Home»Régional»الطـلاق … وجـحـيـم الـمـجـتـمـع

الطـلاق … وجـحـيـم الـمـجـتـمـع

0
Shares
PinterestGoogle+

لقد كره الإسلام الطلاق ونفر منه… والرسول عليه الصلاة والسلام قال : « تزوجوا ولا تطلقوا فان الطلاق يهتز له عرش الرحمان » واعتبر الحياة الزوجية لها قدسية خاصة لا بد من احترامها وان هدمها ليس بالأمر السهل فهي ميثاق غليظ ينبغي عدم نقضه بسهولة فقد قال عز وجل : ( وأخذنا منكم ميثاقا غليظا ) وهذا دليل على حفظ الزوجية من العبث بها لما يترتب عن ذلك من أضرار تقع على الأسرة وعلى المجتمع الإسلامي بأكمله والطلاق أو الإطلاق في اللغة تعني رفع وحل القيد سواء كان معنويا كما في المرأة أو حسيا كما في غيرها فنقول أطلقت البعير من عقاله وأطلقت لك حق التصرف في مالي .
ومما لا شك فيه أن الطلاق هو عملية هدم لبناء الأسرة وقد يأتي هذا الهدم عند بداية الطريق وتأسيس الحياة الزوجية أي قبل الدخول بالزوجة…. أو قد يأتي متأخرا بعد اكتمال البناء لهذه الحياة وتولد الأولاد وكثرة أعباء الزواج وفي كلتا الحالتين يترك الطلاق بصمته وآثاره السلبية على المطلقين وعلى أولادهم وعلى المجتمع بأسره والضرر الذي يقع على هذه الفئات نتيجة الطلاق لهو اكبر بكثير من فوائد ومقاصد الطلاق وبنظرة فاحصة مدققة على الجوانب الاجتماعية والتربوية وإخراج الآثار المزعجة والخطيرة على المجتمع بصفة عامة تجد أن الضرر يقع على ثلاث فئات :
أولا: المرأة المطلقة : فنظرة المجتمع إلى المطلقة هي نظرة فيها ريبة وشك في سلوكها وتصرفاتها مما تشعر معه بالذنب والفشل العاطفي وخيبة الأمل والإحباط مما يزيدها تعقيدا ويؤخر تكييفها مع واقعها الحالي فرجوعها إذن إلى أهلها وبعد أن ظنوا أنهم ستروها بزواجها تصدمهم بعودتها موسومة بلقب ( مطلقة) وهو المرادف المباشر لكلمة ( العار) عندهم زيادة على تنصلهم من مسؤولية أطفالها وتربيتهم مما يرغم الأم في كثير من الأحيان على التخلي عن حقها في رعايتهم إذا لم تكن عاملة أو ليس لها دخل مادي لان ذلك يثقل كاهلها ويزيد معاناتها ، أما إذا كانت عاملة تحتك بالجنس الآخر أو حاملة أفكار تحررية فتلوكها ألسنة السوء فتكون المراقبة والحراسة اشد وأكثر إيلاما زيادة إلى قلة الفرص المتوفرة لديها إذا فكرت مرة أخرى في الزواج لاعتبارات اجتماعية متوارثة من جيل لآخر فتكون فرصتها الوحيدة هي الارتباط من رجل أرمل أو مطلق أو مسن وبناء عليه فان مستقبلها غير واضح ومظلم فتعود بعد الطلاق حاملة جراحها وآلامها ودموعها في حقيبة ملابسها.. وكون مجتمعاتنا التقليدية وللأسف وليس الدين طبعا يعتبرونها الجنس الأضعف فان معاناتها النفسية تكون اكبر فينعكس عليها ذلك بالخوف والقلق من المستقبل ونظرة المجتمع السىء فمنهن من تفكر بالعودة إلى مقاعد الدراسة لإكمال تعليمهن الثانوي أو الجامعي وبعضهن يتجهن للتعليم المهني كالتطريز والخياطة لعل ذلك يدر عليها دخلا يحسن من ظروف معيشتها الاقتصادية وبعضهن يتوجهن للبحث عن عمل حتى يعتمدن على أنفسهن وكثير منهن تعرضن لمشاكل نفسية مثل الانطواء على النفس والعزلة نتيجة لكلام الناس وفي النهاية تبقى دائما محاطة بعلامة استفهام لماذا طلقت ؟ وما هو السبب ؟ …
ثانيا : الرجل المطلق : فالضرر الأول يكون ماديا وذلك لما يترتب عليه من تبعات الطلاق كمؤخر الصداق ونفقة العدة ونفقة وحضانة الأولاد الأمر الذي ينعكس أيضا على الزوجة الثانية وأولادها هذا إذا قبلت به زوجة أخرى لترعى مصالحه وأولاده في ظل وجود الأعباء المالية عليه الناتجة عن الطلاق .
أما الضرر الثاني فيكون نفسيا وذلك لإصابة المطلق بالاكتآب والانعزال واليأس والإحباط وتسيطر على أفكاره أوهام كثيرة وأفكار سوداوية وتهويل الأمور وتشابكها وهذا الأمر يخلق عنده الشك والريبة من كل شيء فيفقد أفكاره والاتزان بأحكامه والاستقرار والتوازن لأنه يفقد انس الصحبة وسكينة الدار ورحابة الاستقرار لينتقل إلى دائرة بلا مركز يشوبها القلق من فكرة فشل زواج آخر وانه سيكون رجل غير مرغوب فيه ومشكوك فيه من قبل المخطوبة الثانية لطلاقه بالأولى .
ثالثا : الأطفال أو أولاد المطلقين: فالأسرة هي المنبع الأول للطفل في مجال النمو النفسي والعقلي فالطلاق له آثار وخيمة على الأولاد وذلك في بعدهم عن إشراف الأب إن كانو مع الأم وفي البعد عن حنان الأم إن كانو مع الأب وفي هذه الحالة يكون الأطفال عرضة لتأثيرات نفسية كالإحباط والتوتر والقلق والاضطراب فضلا عن الأمور المالية التي تزيد نسبتها مع كبر سنهم نظرا لفقدان تجمع الأب والأم معا فتكثر أسئلتهم واستفساراتهم عن سبب حرمانهم إما من الأب أو الأم وشعورهم بالنقص أمام أقرانهم في المدرسة ….

ولأجل هذه الآثار الناتجة عن الطلاق يجب أن يدرك كل فرد في المجتمع أن الطلاق إذا خرج عن المفهوم والغرض الذي أباحه الله عز وجل له واعتبره ابغض الحلال إليه فانه سيوصل المجتمع إلى المهاوي و الردى لان الله سبحانه وتعالى بريد الحياة السعيدة والمستمرة والمستقرة للأسرة الإسلامية لذلك جعل الطلاق في أضيق الحدود وفي حالة استحالة العشرة بين الزوجين وبما لا تستقيم معه الحياة الزوجية وصعوبة العلاج إلا به ، وحتى يكون مخرجا من الضيق وفرجا من الشدة في زوجية لم تحقق ما أراده الله سبحانه وتعالى لها من مقصد الزواج التي تقوم على المودة والسكن النفسي والتعاون في الحياة…

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *