Home»National»إلى كلمة سواء …

إلى كلمة سواء …

0
Shares
PinterestGoogle+

إلهي حكمك النافذ، ومشيئتك القاهرة، لم تتركا لذي مقال مقالا، ولا لذي حال حالا »
ابن عطاء الله السكندري
الم يـأن لهذه الحركات الاحتجاجية أن تقبل بنتائج الاستفتاء التي مهما قيل عنها فإنها تظل نتائج واقعية وملموسة، تعكس بشكل إيجابي رأي أغلبية الشعب المغربي المسلم، الذي يعي جيدا مصالح أمته ووطنه في هذا الظرف بالذات.
إن اعتماد منهج الشك في الحياة السياسية العامة، المؤسس على مقدمات خطابية، لا يمكن أن يفضي إلى نهج سياسة البناء الجماعي لمغرب قوي وموحد. ولأن اليقين لا يزول بالشك كما يقول علماؤنا الأجلاء، فعلى هؤلاء السالكين سبيل الاحتجاج من « الذين أسرفوا على أنفسهم » أن يقبلوا بروح ديمقراطية باختيار الشعب المغربي المسلم، ورغبته اليقينية التي لا تزول بالشك في الإصلاح من أجل بناء مغرب موحد ومتضامن.
لا ينبغي لأي محلل سياسي أو اجتماعي أن يغمض عن تحديات اجتماعية حقيقية تواجه المغرب اليوم، وفي مقدمتها معضلة التشغيل التي يتعين على هذه الحركات الاحتجاجية أن تسهم إلى جانب الأغلبية ومختلف الفعاليات في اقتراح الحلول الممكنة والمناسبة للحد منها. أما أن يعمد البعض إلى الخلط بين مطالب اجتماعية مشروعة محضة، كمشكلة التشغيل مثلا، والتشكيك في نتائج الاستفتاء التاريخي الذي أصبحنا نتوفر بموجبه على دستور متقدم وديمقراطي ينبغي توظيف مقتضياته لحل كثير من المعضلات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية، وما التشغيل إلا واحدة منها، على الأقل في إطار الجهوية الموسعة، فهو إجراء من شأنه أن يضر بمصلحة الأمة، وأن يقف حجر عثرة في طريق وعود الأمل التي لا يمكن أن تتحقق إلا في إطار تفعيل مضامين الدستور الجديد، وتجسيدها على أرض الواقع.
إن من يصر على محاربة الفساد، عليه أولا أن يحدد مفهوم الفساد، ومجالاته، وسبل مواجهته بشكل سلمي، وأن يقترح الحلول المناسبة لإقرار سياسة واضحة لا فساد فيها، وأن يسأل نفسه هل يخلو هو من الفساد، وهل ما يقدم عليه فيه خير وصلاح، وعليه أن يحارب هذا الفساد في إطار شرعي ومؤسساتي، ويتحمل مسؤوليته كاملة، وفي جميع الحالات عليه أن يعلم أن الأصل في محاربة الفساد أن لا يؤدي إلى فساد أكبر. وأن يعلم من قبلُ ومن بعدُ أن الحفاظ على وحدة الأمة وأمنها واستقرارها مقصد شرعي عظيم، وأن الاستهانة بهذا الأصل هو عين الفساد.
ومن باب العدل والإنصاف أن يقبل هذا المحارب للفساد في صفوف الحركات الاحتجاجية بقيم الديمقراطية، وأن يحترم على الأقل رأي الأغلبية التي لا ترضى بدورها بالفساد مهما كان لونه وشكله، وما تصويتها الإيجابي على الدستور الجديد إلا ضرب من ضروب التطلع إلى حياة سياسية أفضل، والسعي في نطاق شرعي ومؤسساتي إلى تحقيق الكرامة والحرية والعدل والمساواة …
أعتقد جازما أن الأغلبية التي يستهين البعض باختياراتها اليوم هو عين التضليل السياسي. خصوصا وأن هذه الأغلبية المباركة التي حسمت القضية لصالح الدستور الجديد، تمثل الشعب المغربي بمختلف شرائحه. ومن ثم كان يكون من باب الفضيلة الخلقية أن تسأل هذه الحركات الاحتجاجية نفسها في نطاق النقد الذاتي: ألا يحق لهذه الأغلبية التي عبرت عن رغبتها في الإصلاح، وقالت وكلها ثقة في المستقبل: نعم للدستور، أن تطالب بدورها هذه الحركات الاحتجاجية في إطار قيم الديمقراطية بالاعتذار لها على الأقل ؟ إن فعلت ذلك فهي على خلق سياسي عظيم.
إن التربية على قيم الديمقراطية والرغبة في البناء الجماعي لتدعونا إلى ضرورة احترام رأي المخالف في إطار قيم الاختلاف المحمود، ولكن في الوقت نفسه لا نقبل أن يسعى البعض من هذه الحركات الاحتجاجية إلى التقليل من أهمية الدين الإسلامي الحنيف في الحياة العامة للشعب المغربي المسلم. وأن يعلن في الناس أنه لا يعنيه صيام رمضان، ليس هذا فحسب، بل يدعو في إطار التطبيع مع الفساد العقدي إلى الإفطار علانية في رمضان، ظنا منه أنه بالخبز وحده يحيى الإنسان.
إن المطالبة اليوم برحيل هذا البعض الذي يكره الدين الإسلامي الحنيف ويتنكر لماضي أمتنا المشرق، معناه بكل بساطة الإنكار على هذا البعض ومطالبته بالرجوع إلى الصواب والحق، والانخراط في البناء الجماعي لمغرب موحد وقوي، وهذا مقصودنا بالرحيل، وفيه مجاز مرسل ليس إلا.
إنني كباحث جامعي أحترم رأي الأغلبية التي صوتت بنعم على الدستور الجديد وأنا واحد منهم، كما أحترم من اختار خلاف ذلك، وذلك في نطاق قيم الديمقراطية والشورى التي ينبغي أن نرد إليها.
على سبيل الختم:
بعد التأمل في واقع هذه الحركات الاحتجاجية، وقراءة بعض الشعارات التي ترفعها هنا وهناك، قلت في نفسي: لماذا لا تعمل هذه الحركات الاحتجاجية على تشكيل حزب سياسي كبير، تطالب من خلاله وبكل مسؤولية تاريخية، وأمانة سياسية، بتجسيد مضامين الدستور الجديد على أرض الواقع، ليس هذا فحسب بل تسهم إلى جانب الأغلبية في سياسية البناء الجماعي التي نحتاج إليها اليوم أكثر من احتياجنا إلى الهواء، فتكون هذه الحركات خيرا على أمتها ووطنها.
ونحن على مشارف حلول شهر رمضان الأبرك، الذي نسأل الله العلي القدير أن يكون طالع يمن وخير على الشعب المغربي قاطبة، وفي طليعته أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس أدام الله عزه وعلاه، لأتوجه إلى الفضلاء والعقلاء داخل هذه الحركات الاحتجاجية، أن يتركوا الشعب المغربي المسلم يستقبل هذا الشهر الفضيل بإيمان وطمأنينة وتقوى، وأن يستغلوا بدورهم هذه المناسبة الدينية العظيمة من أجل مراجعة الذات، وأن يستحضروا بكل إجلال وإكبار قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبشر أمته: :  » قَدْ جَاءَكُمْ شَهْرُ رَمَضَانَ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، يُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَيُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ. »
والله من وراء القصد، وهو يهدي السبيل.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *