هل شرب الشاي بكميات كبيرة بالمغرب ظاهرة صحية :ثقافيا و اقتصاديا؟

الشاي مشروب ذو شهرة عالمية.و له عدة منافع صحية،فهو غني بالمواد المضادة للأكسدة التي تحارب مرض السرطان و بالمواد الصغرى(oligo-éléments) كمادة الفليور التي تحافظ على الأسنان،و قد أظهرت بعض الدراسات،أن ساكنة دول شمال أفريقيا يمتلكون أسنانا في صحة جيدة نظرا لشربهم الشاي بكميات كبيرة.و من العادات السيئة الغذائية التي يمارسها المغاربة وهي شرب الشاي،بعد أخذ أكلات غذائية مرفوقة باللحم الغني بمادة الحديد،هذا الأخير يدخل في تنافسية مع الفليور،بحيث كل واحد لا يترك الآخر،يمتص داخل الأمعاء،مما يجعل الجسم لا يستفيد منهما بالشكل الكافي.و يعتبر الشاي غنيا بمادة « théine » ،المنشطة للقلب و الشرايين.
هذا من الجانب الصحي،أما ما يهمنا في هذا المجال،فهو الحديث عن ظاهرة شرب الشاي بالمغرب،حيث يتبجح المغاربة بتعاطيهم لشربه،و يعتبرون الطقوس المواكبة له،شأنا ثقافيا على المغاربة الحفاظ عليه،فهل استهلاك منتوج أجنبي،و إدخاله ضمن ثقافتنا ظاهرة صحية؟لماذا لا ينتج محليا لخلق أمننا الغذائي؟هل مخطط الأخضر الهادف إلى تطوير الفلاحة،أعطى أولوية لزراعة الشاي؟أية رهانات دولية لسوقه؟
لقد كان الشاي ،مخصصا للطبقة الأرستقراطية ،منذ القرن السادس عشر،لينتقل بعد ذلك إلى مشروب شعبي.و لهذا السبب وعت الدولة المغربية ألإقبال عليه،مما جعلها تخلق جهازا حكوميا و هو » المكتب الوطني للشاي و السكر » الذي يسهر على استيراده،و توفير هذه المادة،بمختلف الأسواق المغربية.
أما بعد تحرير القطاع،فقد عرف استيراده عشوائية كبيرة،من خلال بروز حوالي 300 منتوج في الأسواق،زيادة على منتوجات تدخل عبر التراب الجزائري ،و أكثر من 50 موردا. و يستهلك المغربي معدل 02 كيلوغرام للشخص الواحد، لهذا يستورد المغرب حوالي 60.000 طن سنويا، بعملة صعبة تقدر 140 مليون أورو.
وقد ارتفع مؤخرا ثمن الشاي في السوق الدولي نظرا للأسباب التالية:
1- تحسن مستوى الدخل لدى المواطن في الصين و الهند نتيجة نسبة النمو المرتفعة لدى هاتين الدولتين الناميتين،و يستهلك المواطن الهندي معدل 0.53 كيلوغرام في السنة،و المواطن الصيني 0.63 كيلوغرام سنويا.و يراهن البلدان على أن يصل مواطنو بلديهما في السنوات القادمة إلى كيلوغرام واحد من استهلاك مادة الشاي سنويا.
2- توالي الجفاف في السنوات القليلة الماضية في دول جنوب شرق آسيا المنتجة للشاي خاصة الصين و الفيتنام،مما قلص نسبة الحقول المزروعة،و بالتالي أثر على ارتفاع نسبة الطلب.
هكذا أضحى المغاربة بتعاطيهم لشرب الشاي بنسب مرتفعة،رهيني تقلبات السوق الدولية،مع العلم أنهم لا يدافعون عن أمنهم الغذائي،رغم المحاولات المحتشمة التي بدأت في نهاية السبعينات من القرن الماضي،من خلال تجربة وزارة الفلاحة التي خصصت 43 هكتار لزراعة الشاي قرب العرائش.
كم هو جميل أن ننتج قيما ثقافية،تساهم في إنتاج الثروات،أما ثقافة شرب الشاي،فيبدو أنها تستنزف العملة الصعبة،و تستنزف جيوب عاطلينا الذين ما انفكوا يملئون مقاهينا.و لعلم الجميع فإن ثمن المنتوج الصيني سيزيد ارتفاعا في السنوات القليلة القادمة.فهل فكرتم مليا يا أصحاب أتاي……..بلادي !!!!!!
رشيد حمزاوي
Aucun commentaire