جرادة : الواقع الأقتصادي والاجتماعي المأساوي …هل من مخرج ؟
لا أحد ممن يعرف مدينة جرادة خلال السبعينيات والثمانينيات كان يمكن له ان يتنباء بما ستؤول اليه الأوضاع الأقتصادية والاجتماعية لهذه المدينة ، التي كانت انذاك المدينة الوحيدة في الجهة الشرقية التي كانت تعرف رواجا اقتصاديا واجتماعيا لا مثيل له ، بل كانت المدينة التي تشد اليها الرحال ليس من مدن وبوادي الجهة الشرقية فحسب وانما من كل انحاء المغرب بما في ذلك جهة سوس بل وطانطان وما اكثر العمال الذي اشتغلوا في منجم اجرادة من هذه المناطق البعيدة ، حيث كانت الهجرة الى جرادة من جميع انحاء المملكة ، بحيث ان المنجم كان يمتص جيوشا هائلة من البطالة من جميع انحاء المغرب ، وهو الشيء الذي شجع ايضا اصحاب رؤوس الأموال بالأستثمار في هذه المدينة خصوصا في المجال الأستهلاكي …غير ان الرياح تجري بما لا تشتهي السفن …حينما تكونت طبقة عاملة تتميز بثقل كبير على المستوى الوطني حيث كانت اضرابات عمال اجرادة كثيرا ما تهز المسؤولين الى حد مزعج لا سيما خلال فترة كانت فيها مودى الشيوعية ونضالات الطبقة البروليتارية تمثل غولا مخيفا خلال الحرب الباردة …ولقد انضاف الى ذلك انهيار اثمان الفحم الحجري وارتفاع تكاليف الانتاج …وهي الأمور التي عجلت باغلاق المنجم وتسريح مئات العمال دون التفكير في المصير المأساوي لاغلاق المنجم على الواقع الاجتماعي والاقتصادي …
أغلق المنجم وسرح العمال …ودخلت جرادة مرحلة مأساوية لم يكن اي انسان خلال السبعينيات والثمانينيات يتوقعها او يتنباء بها …ركود اقتصادي ، وجمود اجتماعي ، وهجرة جماعية من المدينة اما الى اسبانيا من طرف من استطاع من الشباب ، او الهجرة الى بعض مدن الجهة الشرقية مثل وجدة وتاوريرت وبركان ، وبذلك اصبحت جرادة ليس عبئا على نفسها بل عبئا ثقيلا على كل الجهة الشرقية ، في ضل غياب اي بديل اقتصادي او صناعي يمكن له ان يعوض الفراغ الذي خلفه اغلاق المنجم ، …والذي يعرف اجرادة خلال السبعينيات والثمانينيات ويزورها اليوم سيصاب لا محالة بالذهول امام وقوف الحركة بهذه المدينة ، وامام الجمود الأقتصادي والاجتماعي بل والثقافي، تشعر وانت في المدينة بمسحة الحزن والأسى على وجوه كل ساكنة جرادة …تشعر بالحسرة والألم على مدينة كانت ايام زمان القلب الأقتصادي النابض للجهة الشرقية ، فاذا بها تصبح اليوم عالة على الجهة الشرقية …لاسيما ان الحكومة لم تستطع لحد الآن ان تقدم لساكنة جرادة غير الوعود السرابية … وهو الأمر الذي جعل مدينة جرادة شبه منكوبة ، مدينة تحتضر ببطء وفي صمت …
ان الأمر يتطلب تدخلا عاجلا وجديا لأنقاذ جرادة ، والآمال معقودة على المبادرة الملكية للتنمية الاجتماعية ، لأنتشال جرادة من مآسيها ، ولأعادة الحياة والحيوية الى هذه المدينة حتى تكون في مستوى البناية الفخمة لمقر عمالتها ولقصر بلديتها …
Aucun commentaire
اريد اكثر من فضلكم
good
انا من مواليد مدينة اجرادة العزيزة على قلوبنا وأطلب من سكانها التحلي بالصبر والنهوض من أجل تنمية هذه المدينة