Home»Régional»موقف الإسلام من الجهر بالسوء نصيحة لوجه الله تعالى

موقف الإسلام من الجهر بالسوء نصيحة لوجه الله تعالى

0
Shares
PinterestGoogle+

كثيرا ما يشكو الناس من شيوع السوء وانتشاره بينهم إلى درجة الجهر به . وقد يستخف البعض بهذه الآفة علما بأن الخالق جلت قدرته يمقتها لقوله سبحانه : ( لا يحب الجهر بالسوء ) . فما هي حقيقة قول السوء المقصود في قول الله تعالى ؟؟ كلمة السوء من فعل ساء يسوء إذا قال أوفعل ما يكره ولا يسر . وقد يطلق قول السوء على الفجور ؛ وهو ما ينكره الدين والأعراف والقيم الأخلاقية من قول وعمل وكل قبيح يعتبر سيئا ؛ لهذا تسمى السيئة سيئة لقبحها ؛ وتسمى السوءة كذلك لفحشها ولكونها شيئا شائنا .
ولقد دأب الناس على اعتبار الأعمال الشائنة سوءا دون الانتباه إلى أقوال السوء التي لا تقل قبحا عن الأعمال. ومعلوم أن المجتمعات البشرية تضبطها الضوابط الخلقية لتنظيم العلاقات بين الأفراد والجماعات؛ وهي علاقات تقوم على أساس الاحترام المتبادل. والطبيعة البشرية حساسة لكل قبيح وسيء بما في ذلك الأقوال . فرب كلمة عابرة لا يلقي لها صاحبها بالا وتكون ذات عواقب وخيمة غير محمودة في العاجل والآجل ؛ فكم من صراعات ساخنة دامية كان سببها القول السيئ ؛ وكم من كلمة سوء من سخط الله عز وجل هوت بصاحبها سبعين خريفا في جهنم .
والاستئناس بقول السوء تطبع لا علاقة لها بالطبع لأن الإنسان خلق في أحسن تقويم قبل أن يرتد إلى أسفل سافلين. وقول السوء يشيع الظلم بين الناس؛ والظلم وضع الأمور في غير ما وضعت. قد يبدأ قول السوء في شكل اتهامات وسباب وقذف… ويتطور بعد ذلك ليصير فوضى تضل بسببها تقديرات الناس لبعضهم بعضا وتزول الثقة بينهم؛ لهذا كره الله لعباده التعامل بالسوء عامة والجهر به خاصة. والإسلام يصون الأعراض من خلال إجراء كف الألسنة.
إن الحكم الديني بالامتناع عن الجهر بالسوء له استثناء حدده الشارع الحكيم في قوله تعالى : ( لا يحب الله الجهر بالسوء إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما إن تبدو خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا) لقد شرع الله عز وجل للمظلوم رد الظلم بإساءة تعدل ظلم الإساءة بعد الترغيب في العفو . وما جعل الله من سبيل على المنتصر من ظلم لقوله عز وجل: ( ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم )
والرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام يؤكد هذه القاعدة الشرعية بقوله : ( المستبان ما قالا فعلى البادئ منهما ما لم يعتد المظلوم) .
واختلف علماء الأمة في حق الرد على الإساءة ؛ وأكثرهم مع فكرة الدعاء على المسيء ؛ كما قال الإمام الحسن البصري رضي الله عنه: (الدعاء على الظالم هو اللهم أعني عليه واستخرج حقي منه ) وأكثر من هذا الرد في نظر بعض العلماء قد يصير ظلما في حد ذاته مما يكرس الصراعات المتفاقمة بين الناس.
والإسلام يحرص على التوازن في المعاملات ؛ فلا يقر الإساءة ويضمن حق الرد ؛ وإن كان يرغب في العفو؛علما بأن العفو ممن أسيء إليه لا يسقط معاقبة الله عز وجل للمسيء عاجلا وآجلا.
ولقد ضمن الإسلام العزة لصاحب العفو مقابل ذلة لصاحب الإساءة ؛ وهو ما نجده في قوله عليه الصلاة والسلام : ( ما نقص مال من صدقة ولا زاد الله عبدا يعفو إلا عزا ومن تواضع لله رفعه ). إن المجاهر بسوء القول في حق الغير يروم حسب ظنه الواهم إذلال هذا الغير ظلما ؛ ولكن العفو من المظلوم احتسابا لله عز وجل ينقلب ذلة وهوان على المسيء ؛ وهو انتصار من الله للمظلوم.
ولما كان هذا شأن القول السيئ فقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصمت إذا خشي الإنسان أن تصدر عنه قالة السوء في حق غيره فقال : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت) لأن الناس يحاسبون على الأقوال يوم القيامة كما يحاسبون على الأفعال ؛ وفي الحديث الشريف : ( إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان تقول : اتق الله فينا فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا ). والمحاسبة على القول دقيقة الوزن خطيرة العاقبة لقوله تعالى: ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ). وإذا بدت البغضاء من الأفواه فمعنى ذلك أن ما تخفي الصدور أكبر لقوله جل وعلا : ( قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر ) فالسوء المنطوق والمجهور به دليل على ما هو أسوأ في الأعماق .
ولا زالت شرائح كثيرة ممن يحسب على الإسلام في هذا الزمان لا تصدق سوء المآل بسبب سوء اللسان وإن سمعت بوصية الرسول عليه السلام لمعاذ بن جبل رضي الله عنه في قوله بعد نصيحة ثمينة : ( كف عنك هذا ـ وهو يأخذ بلسانه ـ فقال معاذ يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال النبي : ثكلتك أمك وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم ) . وعذاب أصحاب قالة السوء يوم القيامة أنهم يخمشون وجوههم بأظفار من نحاس كما جاء في حديث المعراج .
ولقد سطر الإسلام قاعدة ذهبية مفادها : ( كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله) وقد يحترز الناس من حرمة الدماء والأموال ولكنهم لا يلقون بالا لحرمة الأعراض. ولقد أدرك الصحابة رضوان الله عليهم خطورة اللسان فالتزموا بتعاليم رسولهم الكريم ؛ فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : ( يا رسول الله ما النجاة ؟ قال : أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك ).
ولقد أغرى النبي الكريم الناس بالكف عن قول السوء بالجنة فقال : ( من ضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة ).
هذه تعاليم الإسلام في منع الجهر بقول السوء لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ؛ وهي نصيحة لم فيه خير ؛ لأن النبي الكريم نزع الخير ممن لا يسمع النصح ولا يقبله ؛ وهي نصيحة تهم من صحت عقيدته من المسلمين ؛ أما من فسدت عقيدتهم فلا يصلح نصحهم لأن ما بني على باطل كان باطلا ؛ فلا يجوز أن يمسك عن قول السوء من يسب الصحابة جهارا نهارا ويجعل ذلك من صميم تدينه المغشوش.
فهؤلاء لن يميزوا بين منكر يستوجب التغيير ؛ من قبيل نسبة ما لا ينسب إلا لرب العزة سبحانه وسب الصحابة والصالحين وخيانة الأمة وموالاة العدو الكافر…؛ فهؤلاء لا يعنيهم ما نحن بصدده ؛ والرد على شتائمهم للصحابة ولعامة المسلمين من باب الانتصار من الظلم وتغيير المنكر الواجب شرعا صيانة لدين الله عز وجل من عبث العابثين الذين ظل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

5 Comments

  1. طالب جامعي
    04/06/2007 at 00:03

    السلام عليكم
    المرجو من استادنا وشاعرنا ان يمكل له مقالاته عن حياته الجامعية…..
    وخاصة نحن مجموعة من الشباب ما زلنا في رعيان شبابنا
    وابناء الجامعة المغربية
    فلا تنس ان تكتب الحلقة الثانية بكل جزئياتها
    aze60000@yahoo.fr

  2. نادر علي
    04/06/2007 at 11:22

    بسم الله الرحمن الرحيم: و به نستعين من شيطان الجن و الناس اجمعين و لا عدوان الا على الظالمين
    اما بعد : كان علماؤنا اهل خير و بركة و كانت مواضيعهم تنوء بها الجبال و كانت اخلاقهم تسير بها الركبان فما عاشوا الا في الطمأنينة و راحة البال و كنت دماثة طبعهم تبعدهم عن المواضيع في قول السوء الا نادرا و عندما يصير الشخص في محيط كله سوء ينغمس فيه فيصبخ هو فعله و موصضوعه المفضل بل و يمارس فعل السوء مع اعتقاد انه يخفيه و للتوضيح اكثر في علم النفس يوجد الجواب عندما يتعاطى الشخص الفعل الشنيع و يهاجك كل فعل شنيع و هدا هو الحال عند بعض الاشخاص الدين يحتاجون الى علاج نفسي قبل ان تقدف بهم الاقدار في الشوارع لان المرض النفسي يكون مكبوتا فادا ما بدا يظهر تحول الى سلوك يومي و ادا ما لم يتم السخص اشباع نفسه بهدا السلوك انتقل الى مرحلة اقسى و هي مرحلة الجنون كما فعل نيرون عندما احرق روما هي عقدة العظمة هي عقدة التفوق هي السادية العمياء وقى جميع امة محمد منها
    ليس من طبع المسلم الهجوم على اخيه المسلم و كلامنا هدا ليس هجوما على شخص و لكن نخن نراقب الظاهر و الله يتولى السرائر ثم همناك قضية اخرى نرجو من الاخوة ان لا يقحموا كلام الرجال بمعنى الكلمة و من سادتنا العلماء فهم اعلى شانا من الكلام السطحي و ليس جمسلا ان نوظف بعض الاراء و نزرعها في محاولة من الشخص ان يقنع بل انما جاء به من اراء ليس من اجل ان يقنع بل ليقنع اي من القناع و هي طريقة معروفة الهجوم افضل من الدفاع

  3. متتبع
    05/06/2007 at 00:15

    باسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين ان المقصود بقول السوء هو رمي الاخر بما ليس فيه وموقف الاسلام والاخلاق واضح منه اما ذكر السوء فيمن هو سيء فانه الواجب الاسلامي والاخلاقي لان في هذا الذكر تجنيب الناس لسوء صاحب السوء وللمنبه اجر التنبيه من الوقوع في شرك المسيء

  4. بركاوي نور الدين
    05/06/2007 at 00:15

    بسم الله الرحمن الرحيم:
    هل من حق كل شخص ان يعنون مقالة له تحت عنوان راي الدين في كدا او كدا من يكون هدا الشخص الا ادا كان مفتيا و لا اعتقد ان هدا الشخص هو اهل لان يقول راي الدين في كدا او كدا . فالذي يقول ذلك هو المفتي. و صاحبنا نكرة من النكرات., و كان عليه ان يترك هذا لاهل الفتوى و النصح و الارشاد مع العلم ان هناك من يطالع ما يكتب على صفحات النيت من اجانب يتقنون العربية و عندما يغثرون على هده المقالات التي لا تصدر عن مفتي يعتقد خطا انها فعلا تعبر عن مواقف الاسلام بكل مافيها من اخطاء ان وجدت و لهدا فكل شخص يتحمل مسؤولية ما يكتب

  5. محمد شركي
    07/06/2007 at 10:06

    الى البركاوي
    حالم كحال من قيل فيه كفاني منك يكفوني من قال لد هذه فتوى ؟؟ عندما تعرف ما معنى الفتوى يمكنك معرفة النكرة والمعرفة

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *