Home»National»الخلفية السياسية وراء محاولة تبخيس قيمة الشهادات الجامعية العليا المغربية

الخلفية السياسية وراء محاولة تبخيس قيمة الشهادات الجامعية العليا المغربية

0
Shares
PinterestGoogle+

مقال سياسي من انجاز : زهير مويــــن

تكون فئة الأساتذة الجامعيين حاملي دبلوم دكتوراه السلك الثالث أو ما يعادلها الأغلبية العظمى من المؤطرين والباحثين بالتعليم العالي بالمغرب وكونها بهذا الحجم جعل من الصعب في البداية تنظيم نضالاتها لتقف في وجه ما يحاك ضدها، ورغم ذلك فقد حققت حركتها تقدما كبيرا على مستوى التواصل والتكتل ما مكنها من إرساء قاعدة صلبة للعمل المطلبي انطلقت منها بنفس جديد في حركة واعية إلى الأمام.

ويرجع هذا التقدم الملموس إلى الوعي الحاد لدى مناضلي هذه الحركة بضرورة التصدي لإيقاف نزيف الضربات المتتالية التي تستهدف الجهات المتواطئة في تصويبها نحو قيمة الشهادات الجامعية العليا المغربية الإطاحة بالمقومات العلمية والأكاديمية الوطنية لجامعتنا المغربية ليتسنى لها ضمان الاستمرار في ظل سيطرة سنكشف عنها وعن خلفيتها فيما بعد.

إن اعتبار النضال من أجل إعادة الاعتبار للشهادات الجامعية العليا المغربية نضالا من أجل قضية وطنية ليس من باب المزايدات الكلامية بل هو وعي سياسي بالدرجة الأولى مرتبط بإيماننا الراسخ بضرورة تحقيق التحرر الوطني.

ولقد كان هذا الوعي حاضرا منذ الحركة الوطنية المغربية الأصيلة إلى جانب بعدها المرحلي والتكتيكي للتخلص من الاستعمار الفرنسي الذي كان احتلالا عسكريا كاملا للتراب الوطني وتقسيما لوحدته وحكما مطلقا في اقتصاده وشؤونه السياسية وتبديدا مباشرا لمقوماته القومية.

وانتقل المغرب بعد ذلك إلى تبعية الاستعمار الامبريالي الفرنسي الجديد الذي احتفظ على كل مقومات السيطرة والتبعية الاقتصادية والسياسية ولكن بغطاء الاستقلال السياسي وذلك للإمساك بكل المقدرات المالية والصناعية والتجارية وتوجيه هذه المقدرات خدمة لأغراضه والوقوف ضد إقلاع أي اقتصاد وطني.

وأطر هذا الاستغلال الاقتصادي استمرار التواجد الفرنسي الإداري والفني وظل حجم هذا التواجد مرتفعا لمدة طويلة على شكل بنى فوقية شبه استعمارية في الإدارة المغربية والتعليم بكل أطواره هذه البنى التي كانت وظيفتها هي ضمان السيطرة الاقتصادية عن طريق السيطرة الإيديولوجية و الثقافية على الجماهير الشعبية.

وفي هذا السياق يمكن تفسير الاهتمام الذي لازال يوليه عدد من المسؤولين الفرنسيين لقضايا التعليم بالمغرب بشكل عام والمشاكل المطروحة أمام وزارة التعليم العالي بشكل خاص. هذا وأن انتهاز الفرص التي تتيحها من حين إلى آخر الأزمات والمشاكل الداخلية بالمغرب أسلوب معروف لدى السياسة الفرنسية الخارجية )ويمكن الرجوع إلى التاريخ عند الضرورة( يهدف إلى ضمان استمرار السيطرة على الاقتصاد المغربي وترويضه عن طريق أشكال متعددة من التغلغل والتأثير خصوصا في أوساط "النخب" و "المثقفين" والحكم السياسي.

وقد عرف هذا التغلغل مؤخرا انتعاشا ملحوظا ساهم فيه محليا نشطاء منحوا باستنجادهم ببعض المسؤولين الفرنسيين من أجل "حمايتهم" تبييضا للسياسة الانتهازية الفرنسية التي بانحيازها للإدارة الأمريكية في حرب الخليج الثانية أبانت عن حقيقتها العدائية مما شل "مصداقيتها التي تدعيها" لدى العالم العربي عامة والمغربي خاصة منذ ذلك الوقت.

لقد انطلق مسلسل ضرب الشهادات الجامعية العليا المغربية بخطأ معادلة دكتوراه الدولة ببعض الشهادات الجامعية العليا الأجنبية. و من جهة أخرى خلق هذا الإجراء جدلا ارتكز على المقارنات العابرة للقارات للشهادات عرف » بمشكل معادلة الشهادات « الذي يقتضي حله استمرار الدولة في خطئها الأول السالف الذكر من أجل إنصاف المعنيين بهذا » المشكل « عن طريق تحقيق أعلى درجة ممكنة من التبخيس في حق المسار العلمي- الأكاديمي : دكتوراه السلك الثالث- دكتوراه الدولة المعمول به داخل جامعات وطننا.

أما حل ما يسمى » بمشكل معادلة الشهادات « عن طريق المساعي السياسية الفرنسية و ما قد يتولد عنه من محاولة جديدة لتبخيس قيمة الشهادات الجامعية العليا المغربية لابد و أن يقابله رد سياسي إلى جانب الحركة المطلبية لحاملي الشهادات الجامعية العليا المغربية.

إن الإيديولوجية التي سنبني عليها الرد السياسي لن نأتي بها من الفراغ لأنها موجودة في الوعي بضرورة تحقيق التحرر الوطني منذ الحركة الوطنية المغربية الأصيلة التي اشتغلت آلتها الفكرية والسياسية في علاقتها مع الحداثة الأوربية بناء على بعد جد متميز يقضي بأخذ ما يمكن أخذه من تطورات التكنولوجيا والتقدم العلمي وغير ذلك … من أجل بناء الدولة الحديثة مع الإبقاء على مسافة كافية حفاظا على الهوية المغربية.

انه وعي جد متجذر في النسيج السوسيو-ثقافي المغربي الشيء الذي يسهل معه تعبئة الجماهير الشعبية في مواجهة المسؤولين عن محاولة الإقدام عن أي إجراء يستهدف الإطاحة بالمقومات العلمية والأكاديمية الوطنية لجامعتنا المغربية.

وإذا كانت مقارنة المناهج ومضامين التدريس ومواضيع البحث العلمي مع جامعات دول أخرى قد تفيدنا في تطوير جامعتنا لمسايرة ركب التقدم فإن الخوض في المقارنات العابرة للقارات للشهادات التي تنتهي في آخر المطاف بمحاولة تبخيس قيمة الشهادة الجامعية العليا المغربية هو إهانة في حق الشعب المغربي الذي ناضل ولازال يناضل من أجل التحرر الوطني ضد كل أشكال التبعية والاستلاب الثقافي الذي يتم عن طريقه إضفاء قيمة خيالية على البضاعة الأجنبية.

إن نجاح حركة حاملي الشهادات الجامعية العليا المغربية في تنظيم أقوى رد ممكن إذا ما تم التجرؤ مرة أخرى على المس بقيمة الشهادات الجامعية المغربية العليا بأي شكل من الأشكال وتحت أي مبرر من المبررات رهين بتأطير بعدها المطلبي برؤية سياسية واضحة يمكن معها تجنيد الجماهير الشعبية وربح دعم القوى السياسية الحية في البلاد لنقل المواجهة إلى معترك المجتمع المغربي باعتبارها قضية وطنية من الدرجة الأولى.

إن كسب هذا الرهان يقتضي منا جميعا الانخراط في إصلاح أحوال الجامعة ومناهضة كل أشكال الابتزاز والفساد المالي و الإداري و الاستبداد والشطط في استعمال السلطة و ذلك من أجل تطهيرها من المتلاعبين بالمال العام و الخارجين عن القانون والوصوليين والطغاة استكمالا لمسيرة بنائها والعمل على تحصينها باعتبارها أداة لتحقيق التحرر الوطني ومصعدا اجتماعيا يساهم في تقليص الفوارق الطبقية.

كما أن الانخراط في العمل السياسي الهادف إلى جانب عموم الكادحين والطبقات المسحوقة من أجل بناء نظام ديمقراطي سيمكن من تغيير موازين القوى والتفاوض من موقع أحسن. ولا غرابة ألا تنخرط الجماهير الشعبية في الاحتجاج لمساندة قضية بعض المثقفين من البرجوازية الصغرى الذين لا صلة لهم بقضايا مجتمعهم.

و حرر ببني ملال، في30 مارس 2007

زهير مويــــن

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. عبد العزيز قريش
    18/05/2007 at 23:49

    سلام الله عليكم وأتضامن مع الشهادة الجامعية المغربية كيفما كانت وفي أي مستوى كانت، لأنني أعرف قيمتها العلمية والحضارية والإنسانية، وأنوه انني كتبت مقالا سابقا في هذا الشأن على صفحات جريدتي الغراء وجدة سيتي أنبه فيه على خطورة تدخل أمنا فرنسا في شأننا التعليمي بجانب مطالبتي الوزارة إنصاف الشهادة الجامعية المغربية. لهذا يجب أن يتحرك الجميع خاصة أهل العلم والمعرفة والثقافة من أجل قيمة الشهادة الجامعية. لكم الدعاء بالتوفيق والسلام.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *