اسم مستعار

صفعة قوية …جسم نحيف…وجه كهربائي محنط.
– تكلم…قل الحقيقة…أين يوجد الشعب؟ لأي شيء يهيء؟ ما هي الأحاديث التي دارت بينكما؟ ما هي المهمة التي كلفت بها؟….
– تكلم…
وتهوي يد الإنسان / الجلاد من جديد على الوجه الأصفر، فينزف قليل مما تبقى من دم الشرايين الضائعة..
– أنا…
– قل سيدي … هيا تكلم.
– سيدي الشعب يسكن دوار الاستقلال بفاس ، كريان بنمسيك بالبيضاء…و…
– في أي مكان بالضبط؟ رقم البيت، هيا…
– ولكن… إنه يسكن كل تلك البيوت ، كل تلك الأحياء، كل تلك المدن الصفيحية ، كل تلك القرى البعيدة.
– ( لطمة أخرى) عدت للهراء والمراوغة، أنا أتحدث عن صديقك الذي يقبع معك في مدخل الحي.
– ولكن …أنا ليس لي صديق اسمه الشعب…
– إذن فهو منظمة تخريبية ؟….

ويطول التحقيق في زمن تعتبر تهمة" الشعب" و"الجماهير" بل و"الفقر" أو "الكدح" جريمة يعاقب عليها القانون بكل فصوله الثلاثينية حتى خروقاته الثمانينية .

في الدقائق الأولى من صباح يوم من أيام يونيو ، وبعد ليلة سوداء / بيضاء من المخاض والصراخ والألم يتفجر نهر من الدماء لتضع زوجته / جماهير البيضاء مولودها السعيد، الجديد، الذي يأبى التبول قبل اليوم الثالث من ميلاده…فيكون الانفجار والصراخ والدم المصحوب بتبوله – وهو الرضيع – ممتزجا ومرتبطا بيوم شهيد من تاريخ شعبه عفوا جماهيره البيضاوية العنيدة.

وتتوالى السنون ، ويأبى الشاب / الوليد إلا الاحتفال بعيد ميلاده…ويتلقى الأب النبأ في منفاه السحيق بين رفاق له من درب طويل …فتأتي الفرحة / المشاركة لحظة استحضار فترة من زمان مضى، ويشارك الأب طفله الشاب العنيد في حفله بعيد ازدياده السعيد.

من منفاه السحيق… من زنزانته التاسعة بعد المائة والأرعين ، يشارك ابنه برسالة – وصية تحملها ريح الفجر المشرق غلى مكان الإبن الشريد…

المكان : زنزانة.
الزمان : 18-19-20 يونيو من كل سنوات التاريخ المقبل .

في زمن الوصل، بين المد والجزر
يكتب للحرف بقاؤه…استمراره…ديمومته.
وهذا قلمي يخط

في ليلة قمراء بين يدي حجاج الحمراء
أن للتاريخ صيرورته وللشعب كلمته
فاشهد…
إنا ههنا قائمون…دائمون…مستمرون…

أي بني
أنين كل أبناء هذا الوطن المغتصبة بكارته أحملك
على دم جرح من يوم ميلادك بالبيضاء أاتمنك
فلا تصغر ولا تنثني
فأنت ابن أبناء هذا الوطن.

أي بني
قد ترغب يوما في التأريخ ليوم ازديادك
قد تحلم يوما بالاحتفال بعيد ميلادك
فلا تنير الشموع فرحة
بل توقف دقيقة صمت ترحما
عفوا تيمنا بشهداء يوم ميلادك

أي بني
قد تسأل يوما عن اسمك…عن نسبك…
فأنت ابن تاريخ طويل …مجيد…
يمتد من عبد الكريم…
فالمهدي
العمرين
سعيدة
واللائحة تطول…

أي بني
فلا تصغر ولا تنثني
إنك ابن أبناء هذا الوطن.

طنجة في 30 نونبر 1982

محمد أبوضمير