أزمة ثقافة الكتابة على الشبكة العنكبوتية في الوطن العربي

من المعلوم أن المواطن العربي حديث عهد بمجال المعلوميات ؛ ولا زال لحد الآن لم يتخلص من أثر صدمة الانبهار بهذه التكنولوجيا المتطورة ولا يجيد التعامل معها ثقافيا وليس تقنيا. ومن القضايا اللافتة للنظر أزمة الكتابة على الشبكة العنكبوتية إذ دخل الإنسان العربي هذا المجال بتقاليده التي لا تقبل الندية المنازعة للرتبة والسمعة والمكانة.
لقد ولجت موقعا الكترونيا عربيا يعتقد أصحابه أنهم قد حازوا السبق على غيرهم في هذا المجال؛ وما إن بدأ احتكاكي بالموقع حتى فوجئت على سبيل التمثيل لا الحصر بكاتب من يا أيها الكتاب قد صنع لنفسه مجدا دون كيشوتيا وشجعته على ذلك تعليقات المجاملة المجانية التي جعلت منه قيدوما وفارسا وبطلا ؛ وخلطت هذه المجاملات بين ما هو فكري ؛ وما هو عسكري نضالي . وكنت أتابع ما يكتب هذا الكاتب بين قوسين فإذا هي كتابة الإنسان العادي بلا عمق فكري فلسفي ولا ديباجة أدبية بل مقالات الرجل خليط من السياسة المحلية التي لا تتعدى الدعاية لفصيل من فصائل فيها تمجيد للفصيل وتعريض لما سواه من الفصائل بلغت تخلط العامية بالفصحى. وكلما ظهر مقال لأحد الكتاب على هذا الموقع انبرى له الرجل بعدوانية غير مبررة. كنت في البداية استغرب الأمر ولكن سرعان ما تبين لي أن الرجل يخشى على سمعته بل على فتوته كما يقول إخواننا في مصر.وهذه العقدة جعلت الرجل يقحم أنفه في كل المواضيع ؛ ويعلق بعدوانية على كل المقالات خصوصا التي تمثل تهديدا لمكانته داخل الموقع حسب اعتقاده؛ وتحول بالفعل إلى دون كشوط يتوهم الخصومة في كل كاتب ليبرر بطولته المستفزة أو المجروحة. غضب الرجل مرارا وتكرارا وتم استرضاؤه عشرات المرات عبر وابل المجاملات ؛ ولا يعلق عليه إلا بعبارات التمجيد الفارغة والبعيدة عن الصحة ؛ والويل والثبور وعواقب الأمور لمن فاه في حقه بما لا يليق بالمقال العالي دون كيشوطيا إن صح التعبير.
أصيب الموقع بداء الرجل فتحول إلى موقع ملاسنات بلغت حد القذف والتجريح مما عكس أزمة ثقافة الكتابة على الشبكة العنكبوتية إذ سيطرة عقلية شيخ القبيلة المعروفة في ثقافتنا العربية على مجال إعلامي لا مكانة فيه للمشيخة ؛ ولا يسمح فيه بشعارات من قبيل : اصمت أنت لأتحدث أنا. ومن حقي التعليق ولا حق لك . وهذا موقعي وليس موقعك إلى غير ذلك من ممارسات العهود البائدة. وإذا ما كانت الشبكة العنكبوتية قد حولت العالم الفسيح إلى قرية صغيرة للمقارعة الفكرية ؛ فان ثقافة الأنا العربية المتضخمة جعلت من العالم عوالم ولكن ينظر إليها من خلال ثقب سم الخياط ؛ وهو منظار المشيخة التي لا تنازع ؛ ولا تجوز في حقها الندية.
إن القضية مثير للسخرية إذ لا زال أصحاب هذا الموقع يظنون أنهم أصحاب ريادة في هذا المجال مع أنهم لم يتخطوا عقدة ألا لا يظهرن أحد علينا فنظهر فوق ظهور الظاهرين؛ ولا زالوا أسرى المراهقة الفكرية ؛في حين قصر اطلاعهم في مجال التواصل الإعلامي العالمي الذي قطع أشواطا مذهلة ولا مكان لهم في منديات عالمية بعقلية كليب وائل .
Aucun commentaire