لا لثقافة النسيان وكسة حزيران … بقلم يوسف حجازي

لا لثقافة النسيان
وكسة حزيران … بقلم يوسف حجازي
هي حلقة في سلسلة حروب تتكامل وتترابط فيما بينها في مجال السياسة الإستراتيجية وحجم القوات والمقدمات والنتائج والأساليب العملياتية والتكتيكية , وترجع أسباب هذه الحرب إلى مجموعة من العوامل المباشرة والعوامل غير المباشرة ، أما العوامل غير المباشرة وهى التي تشكل الأسباب الحقيقية للحرب فتتمثل في تعاظم القوة العسكرية العربية في مصر وسورية وتعاظم المد القومي العربي بعد نجاح ثورة تموز في العراق وثورة تشرين في الجزائر وثورة الجنوب العربي في اليمن الجنوبي وإنشاء منظمة التحرير الفلسطينية ولكن ليس كما كانت تريدها الأنظمة العربية كشكل دستوري خالي من اى مضمون ثوري من جهة وورقة ضغط على إسرائيل من جهة أخرى واحتواء المد الوطني الفلسطيني من جهة ثالثة ولكن كما أرادها مؤسسها الأستاذ احمد الشقيري الذي قال في إشارة إلى ما يريده الحكام العرب منه ( ذهبت إلى الفلسطينيين مبعوثا من الجامعة العربية وعدت إلى الجامعة العربية مبعوثا من الفلسطينيين ) وانطلاق العمل الفدائي داخل فلسطين المحتلة وعبر حدود الدول العربية وفرض إسرائيل على العرب والاعتراف بها ودمجها في المنطقة وتأمين سلامتها وحدودها باحتلال أراضي عربية جديدة ومواجهة النفوذ السوفيتي ، أما العوامل المباشرة للحرب وهي الأسباب التي شكلت الصاعق الذي فجر برميل البارود أي الأسباب غير المباشرة فقد كانت تحقيق إطماع إسرائيل التوسعية في الاراضى المجردة من السلاح في شمال فلسطين وضمها بالقوة وتحويل مجرى نهر الأردن وضرب معدات المشروع العربي لتحويل روافد النهر داخل الاراضى العربية في سورية والأردن والتحرش بالمزارعين السوريين في المنطقة المجردة من السلاح والاعتداءات العسكرية المتكررة على القوات السورية والعمل الفدائي الفلسطيني وسحب قوات الطوارئ الدولية من غزة وسيناء في 19/5/1967 وإغلاق مضايق نيران في وجه الملاحة الإسرائيلية في 23/5/ 1967، وقد كانت نتائج هذه الحرب الوكسة كارثية بكل المقاييس الوطنية والقومية والإنسانية والدولية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمعنوية والأخلاقية والنفسية حتى أنى اعتقد وهذا رأى شخصي إن كل ما أتى بعدها من التاريخ العربي هو في سياقها وامتدادا لها وكأن تاريخ العرب بدأ بعد هذه الوكسة وهكذا
تكون أحداث أيلول وخروج قوات المنظمة من الأردن هي اليوم السابع من حرب حزيران
وتكون حرب تشرين 1973 التحريكية هي اليوم الثامن من حرب حزيران
وتكون زيارة السادات للقدس هي اليوم التاسع من حرب حزيران
وتكون اتفاقية كامب ديفيد هي اليوم العاشر من حرب حزيران
وتكون عملية الليطاني واحتلال الجنوب اللبناني هي اليوم الحادي عشر من حرب حزيران
ويكون اجتياح بيروت وخروج قوات المنظمة من لبنان هي اليوم الثاني عشر من حرب حزيران
ويكون مؤتمر مدريد هو اليوم الثالث عشر من حرب حزيران
وتكون اتفاقية أوسلو هي اليوم الرابع عشر من حرب حزيران
وتكون اتفاقية وادي عربة هي اليوم الخامس عشر من حرب حزيران
والآن وبعد أن وصلنا إلى النصف الأسود من شهر الأيام الستة أليس من حقنا كعرب مقهورين ومهزومين حتى النخاع أن نسأل
لماذا كل هذه الهزائم ؟
أنا اعتقد أن السؤال مشروع والإجابة مشروعه و أن السؤال بسيط والإجابة بسيطة لأن الإجابة تتعلق بإستراتيجية حرب الأيام الستة ، فالإسرائيليون انتصروا لأن استراتيجيهم كانت تقوم على الانطلاق من قاعدة قوية وعلى تطوير القدرة الحركية ووضوح الهدف وامتلاك وسائط ضمان النجاح سياسيا وعسكريا واعتماد أسلوب الحرب الوقائية والتشتيتية التي تستند إلى عنصر المفاجأة فضربوا المطارات ومدارج المطارات والطائرات العربية مما أدى إلى إخراج سلاح الجو العربي من الحرب وفقدان الجيوش العربية للحماية الجوية والسيطرة الإسرائيلية على سماء المعركة ، والعرب انهزموا لأنهم ورغم أن أراضيهم كانت محتلة كانوا ملتزمون بإستراتيجية الدفاع القائمة على التحصينات والتشكيلات العسكرية الدفاعية وعدم البدء بالحرب بناء على طلب الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي في الوقت الذي لم يكونوا مستعدين لامتصاص الضربة الأولى ، وكان من نتائج هذه الحرب السياسية والعسكرية والاقتصادية والجيوستراتيجية أن برهنت إسرائيل على قدرتها في الحفاظ على مصالح الغرب والتصدي للخطر الشيوعي في الشرق الأوسط والسيطرة على المزيد من الأراضي العربية تساوي أربعة أضعاف ما احتلته عام 1948سيناء ومساحتها 61198 كم2 والضفة الغربية ومساحتها 5878 كم2 وغزة ومساحتها 363 كم2 والجولان ومساحتها 1150 كم2 أي ما مجموعه 89359 كم2 بما فيها فلسطين المحتلة عام 1948 ) وفتح مضايق تيران والسيطرة على شرم الشيخ وفتح الملاحة أمام إسرائيل في خليج العقبة والسيطرة على مصادر النفط المصرية في سيناء ومصادر المياه في الجولان والضفة مما يعني زيادة الهجرة والاستيطان وتحسين الوضع الاستراتيجي الإسرائيلي بالاقتراب من العواصم العربية عمان ودمشق والقاهرة وتقليص الحدود مع الأردن من 650كم إلى 480كم من بينها 83 كم طول البحر الميت وكسب أوراق جديدة للمساومة في أي مفاوضات سلام قادمة مع العرب واحتلال حدود جديدة تقوم على موانع أرضية ومائية وهى قناة السويس ونهر الأردن وهضبة الجولان ورفع الروح المعنوية عند الإسرائيليين لكن اخطر ما حققته إسرائيل في تقديري الشخصي والوطني والقومي والإنساني هو خروج الثورة الفلسطينية من فلسطين إلى البلاد العربية لتكون الثورة الفلسطينية ثورة زاحفة من الخارج إلى الداخل وهو عكس كل الثورات في التاريخ ، وعندما قامت الانتفاضة في الداخل لتصحح مسار الثورة من ثورة زاحفة من الخارج إلى الداخل إلى ثورة تنطلق من الداخل كان مؤتمر مدريد وكانت أوسلو .



Aucun commentaire