Home»Régional»مبادرة وطنية ووطنيون

مبادرة وطنية ووطنيون

0
Shares
PinterestGoogle+

مبادرة وطنية……. ووطنيون

د.محمد النجار

باحث في العلوم السياسية

لكل امرئ ما نوى والنية أبلغ من العمل، تلكم روحانيات وتعاليم ومبادئ إسلامية حقة. وغاية هذا التذكير التأكيد على أن النوايا و الإرادات الحسنة قوام كل عمل جاد وفعال،وإذا كانت قمة هرم السلطة والسلطان تتحلى بذلك، فالعقول المخططة والأيدي المنفذة يجب أن تكون على خط واحد وتعزف على نفس النغمة بانسجام وحرص حتى تتحقق المرامي النبيلة من كل مبادرة جماعية محلية كانت أو وطنية.

وإذا كان اللسان لا ينطق عن هوى في كل حين، فإن فساد المؤسسات والهيئات والإدارات، الذي يعكس وجوبا فساد القيمين عليها والمسؤولين عن تدبير دواليبها، ورحم الله المشمول بعفوه الملك الحسن الثاني ذي الفكر الاستراتيجي المحنك البعيد النظر حين فطن إلى معطيين أساسيين في مقامين مختلفين يتعلقان بالتنمية وارتباطها بالعنصر البشري:

المعطى الأول يتعلق باستراتيجية تشغيل تعتمد على المعيار الترابي المحلي الجهوي، ولهذا جوانب حاسمة في حصد مزايا واستثمار طاقات كل الكفاءات الوطنية لما تتصف به من غيرة وعصبية وفهم وتجاوب مع الخصوصية المحلية والجهوية، وتيسير للانخراط الفعلي والفعال في العملية التنموية المحلية منذ البداية عوض السعي وراء انتقال يتجاوز إكراهات ومعوقات تكبل عمل كل طاقة في بداية مسار مهني متعب وشاق.

المعطى الثاني يتمثل في تشبيب مراكز القرار والمسؤولية، ولا ننكر أن العملية جارية لكن ببطء شديد واتسامها ببعض الاختلالات والمظاهر الموروثة خاصة المحسوبية والتوارث بدل الكفاءة والتأهيل، وإن كانت عملية المغادرة الطوعية للوظيفة العمومية قد سرعت من وتيرتها داخل الإدارات العمومية وفي مرحلة مرتقبة داخل الجماعات المحلية والمؤسسات العمومية للدولة.

الغاية من هذه التوطئة أو التمهيد التأكيد على أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أعطى انطلاقتها وسن فلسفتها الرفيعة وتوجهاتها النيرة العاهل المغربي الملك محمد السادس قبل أشهر عدة، لم تعط ما كنا ننشده منها ونرتجيه، وكانت نتائجها جد هزيلة لاعتبارات متباينة الطبيعة والتأثير:

إغراق المبادرة في آليات وأجهزة ومسالك غير سليمة البناء وغير دقيقة الصلاحيات و المعايير والضوابط التي تحكم عملها.

إسناد عضوية اللجان والأجهزة وتكليف أشخاص لا يتوفرون على المؤهلات الموضوعية والذاتية اللازمة لإنجاح عملها.

عدم استيعاب فلسفة وأهداف المبادرة بشكل تام وكاف، مما جعل معظم المسؤولين يتعاملون معها بشكل يطبعه اللامبالاة وضعف المثابرة والحرص على تحقيق فعالية ودقة النتائج.

استغلال البعض من آمري الصرف غير النزهاء في تواطئ مع ولوبيات الفساد المالي ونهب المال العام عبر صفقات عمومية ميسرة مشبوهة.

انعدام دقة اختيار الشركاء المناسبين، خاصة على صعيد العمل الجمعوي والتطوعي، في شيوع واضح للمحسوبية والتواطؤ المكشوف ضد المصالحة العامة بين بعض الجمعيات وبعض المسؤولين.

عدم مراعاة التوازن الجغرافي والفئوي في نتوزيع المشاريع والمنح الموجهة لتصحيح اوضاع اجتماعية وإنسانية وتنموية معينة.

ومع تفادي التعميم يبقى من غير المتسرع القول أن عدة عوامل من قبيل:

سوء التوزيع وضعف التأطير وانعدام الشفافية وغياب الحس الأخلاقي

العجز عن ابتكار الحلول للمشاكل المطروحة وعدم الحرص في ترتيب الأولويات تبعا للمشاريع والبرامج المقررة

التعقيد الإداري وعدم استيعاب المفاهيم الجديدة للسلطة والإنصاف والتوازن الجهوي والتهيئة الترابية والبعد الإنساني للتنمية والاقتصاد معا.

تمازج التنموي والسياسي، واستثمار المبادرة في توجيه دفة المستقبل الانتخابي لجهات معينة عبر الاستغلال الواضح لإمكانيات وأموال عمومية في جماعات محلية معينة.

ضعف الشعور الوطني وخيبات الأمل المتكررة وانعدام الثقة في مؤسسات وهيئات الدولة ومؤسساتها.

كل هذه العوامل، وأخرى كثيرة، ساهمت في تواضع نتائج المبادرة، على صعيد عدة مدن وقرى، وإفراغها من مضمونها العميق واستمرار ارتياب المواطن خاصة الفاعل الجمعوي وفئة الشباب في جدية الدولة ومؤسساتها السياسية والدستورية خاصة الحكومة و"البر الأمان"، وذلك مصداقا للقول المأثور"إذا أسندت الأمور لغير أهلها فانتظر الساعة"، فكيف تريد الدولة أن تتبنى خطابا وتأتي بنقيضه وتنتظر في ظل إيثار "المسؤولين" المصلحة الشخصية على مصلحة الوطن، أن يكون الفرد العادي وطنيا ومواطنا صالحا.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. عزيز أباكريم
    01/03/2007 at 22:50

    بداية أود أن أشكر كم شكرا جزيلا بلا منتهى على حرصكم إيصال الحقيقة إلى المواطنين بدون زيف أو تنميق، كما أود أن أتقدم بالشكر الجزيل لسماحة الدكتور محمد النجار على ما أعطاه من عظيم وقته لقضايا المحرومين وخصوصامن قبائل آيت بعمران العزيزة، وأقول له سر إلى الأمام ونحن معك يدا بيد حتى الوصول إلى المبتغى الأسمى وهو تحقيق المصلحة العامة، كما أود أن أشكره كذلك على إرساله لي كل المواضيع الجديدة التي كتب فيها مقالا إلى بريدي الالكتروني. فشكرا لكم جميع وجزاكم الله عنا خير جزاء. وتحياتي لكل طاقم الجريدة والسلام

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *