تـربيـة الابنـاء … وتـحديـات الـعـصـر .

الأبناء هم حديث اليوم وحديث كل يوم …بل هم حديث الإنسان ومحل اهتمامه منذ أوجده الله تعالى في الحياة ، يتمنى صلاحهم ويدعو الله أن يحقق له فيهم ما يريد ..وكلما بلغ الإنسان قدرا من النضج أدرك قيمة نعمة أبنائه وطلب من الله إصلاحهم لقوله تعالى : ( حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال ربي أوزعني أن اشكر نعمتك التي أنعمت لها علي وعلى والدي وان اعمل صالحا ترضاه وأصلح لي ذريتي إني تبت إليك واني من المسلمين ) سورة الاحقاف آية 15 .
وفي المقابل توجد صورة مفزعة لنمط من الأبناء يسيء إلى الآباء ويضيق بالتوجيه ، ويجحد فضل الوالدين ، وينكر قيم الدين والإيمان فكان قوله تعالى : ( والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن اخرج وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله ويلك امن ان وعد الله حق فيقول ماهذا إلا أساطير الأولين ) سورة الاحقاف اية17 .
ومع هذا التأثير للأبناء على إسعاد الآباء أو شقائهم فان الحياة كلما تعقدت وكلما انفتحت على آفاق جديدة ، كلما زادت أعباء الآباء في تربية أبنائهم وذلك لأنهم مصدر الثروة الحقيقية بالنسبة للفرد والجماعة بل إنهم الثروة التي تبقى للآباء بعد موتهم فمن بين ما ينفع الآباء بعد موتهم دعاء الولد الصالح ..ولا شك أن المسؤولية كبيرة على الآباء وخاصة وان الدور التربوي للأسرة لم يعد له ذلك التأثير القوي على الأبناء والذي يمكن أن نسميه بقصور الدور التربوي للأسرة وهذا ما جعلها تواجه في هذا العصر العديد من التحديات ومن تلك التحديات :
– غلبة الطابع المادي على تفكير الأبناء ، فلا يستطيع احد أن ينكر أن هذه الظاهرة هي سمة من سمات العصر فالتقدم المادي ينطلق بسرعة هائلة ولا يواكبه الالتزام بالقيم الإنسانية فالمطالب المادية للأبناء لا تنتهي وفي المقابل لا يجد الآباء تلك الحالة من الرضا التي كانت لدى الآباء أنفسهم وهم في نفس المرحلة العمرية لأبنائهم فالمتطلبات المادية رغم كثرتها في أيديهم نجدها لا تسعدهم بل عيونهم متطلعة على ما ليس لديهم فان ادركو مبتغاهم تطلعوا إلى غيره وهكذا …!!!
– سيطرة الأبناء على الآباء وهو عكس ما ينبغي أن تكون عليه الحال ، ولعل هذه المشكلة سببها ما يشعر به الآباء من تقصير تجاه أبنائهم فالأب مشغول طول وقته والأم كذلك لا سيما إن كانت عاملة ومن هنا يكون سلوك الآباء إلى محاولة إرضاء الأبناء كنوع من التعويض عن التقصير معهم فتكون النتيجة الاستجابة لكل طلبات الأبناء وتنفيذ متطلباتهم صوابا كان أم خطأ .
– روح التكاسل وعدم الرغبة في القراءة وتدني المستوى العلمي لكثير من الأبناء في الأسر .
وفي هذه النقطة بالذات على الأسرة دور كبير في تدعيم قيمة القراءة لدى الأطفال منذ الصغر ولا يخفى على احد منا أن للأطفال قدرة هائلة على التقليد فيجب استثمارها بمعنى أن يحرص الآباء والأمهات على القراءة وهذا للأسف ما نراه في كثير من الأسر من عزوف الوالدين عن تلك العادة النافعة وهذا ما ينعكس على الأبناء مستقبلا فوجود المكتبات في البيوت في حد ذاته تدعيما لعادة القراءة لدى الأطفال والتي يجب أن تشمل على كتب تناسب كل أعمار الأطفال مما يشجعهم على القراءة بعد أن يجدوا القدوة في الوالدين .
– صراع الأجيال واتساع الهوة بين الآباء وتفكير الأبناء وعزوف الأبناء في كثير من الأحيان من الاستفادة من خبرات جيل الكبار إذ ينظرون إلى خبراتهم على أنها لم تعد ذات قيمة في هذا العصر الذي نعيش فيه فإذا كان العالم يشهد قفزة هائلة من التقدم العلمي فهذا لم يصنعه جيل واحد فقط وإنما هو خلاصة فكر أجيال إذ يضيف كل جيل إلى جهد سابقيه وهكذا تبدو أهمية احترام ما لدى جيل الكبار من خبرات يستفيد منها فيعدلون فيها ويضيفون إليها ولكن الخطر يكمن في عزوفهم عنها ويقللوا من أهميتها .
– وفي الختام يجب أن نعلم أن الإسلام ليس منفصلا عن الحياة وذلك لان الاعتقاد بان الدين شيء والحياة شيء آخر يفضي بأبنائنا إلى حياة ليست فيها أية علامات تدل على احترامهم لشرائع الله أو إذعانهم لمشيئته لذلك يجب أن نأخذ من هذا التطور ما نريد وما يعود علينا بالنفع ونترك ما نريد فلا يجب أن تتحكم آلية التطور فينا بل علينا أن نتحكم نحن فيها ونربي أبنائنا على ذلك والمعيار في ذلك هو ميزان عقيدتنا .
1 Comment
اود من خلال هده القراءة الاولية لمقالك ان اصحح خطا-واعلم-انه مطبعي للاية الكريمة التي استشهدت بها في بداية المقال-فبدل(..التي انعمت لها علي) والصحيح هو قوله تعالى(التي انعمت علي) وشكرا.