم من أقصى العقل وسلم بالحدس كبرجسون, ولإمام الغزالي (كل من تمنطق تزندق) .,وسجموند فرويد الذي يرى , أن العقل ما هو إلا جزء يسيرا انفصل عن اللاشعور…
إن اللوغوس عند فلاسفة اليونان, إما كوني محايث للطبيعة ومصاحب لها ,ينظمها ويسيرها من الداخل ,كما هو الشأن بالنسبة للروح مع الجسد. (فكرة هيراقليطس) أو نوس مفارق للطبيعة ,غير مندمج معها, ويحكمها ويتحكم فيها من بعيد. (فكرة أناكساغوراس) ومع الفلسفة الحديثة, أصبح العقل أداة وملكة للمعرفة, ونور للطبيعة ,به تتم السيطرة على العالم بما فيه الإنسان.كل معرفة عن طريقه موثوق بها. فهو ذكاء وفطنة, منهج وتقنية, موهبة فطرية,أعدل قسمة بين البشر. أسسه أربعة فطرية: (مبدأ الذاتية –عدم التناقض-الثالث المرفوع -والسبب الكافي), منهجه :الشك –التحليل-التركيب والمراجعة) .إذا احترمت هذه القواعد, وهذا المنهج بصرامة ودقة . كانت المعرفة, يقينية ولا حدود لها .هذا ما صرح به مؤسس الفلسفة الحديثة رونيه ديكارت.إلا أن التجريبيين رفضوا التسليم بالأفكار الفطرية والمبادئ البديهية, التي نادى بها ديكارت .فالعقل بالنسبة إليهم صفحة بيضاء ,لم يسبق أن عرفت نقشا, قبل نقش التجربة,سواء كانت هذه التجربة مباشرة أو غير مباشرة ,داخلية أم خارجية .يقول جون لوك :(ليس في العقل شيء إلا وقد سبق وجوده في الحس) …(يتبع)

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. شهرزاد الاندلسي
    15/06/2007 at 14:47

    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
    تحية تقدير الى الاستاذ الفاضل عمر حيمري..انه فعلا موضوع يثير الكثير من التساؤلات لذلك سلجيب عن البعض منها علني اكون على صواب
    فعلا لقد احتار الفلاسفة و العلماء في مضمار البحث العلمي إثناء تساؤلهم عن العقل و معطياته و مكان و وجوده و إلية عمله و مدى تفاعله مع الطبيعة , و تكيف سير حياة الإنسان به , و ازداد بهم عناء و مشقة البحث لسنوات طوال حيث صنفوا عنه الأبحاث و الكتب و خلال هذه الحيرة برز العديد من العلماء و الفقهاء و المفكرين الذين وضعوا نظريات عديدة

    إن العقل هو ما يعقل به حقائق الأشياء و محله الرأس و هو مأخوذ من عقال البعير , و يمنع ذوي العقول من العدول عن سواء السبيل, و يعنى الاتزان و التحكم و السيطرة على التصرفات من الفرد على نفسه , و التعقل من الفرد على غيره , و ذلك واقعياً ينتج عن الموازنة بين الأمور , أي إن الفرد يوازن بين أمرين أو خيارين من عدة خيارات ليظهر فعل الإنسان اتجاه الأمر المختار بينهما , إذن فبالعقل يعٌرف الإنسان على انه مدرك و عاقل و بدون إلية فعله يكون الإنسان غير عاقل .

    و من يمتلك جهاز التعقل و ما يكتسبه من معطيات عقلانية , يكون بذلك عاقل وفق كينونة في كيانه و مكانه و زمانه .

    إن العقل يعمل من خلال نسيج خلايا بالدماغ تقع خلف مقدمة الرأس مرتبط بموصلات ارتباطية بين خلايا الذاكرة و التذكر , و مركز السلوك بمقدمة الرأس, و هنا يقوم هذا النسيج الخلوي ببرمجة ما يأتيه من مؤثرات خارجية عبر الأجهزة الحسية مع المراكز السلوكية و مركز الذاكرة و التذكر , و بهذه المنظومة يقوم العقل من خلال التفاعلات العقلانية بتقديم أفكار متزنة و مدروسة وفق طبيعتها (( علمية , سياسية … الخ , و أوامر تنفيذية للجسد أو صور تخيلية بطبيعة النفس الآمرة…فعلا انه مووع يسحق نقاشا طويلا .
    تحياتي للاستاذ الفاضل وشكرا

  2. عمر حيمري
    16/06/2007 at 14:01

    السلام عليكم تحياتي للأستاذة الأندلسي أشكرك على إثارئك للموضوع .إن الدلالة الأولية اليومبة واللغوية لموضوعة العقل لم تكن تهمني ,بقدر ما تهمني الإشكالية .لقد حاولت تتبع طريقة اشتغال العقل عبر التاريخ كما ذكره لنا القرآن الكريم فوجدت أن عفل فرعون لا يختلف إطلافا عن عقل أي جهل أو عقل طاغية من طواغيت العصر .كما وجدت عقل الرجل الذي آمن مع موسى و كان يكتم إيمانه عن قرعون لا يختف هو الآخر عن عقل داعية مصلح في عصرنا الحاضر فعلمت أن هناك سرا وضعه الله في هذا العقل وهذا ما أريد أن أخلص إليه من خلال هذا الموضوع إن شاء الله وشكر جزيلا

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *