الارتجالية في وضع البرامج الخاصة بالسنة الثانية باكلوريا

معلوم أن هاجس الإصلاح كان وراء العديد من التنظيمات التي مست المنظومة التربوية. ولعل آخر تنظيم هو البرامج والتوجيهات التربوية الخاصة بالسنة الثانية من سلك الباكلوريا. وإذا ما تأملنا البرامج الخاصة بمادة اللغة العربية نلاحظ ارتجالية واضحة بحيث لم يعد لمفهوم المسالك معنى. معلوم أن جذع الآداب والعلوم الإنسانية تفرع عنه مسلكان هما : مسلك اللغة العربية ؛ ومسلك الآداب والعلوم الإنسانية ؛ وهذا يوحي بوجود برنامجين بينهما قواسم مشتركة ؛ ولهما خصوصيات ما دام الجذع واحد إلا أن شيئا من ذلك لم يحصل . فبالرغم من كون مسلك اللغة استفاد من خمس حصص أسبوعية بينما لم يستفد مسلك الآداب والعلوم الإنسانية إلا من أربع حصص فان البرنامج واحد في المسلكين مما يعني أن الكتب المدرسية ستكون واحدة ؛ وهذا يدل على ارتجالية واضحة.
لقد اجتمع من يهمهم الأمر ببوزنيقة بتاريخ 10 و11/03/2007 وتدارسوا الأمر ؛ وأوصى أصحاب القرار بتنفيذ القرار دون مناقشته بالرغم من تحفظ أهل الاختصاص على القرار؛ مع إبداء العيب الذي يشوبه.
إن مسلك اللغة العربية توحي تسميته بهيمنة علوم اللغة عليه؛ بينما توحي تسمية مسلك الآداب والعلوم الإنسانية بهيمنة الآداب عليه ؛ وكان من المفروض أن يكون برنامج مسلك اللغة متضمنا لنسبة 60 في المائة من دروس علوم اللغة واللسانيات و40 في المائة من دروس الآداب ؛ والعكس بالنسبة لمسلك الآداب والعلوم الإنسانية ليقع التمايز مع التشارك.
ولعلم من لا يعلم من مدرسي اللغة العربية ومن يهمه هذا الموضوع فان تلاميذ المسلكين سيدرسون في كتب واحدة وسيجتازون امتحانا واحدا وبمعامل واحد؛ لهذا يبدو التشعيب مجرد عبث وتبدو حصة مسلك اللغة العربية غير مبررة إذ لا يتميز المسلكان إلا بزيادة حصة مسلك اللغة على حصة مسلك الآداب والعلوم الإنسانية.
ولقد أثار المجتمعون ببوزنيقة قضية دمج المسلكين و ما سيسببه من فوضى إذ يجتمع التلاميذ من المسلكين في أربع حصص دراسية ثم تفرقهم الحصة الخامسة في مسلك اللغة حيث ينصرف تلاميذ مسلك الآداب ويبقى زملاؤهم من مسلك اللغة في قاعة الدرس؛ وعلى الملاحظ أن يتصور ما سيسببه هذا الأمر من ارتباك للمتعلمين والمدرسين والإداريين على حد سواء لمجرد أن أصحاب القرار لم يوفروا البرنامج المناسب لكل مسلك ؛ أو لم يفكروا في ذلك ساعة تفتقت عبقريتهم عن التشعيب وخلق المسالك لتكون مجرد مسميات بدون دلالة.
فالي أن يراجع أصحاب هذا القرار قرارهم الذي لا يناقش حسب تصريحات من حضروا ملتقى بوزنيقة نأمل أن تغلب الحكمة على الارتجال وتكون المراجعة الفورية لبرنامج مادة اللغة العربية في السنة الثانية من سلك الباكلوريا حسب المسالك . وان مفتشيات اللغة العربية على أتم الاستعداد لاقتراح برنامج في المستوى إذا ما وجدت آذانا صاغية من أصحاب القرار . كما أن السكوت عن كتب المؤلفات لحد الآن يؤكد ما يروج دائما عن اختيارها من زبونية ومحسوبية في غياب معايير الاختيار الموضوعية من أجل إرضاء بعض أصحاب المؤلفات الذين تربطهم علاقات بأصحاب القرار حزبية أو أيديولوجية حتى صارت المؤلفات المتحكمة في مصير أبنائنا تخضع لنفس المعايير التي يخضع لها إسناد المهام في وزارة التربية الوطنية ذلك أنه من أراد منصبا في هذه الوزارة فعليه أن يكون من حزب الوزير أو ما يقرب لهذا الحزب ولتذهب كفاءاته إلى الجحيم بعد ذلك مع مصالح أمة لا زالت تحلم بالغد الأفضل ؛ وبزوال ممارسات الحزب الحاكم التي تصطبغ بصبغته على حساب الصبغة الوطنية الشاملة لكل الأصباغ والتي تضع المصلحة العليا للبلاد فوق كل مصلحة حزبوية أو طائفية.وهذه الممارسات كان الحزب المعارض يدينها فلما أسندت إليه الأمور تبناها؛ وسيخلف بعد رحيله من أطره الكوارث ما خلفه من سبقه لتكون وزارة التربية الوطنية تحت رحمة أطر أسندت فيها الأمور إلى غير أهلها وهي في انتظار ساعة زوالها.
1 Comment
إن قضية إحداث مسالك بعد الاولى بكالوريا بالمواصفات التي جاءت في المقال يؤكد أن إصلاح المنظومة التربوية في كف عفريت. فالمستشارون في التوجيه حائرون و عاجزون على الاجابة على سيل من الاسئلة يطرحها التلاميذ حول جدوى هذه المسالك و أفاقها. و لم يتم لحد الساعة اي لقاء في الموضوع و تبقى الحيرة هي سيدة الموقف الى إشعار أخر. و ما قيل حول مسلكي الآداب و العلوم الانسانية ينطبق على مسلكي الكمياء و علوم الحياة والارض. وتوجهات الخريطة المدرسية « السيئة الدكر » تتجه لدمج هذه المسالك ضدا على القرار و توزيعهم في حصة واحدة فقط ليبقى التساؤل المشروع .ما الفائدة من هذا التقسيم ؟ ام أن التخطيط الاستراتيجي هو شعار للاستهلاك فقط ؟ فبعض التلاميذ في إحدى النيابات رفضوا الادلاء برغباتهم الا بعد أن تتوضح الرؤياء و لحد الساعة لم تتضح هذه الرؤياء حتى لمن وضعوا هذه المسالك. و تساؤلي الى متى سنتبع هذه العشوائية في الاصلاح؟