التتبع الصرامة والتدقيق الاداري الحلقة المفقودة في منظومتنا التربوية والحياتية

التتبع والصرامة, والتدقيق الاداري , الحلقة المفقودة في منظومتنا التربوية والحياتية
عزيز باكوش
في مناهج التدريس الحديثة, المواكبة للميثاق الوطني للتربية والتكوين "المنتهية ولايته" تستمر منهجية ما يسميه المؤلفون والناشرون ب "التتبع البعدي" أي مدى تتبع الأساتذة لمتعلميهم , ومدى جديتهم في أجرأة الدروس, وتفعيل حمولاتها ومفاهيمها بإخلاص, داخل الفصل . والتشبع بقيمها كسلوك وممارسات من طرف تلاميذهم خارجه .
وتحرص هذه المتابعات التي يدونها المؤلفون والناشرون في الصفحات الأولى أو الأخيرة , عبر تصديرات منهجية لكتبهم ومقرراتهم الدراسية التي تطبع غالبا باسبانيا أو فرنسا , أن يكون خطابها واضحا , حيث تهيب بكافة المعلمين والأساتذة إلى ضرورة مواكبة تفعيل مضامين تلك المقدمات, والعمل على أجرأة حمولاتها , وهضم التوطئات بحرص شديد , وكذا العمل على تطبيق ما تهدف إليه , فضلا عن الإعمال الفعلي لتوجيهاتها , والالتزام بالمقتضيات السالفة, كما تتوجه بنفس اللهجة , إلى التلاميذ والمتمدرسين عموما , منبهة في الوقت نفسه , على أن لا تكون نهاية تقديم الحصة , هي آخر العهد بتلك التوجيهات الأخلاقية والملاحظات المواطناتية .
بناء على ذلك ,عندما يتعلق الأمر بموضوع حساس كالتلوث البيئي,أو الحفاظ على نظافة المكان. على سبيل المثال لا الحصر ..تغرقنا هذه المقررات بسيل جارف من الأحاديث النبوية , والآيات القرآنية, وطوفان من الحكم والأمثال, والتي تدعو بوضوح تام إلى الالتزام بقيم الأجداد , بروح ثقافتهم والتقيد بتوجيهات ما غرسوه وما خصبوه , والتشبع بممارساتهم الداعية إلى حماية البيئة ,وذلك انطلاقا من مواقف ووضعيات محددة , بدء بعدم الإلقاء بالنفايات كما تفق, والمساهمة في ……حملات تحسيسية توعوية…بأهمية النظافة نفسيا وجسديا.دينيا واجتماعيا..ثقافيا وحضاريا.
لذا لك , وإمعانا في الثقة , تكون مقدمات هذه الكتب حريصة على فتح امتدادات مرتقبة للحصص المقدمة ,ككفايات داخل الفصول في مختلف الوحدات والشعب , وخارج الفصول مع الأسرة ,في البيت الشارع.والحمام….. إلى غير ذلك .
كما أن لها امتدادات أخرى في دروس مختلف المستويات الابتدائي والإعدادي….والأنشطة المختلفة ..والمناسبات .وذلك بهدف تثبيت تلك القيم في وجدان المتعلم ممارسة وسلوكا . بعد كل ذلك.
ولا تكاد تخلو حصة تربوية من نماذج وعينات تحرص على ترسيخ تلك القيم, كعادات يومية, يمتحن فيها المتمدرسون ويحصلون على نقط ايجابية خلال كل فرض أو امتحان موحد. والسؤال الذي يطرح نفسه.
كيف يتعامل تلاميذ المدارس مع مضمون تلك المقررات التي يحتكون معها كل ساعة…بل كل يوم ؟ أداء وممارسة , نتائج ومحصلات , وهل تنعكس تلك الثقافة على واقعنا الحياتي والاجتماعي صفاء ونقاوة ؟؟ ولماذا يفضل سكان الأحياء المجاورة للمؤسسات التعليمية و اوراش التشغيل السرية والعلنية فضاء المدارس والاعداديات دون غيرها من مرافق الدولة , مطرحا مفضلا لنفاياتهم المنزلية؟ ولماذا تتساهل السلطات إزاء تجريم مثل هذه السلوكيات المشينة التي ترصدها عيونها التي لا تنام ؟؟؟
لا جدل في أن الدور التقليدي للمدرسة ,هو إعداد التلاميذ كي يصبحوا مواطنين صالحين بالمعنى العام والشمولي , مواطنون يتحملون مسؤولية امتداد الحضارة والنبل والقيم النبيلة , مواطنون يعتزون بوطنيتهم.
تحويمة خفيفة حول جدران عينة من بعض مدارس فاس الابتدائية, خاصة تلك التي توجد بالحزام, حيث البؤس الاجتماعي,عنوانا , واستفحال ظاهرة التبخيس لكافة مسلكيات الحياة ,لازمة لا تفارق عيون الزوار والقاطنة على حد سواء. اذ حيث ما حل المرء أو ارتحل تصادفه معضلة تبخيس الحياة وازدراء القيم .
تتشكل الظاهرة هذه, استنادا إلى اغلب المقاربات النظرية , من تداعيات هجرة الحرمان ,وحرمان الهجرة , اذ بفعل الجفاف , وقلة المرافق ,وسياسة لا شعبية ..سادت عقودا وعقودا . واكراهات الطبيعة لسنوات مضت ..خاصة أواسط الثمانينيات والتسعينيات… هاجر جيل , فقير محروم ومتنطع ساخط عن كل شيئ من القرى المداشر الاحواز.. إلى عمق المدن.. ومراكز الحضارة..والنتيجة. بؤس.. وفقر.. وتبخيس وهجانة.. هل في الأمر انتقام ما؟
.
وادا كان أمرا ضروريا انعدام المواطنة والإحساس بالبيئة كفضاء, وتلك مفارقة لا تستوي أثناء البحث والتقصي في أسبابها..وإذا كان سكان الحزام هم من شرائح نازحة , وفدت من الاحواز المجاورة , احواز جبلت على الهواء النقي , والطبيعة الخلابة الزاهية , والصفاء والنبل والشهامة , فلماذا هذا البؤس وهذا الوسخ إذن؟؟؟؟؟؟
.
ان سلوك لتلاميذ المدارس الابتدائية لا بد إن يكون خطا فاصلا , ليس لان محافظهم تمتلئ بدروس في مادة التربية الإسلامية ,والتربية على المواطنة,فحسب وإنما آذانهم المفتوحة 24/24 , التي لا تكف عن سماع المئات الآلاف من الكلمات,والجمل,والمعاني, صباح مساء , التي تصب في مجملها إلى الإحساس بالبيئة بالنظافة والصحة والإنسان.
ما يقال عن الفضاء الخارجي , ينطبق أيضا عن الفضاء الداخلي للمؤسسات , حيث الكتابة على جدان الساحة والإدارة وداخل الأقسام ’ عبارات صريحة تخدش الحياء…تستهجن المدير وفتيات الدرس, بكلمات نابية يبقي عليها المدير إمعانا في عدم الاهتمام , ونكاية بالفاعل , وشكلا من التربية التي يراها ناجعة.. يتبع/ عزيز باكوش




2 Comments
أخي المحترم عزيز هناك شبه قطيعة بين المواد المدرَّسة في القسم و الفعل الحياتي اليومي خارجه. وكأن القيم والمثل محلها الكتاب المدرسي فقط ولا أقول القسم لأنه لايسلم من العبث.فتراه وقد تحول في دقائق إلى مزبلة عمومية وترى حيطانه وقد تحولت إلى جداريات تبز كل جداريات العالم الغربي وقاحة .وترى الذي يعجز قلمه عن كتابة جملة في الإنشاء يتحول إلى مبدع في التأليف الجداري المفقى الموزون. وترى الجميع إدارة ومربين ،وقد تجاوزهم المدى وانحل ما بينهم وبين التربية ،ضاربين الكف بالكف. أما قدامى التلاميذ الذين فرختهم هذه المؤسسات فتراهم يحنون إليها ويعودون في غفلة من الرقيب بالأسلحة البيضاء لترك بصمتهم على وجه تلميذ أو أستاذ أو…وإذا لم يجدوا فهناك تجهيزات المؤسسة /الملك العمومي الذي لا يملكه أحد. فترى الأسوار وقد شوه جمالها بالزجاج المغروس وترى الباب الرئيس وقد تحول إلى مجلة حائطية أو مرحاض وترى وترى….إلى أين نحن سائرون؟؟؟؟ليكن الله في عون الجميع.تحياتي الخالصة أيها الأستاذ المسكون بحب هذا الوطن.
متابعاتك سيدتي احتفظ بها جهة القلب
شكرا لك وسلام لبثينة
عزيز مع المودة