قراءة أمريكية لأحداث سنة 2006 هزيمة فادحة أمام قوة الشعوب

قراءة أمريكية لأحداث سنة 2006 هزيمة فادحة أمام قوة الشعوب… بقلم: صباح الشرقــــــــي
لنتوقف لدقيقة ونفكر !!! كانت أمريكا تعتقد أن لها الحق وحدها المتعلق بمصيرها المبين، في أن تنتشر وتمتلك القارة التي وهبتها لنا العناية الإلهية تحت ذريعة تطوير التجربة العظمى للحريات لكنها أخطأت الصواب لأن النتائج العسكرية لعام 2006 لم تدع ذرة للشك بل لم تتوقعها حتى أمريكا، مما جعلها تتغدي رغم انفها على هزائم واضحة وجلية للعيان رغم جيشها وأسلحته المتطورة ذلك بدءا من لبنان حتى أفغانستان مرورا بالعراق.
أحدث ما ميز سنة 2006، تلك الروح الصليبية الأمريكية الغير حكيمة التي أدت إلى العصيان والتمرد بل أفسدت كل مخططاتهم الداخلية والخارجية خصوصا العسكرية، إذ تطايرت أجزاؤها بالفشل الدر يع لقوات التحالف بقيادتها في العراق كذلك هزيمتها بمساندة ربيبتها إسرائيل في لبنان وعودت طالبان رغم وجود أكثر من 22 ألف جندي تابع لقوات حلف الناتو، بل أصبح تهديد طالبان يسوق اتحادهم إلى هزيمة حتمية وحرق كل الأوراق التي تحوي أفكارهم.
لا زال الأمريكيون ماضون قدما في نشر بذورهم السامة ومصالحهم السوداء، سواء رفضت بعض الحكومات أو تبعتهم، لا يبالون لا بالحقوق ولا القوانين ولا حتى منهج استراتيجي رائدة وبعيد النظر، بل همهم الوحيد إطاعة تهافتهم حول منابع الثراء وغرائزهم النصف مبصرة ونصف عمياء التي تعمل في صدورهم وتضلل أفكارهم التي تعبد القوة والمال، وهم يسارعون في الخطى غير آبهين بالمخاطر التي قد تعترض طريقهم، ولا بتسونمي الشعوب الغاضبة وحركتها الدائبة في النضال خصوصا في الآلية النفسية التي تبعت على الشجاعة وفهم العوامل الواضحة والغامضة التي تدعو إلى ذلك بل بإيمان وازع على الجهاد و بشحنة روحانية قوية وفكر ومقدرة عالية مخلصة في ذلك كله للتمتع بالحق والشعور بالعدل وتذوق معاني الحرية الصحيحة. من خلال هذا علمنا جميعا واتبثت المقاومة الشعبية أن الزمان قد استدار على أمريكا وهزائمها المتكررة قد يكون ذلك الجانب هو اضعف ما تشتمل عليه إستراتجيتها من نقط ضعف. وما نصر الشعوب المبين إلا تمثلا كاملا بما فيه من نور، رغم شح الإمكانيات والمعدات العسكرية، اقل تصورا رشاشات كلاشنكوف، أحزمة ناسفة، عربيات مفخخة، دبابات وكمائن…اجل أصبح هذا الانتصار مضرب للأمثال خصوصا على اكبر قوة عسكرية مجهزة بمعدات وأسلحة آخر ما توصلت إليه التكنولوجية الحديثة، بمآزر نضام الاتصال والإدارة والتحكم عبر الأقمار الصناعية المعقدة، إضافة إلى ذلك أجهزة التصويب البصرية والرادارات التي تكشف حتى باطن الأرض والمكافحة الإلكترونية والقنا صين، بل آخر ما ابتكر في العالم العسكري المتقدم في القرن 20 العشرين وبداية القرن 21.
اتضحت آمال أمريكا بعيدة المنال وضيق افقها، إذ يتجلى ذلك في إنفاق ما يزيد عن تريليون دولار سنويا على جيش لم يتمكن من التصدي لمجاهدين شجعان يمتلكون أسلحة لا تتجاوز 50 دولار للواحد، شعارهم المرتبط بأعماق نفسيتهم إطلاق النيران المقاتلة والاستماتة في التضحية ثم الانسحاب، فالحقيقة واقعية وواضحة إذ من المستحيل انتصار أي قوة عسكرية على قوة شعب ولو كان أعزل، أو كان سنيا أو شيعيا أو كرديا أو غير ذلك، وان كانوا متفرقين داخل بلد واحد فعند اللحظة الحاسمة يتحدوا لمحاربة العدو و المعتدي، غالبا وفي مثل هذه الحالات يكون للجماهير ديموقراطية وقواعد ومثاليات تعتمد عليها وتكون مفتاح الغاية التي ترحل إليها بلا تدمر ولا اعتراض ولا تردد بل لا تضع أمامها أبدا كعبة السير ولا تفكر أثناء ذلك إلا فداء الوطن والكرامة بالنفس و بالغالي والنفيس وكل ما تملك.
الروح الحرة المقدامة والرغبة في الانتشار على الأرض متوارثة ليس حكرا على أمريكا، حتى العرب والمسلمون قادرون على الحصول والحفاظ على موروث هم وحريتهم في التمتع بالخيرات.
توصل عالم الأدمغة الأمريكية إلى أن رحيل دولتهم عن الشرق الأوسط ودول أخرى أصبح لزاما خلال هذا العام أو السنة المقبلة، إلا سوف يدخلون في مرحلة مخيفة كثيفة الظلام والغموض تؤدي إلى فوضى لم بعرفها العالم مسبقا، وهذه القراءة المستقبلية للسياسة الأمريكية فندها سرجي رو جوف مدير معهد الولايات المتحدة وكندا التابع لأكاديمية العلوم الروسية في تقريره ( فوضى ليس في الشرق الأوسط فحسب بل فيما هو ابعد من ذلك).
الدلائل والحجج أصبحت أقوى من التعليلات أو التوضيحات الأمريكية، اعتمادا على المصالح الوطنية ولهفتها على الحروب قد تقع في مستنقع أسوأ إذا رغبت من جديد في تحقيق مراميها و قررت مواجهة إيران عسكريا سوف يشهد المعمور اشرس حرب بسبب تصاعد سخونة الوضع حتى الغليان، اجل من الخطل أن تسعى أمريكا وراء كارثة وحشية عامة لم يسبق لها مثيل في تاريخها الدموي. إذ عليها التجرد من كل المطامع الموقوتة، ومراعاة مصالح الأمم ومصالح الحريات ولو كان ذلك التحرر صعبا اذا نظرت للمجتمعات التي أنشأتها سياستها المستغلة ونظامها المستبد فأصبحت الانتهازية والإنتفاعية أعمدة في الوسط وكل من يرفض الاستناد إليها يحرم من متعة العيش وملذات الحياة إذ أمريكا هي مقدمة الأسباب التي أدت للاضطراب الواقع في بلاد العرب اليوم ومحنة الحقوق والحريات التي تجتازها العروبة.
12/2/2007 صباح الشرقي

Aucun commentaire