Home»Régional»تــــراجـــيــديــا الــســيــف الــخــشــبــي الواقعية النقدية و الفنية بين مد الهزيمة و جزر الهوي

تــــراجـــيــديــا الــســيــف الــخــشــبــي الواقعية النقدية و الفنية بين مد الهزيمة و جزر الهوي

1
Shares
PinterestGoogle+

تــــراجـــيــديــا الــســيــف الــخــشــبــي
الواقعية النقدية و الفنية بين مد الهزيمة و جزر الهوية
" رحلة من المسرح النقدي … مسرح النفي و الشهادة إلى المسرح الشامل "

إن الحديث عن واقعية المسرح النقدي .. مسرح النفي و الشهادة في كتابات المرحوم محمد مسكين، ما هي في
واقع الأمر … إلا صورة حقيقية لرفض و نفي كل ما هو زيف و حقيقة مرة للواقع … لواقع الإنسان العربي … و هذه الواقعية النقدية هي تجاوز للواقع السائد … من أجل واقع حقيقي …آي ذلك الواقع الذي كان يجب عليه أن يكون… بمعنى … الواقع البديل … لكل إنسان بديل و لكل مجتمع بديل .
إذ لا بد من شهادة عل هذا الواقع من أجل تفكيكه … لنقده و تغييره عن طريق جنس من الأجناس الأدبية … ألا
و هو المسرح .

يمكننا القول … بأن الواقعية النقدية هي مسرح نفي المألوف والمسكوت عنه … و شهادة على الأزمات و
النكبات و الهزائم … و شهادة أيضا على اللحظات التاريخية … لتعرية الأحداث ، بلغة معرفية بحثة و ثاقبة … و بلغة مسرحية إبداعية … و من وجهة نظر الكاتب ، فهي وثيقة تاريخية ، ستبقى موشومة داخل النسيج التجريبي و الإبداعي في الحقل الفني المسرحي … لتنير مسار أجيال و أجيال مجتمعات … ترغب في تغيير ذواتها … و تحافظ على هويتها … و قوامها الحضاري و الثقافي و الذاتي .

و لكي نصل إلى حد الرؤية … فإن الواقعية النقدية ترتكز على عنصرين أساسيين … ألا و هما … الظاهر و
الجوهر … و صدق الحس الفني … و لأن الواقعية هي انعكاس فني للواقع . إذ لابد من مزج واقعية بواقعية … أي الواقعية النقدية و الواقعية الفنية لتكتمل الرؤية.

و لقد سبق للكاتب …عندما كانت الفكرة بحوزته …أن خطط لفكرته دراماتورجيها … من أجل البناء و التأسيس
لمسرحه و للكتابة الدراماتورجية … و إلى أبعد حد لها … لتصير متنا و حصنا إبداعيا منيعا … قد يجعل من القارئ لكتاباته و المتلقي لعرضه … إنسانا شاهدا على حقيقته … و متفهما لها … و على واقعه و مجتمعه على السواء .

الحياة مأساة … و الإنسان مأساة … و البطل التراجيدي في كتابات محمد مسكين … و التي كلها مآسي … نجده
ضعيفا في قواه … إنهزاميا و مشلولا و لا يملك العزيمة و الجرأة و لا حتى القوة لهزم ضعفه … و البطل التراجيدي … ليس فردا فقط … بل مجتمعا بقيمه … و أخلاقه … بكيانه و هويته … و بموروثه الثقافي و الحضاري .
هذا ما يظهر لنا جليا في كتابات المرحوم محمد مسكين … و مسرحية " تراجيديا السيف الخشبي " مثال على
ذلك . حيث يصير أحمد العربي فريسة لقدر غير القدر المحتوم ( القدر الإلهي ) … هو بذاته مشارك في خلقه و صنعه … فيظل يحلم بهتك حرمة الزمن و هو يحارب بالكلمة … مواجها الرياح العتية … و المليئة بالخديعة و الخيانة و الأزمات و النكبات و الهزائم … ممتطيا طاحونة الأيام و الزمن الآتي .

فالبطل التراجيدي هو مجموعة أبطال في بطل واحد … قوي بخيراته و بحضارته و بهويته … و يحلم كثيرا …
فتتلاشى قواه … ليعانق خيبة آماله و طموحاته .

فإذا كان البطل التراجيدي عند المرحوم محمد مسكين لا يجد منفذا لتواجده … و لاستقراره كبطل حقيقي في
الوجود … فنص المسرحية … يصبح بطلا حقيقيا … لأنه الشهادة الوحيدة التي تشهد على قوة و هزيمة أبطال شخصياته.
يجدر بنا الذكر لنلقي نظرة على ما يحتويه نص المسرحية … لمسار قضايا الإنسان العربي/المجتمع العربي …
هذا الأخير الذي يواكب مسيرته ، تائها في البحث عن ذاته التي فقدها و لا زال لم يسترجعها بعد .

لقد تصور الكاتب عالم تراجيديته في ديكور بسيط … تجسده عربة … تتحرك بتحرك الأحداث … و هي متجهة
نحو المجهول بدون حصان أو محرك … كسفينة بدون ربان و لكن الذي يرسم طريقها … ما هم إلا مجموعة من الممثلين الجوالين – ( التروبادور ) – هم المحرك و المقود لها … يحملون آلام و أحزان شخصياتهم … يمثلون … و يغنون و يرقصون على حبل الجنون ، و من مكان إلى مكان … يغدون … راحلون في الزمن الحديدي .

إن ما يمكن أن تشكله الرؤية الجمالية لمسرحية " تراجيديا السيف الخشبي " هو القراءة النقدية و الفنية
للواقع … أفرزته لذة النص و ذوق الشكل و جمالية التشكيل .

و إذا كان النص … بل شخصيات المسرحية تتمثل في شخصيات عدة … و كذا كل العناصر المكونة للعرض
المسرحي …فإن هذا يدل على أن هناك شمولية في التشكيل العام للعرض … و الذي يحاول فيه المخرج يحيى بودلال … أن يبرز ألوانه من خلال تشكيل لوحاته .

إنه فنان تشكيلي لا يستعمل أبدا الريشة … و لا المادة للطلاء … بل يملك المادة الخام في ذاته و في ذات النص
و يجمع بينهما ليعطينا مسرحا شاملا يجعل من المتلقي يتقبل العرض و هو يحس بواقعية فنية عندما يكون حاضرا و شاهدا و هو يتواجد في جزر القاعة يتفرج على مد العرض .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *