فاطمة الزهراء فرح تصدر- مساءات ارض تستحق زرقة السماء – .

عرض : عزيز باكوش
الحديث عن الشعر عامة بغض النظر عن كونه "محاكاة للعالم المحسوس(أرسطو) أو كونه "قولا موزونا مقفى دالا على معنى(قدامة بن جعفر) أو صياغة وضرب من النسيج وجنس من التصوير(الجاحظ) بغض النظر عن هذا وذاك ,هو بالنسبة للشاعرة و للأديبة المغربية فاطمة الزهراء فرح "مساءات ارض تستحق زرقة السماء" . هو تناسل متناسل للوجع حيث يولد الكلام , هو أيضا حديث عن صنو للحياة والوجود, وهو إضافة الى كل ذلك ,حديث عن نار تكتوي به الذات , تلك النار التي تحيل الشعور الإنساني وقودا تتلظى به النفس ’ ولا تملك كبح جماحها إزاءه إلا عبر التلاوة والتدوين.
من هذا المقام توا , ينهض ديوان" مساءات ارض تستحق زرقة السماء,وتستوي مقامات قصائده التسعة عشر, وتتأثث في 84 صفحة من الحجم المتوسط إشراقا متموجا ,كتبته المبدعة فرح " بحبر الحب ,ورسمته بألق على جدارية القلب.وأصدرته برحابة " مكتبة سلمى الثقافية" بتطوان .
ولما كان الشعر وشما على ضفاف القلب, "حقائق ناطقة ,ووحي صادق" , فان صداه , يرتد وجعا تنبعث آهاته من رفات الصمت القابع في جوانه قصائد مساءاتها حالمة, ينشق الفجر من روحها ,ويهدي لها الوله في كل الأزمنة صلاة عطره الأبدي .
الحلم والعشق ,لاحدود لهما في خرائط المساءات السيارة عند الشاعرة , فما بين فاس و تطوان ,مرورا بفلسطين ثم العراق .تنسج شهرزاد حكيها"العربي" المعجون بألف وجع, المسكون بدم الأرض الحبلى بألف سؤال , من أين تبدأ المعاناة ؟؟
ربما…
اذ ,من خلف الحدود , تعلن نبا ضيق الوطن , مترجما غضب الإخوة الأعداء, حتى النجوم التي ترتجي هديها, رمت بها في الظلمة الغافية ,بين جرح وجرح وشمس لا تضيء إلا كي تلعن الجميع’ وتغتال بالوخزة الدامية على وقع لطم الخدود على الضفاف المترامية"
في مساءاتها العطشانة , التي تود زرقة السماء , بما تشيه من ضوء عارم , ينير العتمات الحالكة , ستأتي القصيدة "تواقيع ملونة" , إيقاعات تؤسس لتماه مشرق بين بياض الورقة وصفاء الروح , تحلق مزهوة بعمق الحضور الشعري في كل منصات الروح , مكللة بتيجان خمائلية من وعي الكتابة , وحبكها كأداة جمالية تفتح آفاق الرؤيا البعيدة , كما تحيل على تأويلات متناسلة ,تحقق جودة النص القابل لألف قراءة وقراءة. إنها صرخة عاشقة ,تسعى الى ان تحقق الرؤيا الواعية ,والتسامي الموسوم بالالق الفاتن .
قدرة الشاعرة فرح فاطمة الزهراء في تكثيف الصور , تبهر , بدليل ان رصد المشاهد الشعرية في قصائدها يفتن وتسحر , تقول التي يولد الفجر من بين أضلعها فتفتش في عيناه لترفع إيقاع الصوت حتى يطرق سماع الدموع السالفة.في قصيدة "عاشقة من فاس"
جئتك من رحم الوطن/عبرت حدود الزمن/اشتقت إليك فضميني/ودعيني اصنع/من عطرك الأزلي علما..وهوية/ومكانا ياويني/حبك سيدتي اكبر من هموم البشر/واقرب من عيوني للنظر/حبك سيدتي..صاعقة..عاصفة أقوى من كل البراكين/حبك سيدتي أغنية/حروف كلماتها نقش لاتيني/وصرت وحدك تعنيني/ان عشنا عشنا معا وان متنا فكفن يكفيك ويكفيني.
في قصيدتها "موعد" وهي القادمة من وجع المخاض ساعة البوح تتنسم جدائل الحبق , ومن تعريشاته تولد قمر يضيء مفارق الطرقات.تقول:
حين استوينا على جمر الهوى
التقينا
ودعونا الشمس
ليلا وسهرنا
ماهكذا ياهوى عطفا علينا.
وتستمر , ويستمر الفرح, وتصير عاشقة , تلوك من سفر الهوى وجعها اليومي عشقا أبديا تسيجه الضلوع لتمتد من الى القصائد وحيا في مقلتيه نما اشتياق للزعتر البلدي حين يضنيها الفراق.
في مقدمة للديوان , أنجزها الشاعر عبد الرحيم أبو صفاء جاء : حين نشد الرحيل من "مرثيات على حدائق بابل المعلقة "عبر" الطريق السيار الى المهزلة رقم 7" نستمتع في طريقنا, أو نتوجع أثناء غوصنا ما بين الذاتية الشعرية المكرسة للتجربة الإنسانية الخاصة للشاعرة ,وبين الوعي الفكري والاجتماعي . وهو رهان دال " على الرؤيا المتخلصة من خطر التقوقع في التجربة الذاتية, الى المجازفة بمقاربة الموضوعات الإنسانية الكبرى, وخاصة المتعلقة بأوجاع الأوطان العربية وهمومها"
مؤشرات هذا الارتقاء الدال في نظرنا , تأتي من ان "فرح المساءات" لم تجعل لديوانها تيمة واحدة.. على العكس من ذلك ," وظفت رشاقة قلمها الحالم ,كفراشة تمتح من كل جميل, وبذلك ,تكون التجربة وهي تتدفق , قد شكلت " تميزها الخاص المتمثل في رصد اللقطة الشعرية كأسلوب حديث, معجونة بهم الوطن, مسكونة بالق الذكرى والسؤال ,وهي عناصر توحي باستلهام " الكثافة الشعرية التي تستجيب لمقومات التلقي المعاصر حسب الشاعر عبد الرحيم أبو صفاء"" .
انه انجاز شعري يشكل منعطفا وتحولا نوعيا في مسار الشاعرة فاطمة الزهراء فرح , الطالبة الأستاذة بمركز تكوين الاساتذة بتطوان ..لذا فهو جدير بالمتابعة , كما هو جدير ان يقرا ويحاور, وتناقش عوالمه الفنية الطموحة و الزاخرة.
عرض وتقديم : عزيز باكوش




12 Comments
للشاعرة التوفيق والسداد ومزيدا من العطاء والتألق.
عزيز المتألق دائما/رغم أني كتبت المقدمة النقدية لمساءات أرض تستحق زرقة السماء ,أحسست أنك عميق الرؤيا و منا فس حقيقي في مجال النقد /تحياتي
بما ان تيمة الولادة، تحضر بشكل كبير فى هدا المقال الدى لا يخلو بدوره من شعر،فانى ابارك للاستادة مولودها البكر متمنية لها التوفيق و النجاح،و لكل النساء التألق فى مخاضهن الادبى.
و للاستاد عزيز كامل الشكر و الود.
للشاعرة فرح ان تفرح بمساءاتها الارضية المتماهية مع زرقة السماء لتحلق في اعاليها حرة طليقة تغرد الاشعار تشدوها نغمات موسيقية تسمو بالروح في عوالم الصفاء.
تحياتي
الاستا عبد العزيز قريش
شكرا لك…دعمك جهة القلب
وللشاعرة مني التبليغ
العزيز ابوصفاء
انتتم السابقون ونحن اللاحقون
تحياتي القلبية
نلتقي قريبا
تحياتي
العزيز ابوصفاء
انتتم السابقون ونحن اللاحقون
تحياتي القلبية
نلتقي قريبا
تحياتي
هنيئا للاخت فاطمة الزهراء،ومااجمل ان يكتب المرء(وخصوصا غن كان امرأة) الشعر في زمن البشاعة والاستلاب والاستهلاك والتسطيح…زمن اللذة الحسية بامتياز،والابتعاد عن القيم الإنسانية،وقيم المعرفة والأبداع…
وألف شكر للاخ عزيز،على متابعاته الدؤوبة والفاضلة لأعمال الكتاب والمبدعين،والتعريف بها…
مودتي
م.الصدوقي
نشكرك عزيز على هذا الخبر المفرح لنشارك الشاعرة الرقيقة فاطمة الزهراء فرحة ميلاد ديوانها الجديد . . ألف مبروك فاطمة وفى انتظار جديد إبداعاتك أيتها الشاعرة المتألقة .
أ تمنى للأخت والشاعرة فاطمة الزهراء فرح مسارا إبداعيا متألقا، وأقول لها دمت شهبا في سماء الشعرلامعا لا تنطفأ جمرته.
ألف تحية أيتها الرقيقة المستفيضة بعطر الإحساس…قراءتك زرقة لامتناهية و تحليق إلى عوالم أديم رقراق يقطر نداه بصوتك العميق النافد و بكلماتك العدبة…هنيئا بالميلاد سيدتي الأديبة التي …و التي…و التي…إن عبرت انسابت فيضا من التراتيل
وحين أرى الكلمات تطير من صوتك الرخيم لا أسمعها بادني بل و بإحساسي وجوارحي…لأنني رأيتك هكدا تكبرين في ضفاف القصيد ناعمة شفيفة على موعد دائم مع منابر الشعر…دمت أيتها الوديعة على درب الوجع المشروع في جرح الشعر الجميل.